تراكم الديون يقود الآف اليمنيين إلى السجون

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> تعاني شريحة واسعة من السكان بينهم موظفون حكوميون ضغوطًا مالية كبيرة بسبب كثرة الديون المتراكمة عليهم للغير، الأمر الذي جعل الآلاف منهم عرضة للسجن أو للخروج الإجباري إلى الشوارع لطلب العون المالي.

ويلجأ إدريس، وهو موظف حكومي سابق، إلى الوقوف أغلب الأيام عقب الصلوات في المساجد مرغمًا ليمد يده لجموع المصلين طالبًا تقديم العون والمساعدة المادية حتى يتسنى له الإيفاء بما عليه من ديون للغير.

يوضح إدريس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن انقطاع راتبه منذ سنوات وفشله في إيجاد عمل بديل، اضطره إلى اللجوء إلى اقتراض بعض المال ومواد غذائية ومستلزمات أخرى لسد رمقه وأسرته المكونة من أربعة أطفال، بعد أن أصبحت بسبب قساوة الظروف تعتمد بنسبة كبيرة على الديون، كغيرها من العائلات في اليمن لمواجهة متطلبات العيش.

وتقدر الأموال المتراكمة التي اقترضها ذلك الموظف الحكومي من الغير بنحو مليون و350 ألف ريال يمني، (الدولار يساوي 530 ريالًا) ومنها، كما يقول، نحو 600 ألف ريال مديونية سنة كاملة لإيجار منزل يقطنه في حي دارس شمال العاصمة، بواقع 50 ألف ريال شهريًا، بينما بقية الديون تعود بعضها إلى ملاك بقالات ومخابز وصيدليات، وبعض الجيران والأهل والأصدقاء.

وإلى جانب إدريس، يرزح آلاف اليمنيين من مختلف الشرائح والفئات منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، تحت وطأة ديون متراكمة أثقلت كاهلهم للتعامل مع الاحتياجات المعيشية والغذائية والخدمية، بعد أن تقطعت بهم السبل نتيجة تدهور الأوضاع وانقطاع الرواتب وتفشي الجوع والفقر والبطالة.

ويشكو كثير من السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى خاضعة للحوثيين من كثرة ديونهم للغير، وعجزهم عن تسديد ولو حتى الجزء اليسير منها نتيجة ظروفهم المادية الحرجة التي رافقها انعدام تام في فرص العمل وتفشي رقعة البطالة والفقر.

أجبرت قسوة الحياة الأطفال في اليمن على العمل لمساعدة عائلاتهم (إكس).

ويشير وهيب وهو موظف تربوي إلى التصاعد المستمر في أوضاع السكان المادية والنفسية والمعيشية، التي يرافقها بروز من الأزمات الجديدة والتصعيدات العسكرية، خصوصًا تلك الجارية حاليًا في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وما قد يشكله ذلك من انعكاس سلبي على المعيشة.

قضايا في المحاكم

بفعل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين، نتيجة الانقلاب والحرب، كشفت مصادر قضائية وأخرى حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود ارتفاع ملحوظ في عدد القضايا المتعلقة بالديون والمنظورة بشكل غير مسبوق أمام مختلف المحاكم والنيابات في صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين.

وتكتظ ساحات وأروقة عشرات المحاكم اليمنية في الوقت الحالي بأعداد كبيرة من المواطنين اليمنيين الذين تقدموا بشكاوى منفصلة ضد آخرين طالبين منهم إعادة أموالهم المديونة لديهم، في حين تواصل عديد من تلك المؤسسات القضائية البت فيما أمكن من تلك القضايا. وفقًا للمصادر ذاتها.

وشكت أم مهند، وهي تقطن في حي شعبي وسط صنعاء وأم لطفلين، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار حجز زوجها منذ أكثر من شهرين منصرمين في السجن المركزي بصنعاء على خلفية شكوى تقدم بها ابن عمه يطالبه بتسديد مبلغ مالي أقرضه إياه قبل فترة وعجز عن تسديده بسبب ظروفه المادية الصعبة.

ومنذ احتجاز زوج أم مهند تعجز المرأة المغلوبة على أمرها عن توفير حتى قيمة رغيف الخبز لسد رمق أطفالها. كما تعتاش يوميًا من بعض الطعام المقدم لها من جيرانها بذات الحي الذي تقطنه بصنعاء.

وفي حين تناشد أم مهند الميسورين وفاعلي الخير لمساعدة زوجها لتسديد ما عليه من ديون، كانت تقارير حقوقية كشفت على مدى سنوات ماضية عن احتجاز المئات من اليمنيين بشكل يومي في سجون صنعاء ومدن أخرى، بسبب عجزهم عن سداد الديون للغير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى