الفتوحات الإسلامية

>
الفتوحات في عهد الدولة الأموية

ويعتبر النشاط الحرب خلال العصر الأموي من الصفحات المشرقة في تاريخ الأمويين، وعملا من أعمال البطولة والمجد تحسب لدولتهم، وتعطي لها أهمية بالغة، ومكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي، بل نكاد نقول: إن الأعمال الحربية التي خاضها القادة العظام في عصر الخلافة الأموية -سواء أكانوا من البيت الأموي "كمحمد بن مروان، وابنه مروان، ومسلمة بن عبد الملك" أم من غير الأمويين "كعقبة بن نافع، وموسى بن نصير، ومولاه طارق بن زياد، وقتيبة بن مسلم" ومحمد بن القاسم، وغيرهم"- تعد علامة بارزة في الفن العسكري العالمي، فلقد حقق هؤلاء القادة المجاهدون ما يشبه الخوارق بمقياس عصرهم، إذ تمكنوا - من خلال زمن وجيز- من الانتشار في أرجاء العالم المعروف آنذاك.

وقد توزعت فتوحات الدولة الأموية على ثلاث جبهات كبرى في وقت واحد، مما يدلل على أن السياسة الحربية الفتحية كانت هي نشاط الأمويين الأساسي:

وأول هذه الجبهات: "بيزنطة" باعتبارها مركز القوة الرئيسية التي كانت ولا تزال في موقف التهديد المباشر لبلاد الإسلام في المجالين البري والبحري على السواء.

وثانيهما: في اتجاه الشمال الإفريقي "بلاد المغرب"، وهو ميدان بيزنطي أيضا في صبغته الرسمية، وإن تجرد من القدرة على التهديد المباشر للنفوذ الإسلامي، وتميز بوجود عامل جديد مؤثر، هو العامل المحلي المتمثل في "البربر" سكان البلاد الأصليين.. وانطلاقا من هذا الميدان امتدت جهود الفاتحين إلى "شبه جزيرة إيبيريا" "إسبانيا" وجنوب فرنسا.

أما الميدان الثالث: فكان في اتجاه الشرق: الشمالي والجنوبي، حيث مواطن الأتراك والهنود وبقايا الفرس.

أولا: الفتوحات في الشرق

تشمل الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية المناطق الواقعة شرق العراق. وقد اتسمت الأمم التي كانت تقطن تلك المناطق بالتعدد جنسًا وحضارة، وإن اتفقت جميعها في الوثنية.

وكان المسلمون حتى خلافة عثمان - رضي الله عنه - قد أتموا فتح البلاد التي تقع بين العراق ونهر "جيحون" "وهو نهر آموداريا الذي يقع -الآن- على الحدود بين تركمانستان وأزبكستان" أي كل أقاليم دولة إيران الساسانية، وتضم منطقة الجبال و "الري"، و"جرجان" و"طبرستان" و"قوهستان" و"خراسان" و"فارس" و"كرمان" و"مكران" و"سجستان". فلما استشهد عثمان - رضي الله عنه - ووقعت الفتنة تعثرت الفتوح، وخرج أهل هذه البلاد عن الطاعة، حتى إذا التأمت جماعة المسلمين أخذت الدولة الأموية تبذل جهودا بالغة لإعادة البلاد المفتوحة إلى الطاعة، وكانت مهمة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - العاجلة في الشرق فور توليه الخلافة هي تدعيم القوة الإسلامية، وإعادة توطيد أقدام المسلمين هناك، وقد نجحت الدولة الإسلامية في عهده في فتح معظم "خراسان" على يد أميرها عبيد الله بن زياد، وكان معاوية قد ولاه على البصرة والكوفة "53-59هـ"، وعمل هذا الأمير على مد حركة الفتح إلى بلاد ما وراء النهر، وغزا "بيكند" و"بخارى" من بلاد الصغد، واضطرهما إلى دفع الجزية، ثم قف راجعا إلى البصرة. ويبدو أنه أقم على عبور نهر "جيحون" إلى ما ورائه من البلاد بعد أن أسلمت خراسان قيادها للمسلمين وعز فيها الإسلام.

وقد كانت هذه الفتوحات في المنطقة الشرقية تسير في خطين:

أحدهما: شمالي إلى بلاد ما وراء النهر.

والآخر: جنوبي إلى بلاد السند.

1 - بلاد ما وراء النهر:

أطلق المسلمون اسم "بلاد ما وراء النهر" على البلاد التي يفصلها نهر "جيحون" عن "خراسان" وهي التي تقع وراءه من جهة الشرق والشمال. وتعرف الآن باسم "آسيا الوسطى" الإسلامية، وتضم خمس جمهوريات إسلامية كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي، ثم من الله عليهم فاستقلوا بعد انهياره. وهذا الجمهوريات هي الآن "أوزبكستان" و"طاجيسكتان" و"قازاخستان" و"تركمانستان" و"قرغيزيا".

وتقع بلاد "ما وراء النهر" بين نهر "جيحون" "أموداريا" جنوبا، ونهر "سيحون" "سرداريا -يقع الآن في كازاخستان" شمالا. ويطلق عليها -أحيانا- بلاد "الهياطلة" وكان أهلها وثنيين من أصول تركية، حلوا بها منذ القرن السادس الميلادي. وتتميز بوفرة المياه، لوجود نهري "جيحون" و"سيحون" وروافقدهما الكثيرة، مما ساعد على خصوبة المنطقة وكثرة الزراعة والعمارة فيها، واجتذاب السكان إليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى