صحافي إسرائيلي: من غير المعقول نشوب حرب وحشية يرفضها العالم دون صوت يعارضها في المجتمع الإسرائيلي

> «الأيام» القدس العربي :

> أيها الاصدقاء الأعزاء والأصدقاء السابقون، لقد حان الوقت للنهوض من خيبة الأمل التي لم يكن لها أي أساس من البداية. ولكن الآن، بعد نصف سنة على الاستيقاظ، حان الوقت للعودة إلى الواقع، لرؤية كل الصورة، وإعادة تشغيل بقايا الضمير والبوصلة الأخلاقية التي تم وقفها وخزنها في القبو في 7 أكتوبر، ورؤية ما حدث لنا منذ ذلك الحين، وأيضاً للفلسطينيين. لقد حان الوقت لرفع الغشاء الذي وضعتوه على العيون. لا تريدون رؤية أو معرفة ما نفعله في غزة، لأنكم قلتم إن غزة تستحق ذلك وكارثتها لم تعد تعنيكم.

لقد غضبتم، وتعرضتم للإهانة، وتفاجأتم، خفتم، صدمتم، وقمتم بالحداد في 7 أكتوبر. لقد كان هناك مبرر كامل لذلك. كانت صدمة للجميع. ولكن الاستنتاجات التي توصلتم إليها بعد الصدمة، لم تكن خاطئة ولا أساس لها فحسب، بل كانت معاكسة للاستنتاجات التي كان يجب استنتاجها من الكارثة. لا يجب الحكم على الناس أثناء الغضب، خصوصاً اليساريين الصهاينة، لكن حان الوقت للتخلي عن الصدمة والنهوض. هل اعتقدتم أن ما حدث في 7 أكتوبر يبرر كل شيء؟ لا. هل اعتقدتم أنه يجب الآن تدمير حماس بكل ثمن؟ لا. الحديث لا يدور فقط عن العدل، بل أيضاً عن الاعتراف بقيود القوة.

في نهاية المطاف، أنتم غير مجرمين وساديين مثل اليمين، وغير عنصريين ومسيحانيين مثله. اعتقدتم أن 7 أكتوبر أثبت فجأة ما قاله اليمين دائماً: لا شريك، لأن الفلسطينيين حيوانات بشرية. خمسة أشهر يجب أن تكون كافية كي تستيقظوا، ليس من ردة الفعل التلقائية فحسب، بل من الاستنتاجات أيضاً. 7 أكتوبر ما كان يجب أن يغير شيئاً في مبادئكم الأخلاقية والإنسانية. ولكنه قلبها رأساً على عقب، الأمر الذي يطرح الشك الكبير في متانة معاييركم الأخلاقية.

هجوم حماس المجرم والبربري على إسرائيل لا يغير الوضع الأساسي الذي نعيش فيه: شعب يضطهد وينكل بشعب آخر بطرق ومستويات مختلفة منذ أكثر 100 سنة. غزة لم تتغير في 7 أكتوبر: كانت مكاناً بائساً على الكرة الأرضية قبل 7 أكتوبر، وأصبحت أكثر بؤساً بعد 7 أكتوبر. مسؤولية وذنب إسرائيل عن مصير غزة لم تتغير في ذاك اليوم الفظيع. هي ليست المذنبة الوحيدة وليست المسؤولة بالكامل، لكن لها نصيباً حاسماً في مصير غزة. اليسار لا يمكنه التهرب من المسؤولية ومن الذنب في ذلك.

بعد الصدمة والغضب والحزن، حان الوقت للاستيقاظ من خيبة الأمل وإلقاء نظرة على ما فعلوه لنا، كما تأمرنا وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نفعل صبح مساء، بل على ما نفعله نحن في غزة والضفة الغربية منذ 7 أكتوبر. لا، كارثتنا لا تغفر ذلك. لا شيء في العالم يغفر ذلك. اليمين يحتفل بمعاناة الفلسطينيين ويتفاخر بذلك، ويريد المزيد. اليسار يغض النظر ويصمت بشكل مهين، وما زال في حالة إحباط، يجب إنهاء ذلك.

ما يراه العالم ويعرفه يجب أن يعرفه أيضاً على الأقل جزء مما كان هنا ذات يوم معسكر الضمير والإنسانية. لن نطيل الحديث عن دور اليسار الصهيوني في الاحتلال والأبرتهايد، ولن نذكّر بنفاقه مرة أخرى، حيث لا يمكن تخيل أن شعباً بأكمله سيغض النظر عن الأفعال الفظيعة التي يرتكبها في ساحته الخلفية، ولن يبقى معسكر سيصرخ ضدها.

من غير المعقول أن حرباً وحشية تحدث دون أي معارضة في المجتمع الإسرائيلي. اليسار الصهيوني الذي أراد دائماً أن يكون متصالحاً مع نفسه، ويعتقد أنه متنور وديمقراطي وليبرالي، عليه أن يتذكر بأنه سيسأل نفسه أو سيُسأل ذات يوم: أين كنتم عندما حدث كل ذلك؟ هل كنتم في حالة إحباط؟

يجب أن ينتهي الإحباط وبسرعة، لأن الوقت أصبح متأخراً، متأخراً جداً.

جدعون ليفي

هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى