حرب السفن تعيد ملف الطرق المغلقة في اليمن إلى الواجهة

> «الأيام» العربي الجديد:

>
في ظل تصاعد حرب السفن نشطت مبادرات ووساطات محلية تعمل في أكثر من اتجاه لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف في اليمن لفتح الطرق التي تسببت بتفاقم معاناة اليمنيين إلى مستويات تفوق قدرات الكثير على تحملها.

يرصد "العربي الجديد" ما يعيشه اليمن في الأسابيع الأخيرة، بفضل جهود العمل الدؤوب للمجتمع المدني اليمني والوسطاء المحليين، إذ شهدت البلاد تجدداً في الاهتمام بضرورة فتح الطرق التي تم إغلاقها خلال النِّزاع بالتزامن مع اندلاع حرب السفن في البحر الأحمر.

وأتى فتح طريق حيفان في محافظة تعز كخطوة أولى لحلحلة أهم الطرق المغلقة في هذا الملف، في حين يرى كثيرون أن فتح طرق أخرى في محافظة تعز لا يجب أن تكون معابر هامشية كما جرى قبل أيام بفتح طريق في شارع الخمسين الفرعي المؤدي إلى مدينة تعز مع بقاء الطريق الرئيسي مغلق من جهة منطقة "الحوبان" شرقي المحافظة.

الناشط الاجتماعي، أشرف الصوفي، يشدد في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أهمية أن يكون هذا الحراك الحاصل بداية لتوافق الأطراف المعنية على فتح طريق "الحوبان" الذي يعتبر من أهم المعابر المغلقة في اليمن حيث تسبب بمعاناة تفوق الوصف، وفق تعبيره، لعدد كبير من الموطنين الذي يمثل لهم هذا الطريق شريان مهم في أعمالهم وحياتهم المعيشية اليومية.

ولفت الصوفي إلى أن "الحرب الداخلية وإغلاق الطرق أدت إلى استخدام طريق فرعي شديد الوعورة تستغرق فيه الرحلة أكثر من 5 ساعات بعد كانت لا تتجاوز 15 دقيقة من جهة الحوبان إلى مدينة تعز".

وتضاعفت تكاليف نقل البضائع من عدن إلى تعز باستخدام طريق "عدن - الراهدة" البالغ طوله 128 كيلومتراً منذ بداية الحرب، حيث توجب على البضائع التي تنتقل من عدن إلى المناطق الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون عبر تعز أن تمرّ من خلال طرق جبلية لم تتم صيانتها بشكل جيد إلى جنوب تعز ومن ثم الطريق البديل إلى الحوبان.

كذلك بادرت السلطة المحلية بمحافظة مأرب، شرقي صنعاء، في 22 فبراير/ شباط، بالإعلان عن فتح الطريق الرابط بين مأرب وصنعاء عبر فرضة نهم من جانب واحد، إذ أكد محافظ محافظة مأرب في الحكومة اليمنية سلطان العرادة على أهمية فتح جميع الطرق في كافة المدن، بما فيها الطرق المؤدية إلى مدينة تعز، لما تمثله اليوم من ضرورة ملحة، خاصة في ظل المعاناة الكبيرة للمواطن اليمني في السفر عبر الطرق البديلة. كما شهدت محافظة أبين جنوب اليمن وساطة محلية لفتح طريق "عقبة ثره" الواصل بين مناطق في محافظتي أبين والبيضاء.

السلطة المحلية في مأرب أكدت كذلك استعدادها لفتح الطرق الأخرى (مأرب - البيضاء - صنعاء) وطريق (مأرب - صرواح - صنعاء) من جانب واحد.

في حين أعلنت سلطة صنعاء بحسب توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، للجهات العسكرية والسلطة المحلية بالبدء بالترتيبات اللازمة لفتح طريق (صنعاء - صرواح - مأرب)، وطريق (البيضاء - مراد - مأرب).

ويأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه الحوثيون وشخصيات اجتماعية في لجنة وساطة محلية لفتح طريق الضالع الرابط بين صنعاء وعدن قوات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بإفشال وساطة فتح هذا الطريق الحيوي والاستراتيجي.

بالمقابل، يدعو مواطنون إلى أهمية النظر في هذا الحراك المتواصل لطريق الجوف باتجاه معبر "الوديعة" الحدودي في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن مع السعودية، إذ يقول المواطن وائل إسحاق لـ"العربي الجديد" إن هذا الطريق يمثل كابوساً للكثير من المواطنين الذين يضطرون لاستخدامه وقطع مسافات طويلة تصل إلى أكثر من 10 ساعات، خصوصاً من محافظات شمال ووسط اليمن.

من جانبه، يوضح عامل في مجال النقل، ماهر الربيعي، لـ"العربي الجديد"، أن هذا الطريق، طريق "الجوف - العبر" محفوف بالمخاطر بسبب قطع الطرق الرئيسية، إذ يضطر كثير من المواطنين، بالذات الذين يتوجهون إلى السعودية لتأدية العمرة، لاجتيازه، في مغامرة قد لا يسلم منها البعض، كالتجار أيضاً وسائقي شاحنات نقل البضائع الذين يتكبدون خسائر فادحة بسبب تلف البضائع مع طول المسافة ووعورة الطريق وخطورته كونه طريقاً صحراوياً حيث تكثر فيه نقاط الجبايات التي تتبع مختلف السلطات.

ويذكر البنك الدولي أن أسعار النقل داخل المدن زادت بمتوسط 12 - 14% خلال الحرب، وبالتالي تنتقل هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين.

ويتابع المبعوث الأممي إلى اليمن، السويدي هانس غروندبرغ، وفق تأكيدات مصادر مطلعة، باهتمام كبير جهود الوساطة المحلية وتجدد الاهتمام بملف الطرق الذي يظل أولوية للجهود الأممية لدعم حرية حركة الأشخاص والبضائع عبر اليمن.

وحسب المبعوث الأممي: "لا يزال هناك المزيد مما يتعين القيام به لمنع وقوع الحوادث وتحسين التنسيق بين الأطراف، إذ حث الأطراف على إعطاء الأولوية للمصلحة الجمعية لليمنيين في مقابل المكاسب الضيقة، واغتنام هذه الفرصة لتلبية توقعات الشعب اليمني بشأن فتح الطرق الرئيسية بشكل مستدام في جميع أنحاء اليمن".

منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المنصرم، قامت جماعة الحوثي باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وردًا على ذلك، وجّهت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة منذ شهر يناير/ كانون الثاني ضربات إلى أهداف عسكرية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وتواصلت محاولات الوساطة الأممية في اليمن رغم حرب السفن، حيث يزداد احتمال تغيير أطراف النزاع في اليمن حساباتها وأجنداتها التفاوضية، وهو الأمر الذي ساهم في تنشيط مبادرات فتح الطرق المغلقة وملفات أخرى عالقة، حسب مراقبين.

ويعيش جزء كبير من سكان اليمن في مناطق وعرة في المرتفعات الغربية والوسطى التي تنتج الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعي والتي يحدث فيها معظم النشاط الاقتصادي حيث تتركز أكبر الأسواق ومراكز التصنيع والمراكز التجارية في البلاد في نفس المناطق، لكن ينتشر معظم السكان المحليين فيها عبر آلاف القرى والتجمعات الريفية الصغيرة، حيث يؤدي ضعف الوصول إلى الطرق إلى تقييد تدفق البضائع وحركة الأشخاص، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة.

الباحث الاقتصادي علي قايد، يشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ حلّ مشكلة الطرق وفتح المعابر المغلقة أمام اليمنيين سيمثل أكبر اختراق في ملف أزمة الصراع في اليمن وإحلال السلام في البلاد إلى جانب موضوع إنهاء الانقسام وصرف رواتب الموظفين، مشيراً إلى أن عملية الوصول إلى الأسواق الدولية والمحلية بالغة التعقيد، بسبب قطع الطرق وتعقيد سلسلة التوريد، وترك مئات الآلاف من اليمنيين يعانون حصاراً جزئياً في المدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى