تقرير بريطاني: الحوثيون تجاوزوا مرحلة التبعية لإيران

> «الأيام» بي بي سي:

> توترات عدة عاشتها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، على مدى الأشهر التي أعقبت هجوم السابع من أكتوبر الماضي، الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، وما تلاه من حرب في قطاع غزة.

وقد عززت تلك التوترات المخاوف من انتشار رقعة الحرب عبر الشرق الأوسط.

لم تكن الجيوش النظامية لأي من البلدان العربية السابقة طرفًا في تلك التوترات، بل ارتبط الأمر بميليشيات وجماعات مسلحة مقربة من إيران صدرت عنها تصريحات تدعم الفلسطينيين في غزة، أو تهدد بمهاجمة أهداف إسرائيلية أو أمريكية للضغط من أجل إنهاء الحرب.

وقد أثارت هذه التطورات تساؤلات حول تفاصيل طبيعة العلاقة بين إيران وتلك الجماعات. فبينما يرى البعض أن طهران فقدت "السيطرة" على تلك الفصائل، يؤكد فريق ثانٍ على أن نفوذ طهران الهائل لدى تلك الفصائل لم يتقلص، في حين يقول فريق ثالث إن تلك الجماعات، رغم الدعم المادي والعسكري الإيراني لها، ورغم ما يجمع الطرفين من مصالح استراتيجية وأيديولوجية مشتركة، تتمتع بقدر من الاستقلالية.

تقول باربرا سلافين، الزميلة بمعهد ستيمسون البحثي والتي لها العديد من المؤلفات والأبحاث عن إيران والشرق الأوسط، إن "أهداف إيران دفاعية بالأساس، فهي ترغب في أن يكون لها عمق استراتيجي وأن تدافع عن نظامها ضد التدخل الأجنبي، وأن تكون لها كلمة في القرارات الإقليمية وتمنع أو تقلل أي إجراءات تسير في اتجاه معاكس للمصالح الإيرانية".

وتضيف سلافين أنه "لتحقيق هذا الهدف، تمارس إيران نفوذها بثلاث طرق رئيسية: من خلال علاقاتها مع رجال الدين الشيعة، وتقديم المساعدات المالية لأغراض إنسانية وسياسية، وتقديم الأسلحة والتدريب للجماعات المسلحة".

ورغم العلاقات القوية بين إيران والحوثيين، وتعزيز طهران لقدراتهم العسكرية التي تشمل صواريخ بالستية وصواريخ مضادة للسفن ومُسيّرات، يلفت مراقبون إلى اختلاف تلك العلاقات مع العلاقات الإيرانية بحزب الله على سبيل المثال، نظرًا لوجود اختلاف مذهبي، ونظرًا لأن الحوثيين في رأيهم لا يسعون إلى لعب دور إقليمي، بل يركزون على وضعهم الداخلي.

يقول جيرمي بوين، محرر الشؤون السياسية في بي بي سي، والذي أمضى فترة لا بأس بها مع الحوثيين في اليمن، إنه "من الأفضل أن ننظر إليهم على أنهم حلفاء وليس وكلاء لإيران".

يصف بوين الحوثيين بأنهم "أشخاص ذوو عقلية مستقلة إلى درجة كبيرة، يتلذذون بالدخول في صراع مع الأمريكيين، ويريدون أن يكونوا جزءًا من هذه الحرب [في غزة]".

وبالفعل، أصبح الحوثيون جزءًا من الحرب، إذ شنوا عشرات الهجمات بالصواريخ والمسيرات على سفن تجارية وعسكرية غربية منذ منتصف نوفمبر الماضي، قائلين إن الهجمات تهدف إلى دعم الفلسطينيين. وأدت تلك الهجمات إلى عرقلة حركة الشحن في مياه البحر الأحمر وقناة السويس، ودفعت بعض الشركات إلى إعادة توجيه سفنها وحاوياتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأكثر طولًا وتكلفة.

وقد ردت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن هجمات الشهر الماضي على أهداف للحوثيين في مناطق خاضعة لسيطرتهم في غرب اليمن.

وتقول باربرا سلافين إن العلاقة بين إيران وجماعة أنصار الله "معقدة هي الأخرى. فالحوثيون يستمتعون بكونهم أكبر داعمين للفلسطينيين في العالم العربي، وبمواجهتهم لأمريكا وبريطانيا. ويستخدمون أسلحة إيرانية، لكنهم لا يطلبون الإذن من طهران في كل مرة يطلقون فيها النار على سفينة في مياه البحر الأحمر. هناك رؤى وأهداف مشتركة بين الحوثيين وزعماء إيران، لكن تركيز الحوثيين على السيطرة على المزيد من الأراضي اليمنية أكبر من تركيزهم على تحرير فلسطين".

ويرى محللون أن اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي ينسب إليه الفضل في تأسيس "محور المقاومة" وإدارته، أثر كثيرًا على قدرة إيران التنسيقية والتعبوية مع ميليشيات المحور عبر منطقة الشرق الأوسط. فقد كان لسليماني صلات وعلاقات وطيدة بتلك الميليشيات وخبرة كبيرة بالمنطقة.

تقول سلافين: "أخبرني إيرانيون بأن التنسيق بين أعضاء محور المقاومة كان أقوى عندما كان قاسم سليماني حيًا، ويبدو ذلك أمرًا معقولًا لي، نظرًا لأن سليماني كان يتحدث العربية بطلاقة، وهو بالأساس من شكّل المحور. خليفته [إسماعيل قاآني] خبير بشؤون أفغانستان أكثر من خبرته بالعالم العربي. ويعني ذلك أن أعضاء المحور قد يتصرفون باستقلالية أكبر، ويصبح من الصعب على أي جهة أن تسيطر عليهم".

وقد نقل موقع بوليتيكو الإخباري عن مسؤولين أمريكيين مطلعين أن تقديرات الاستخبارات الأمريكية تشير إلى أن "طهران لا تسيطر بشكل كامل على الجماعات الموالية لها في الشرق الأوسط".

لكن مايكل نايتس يرى أن كل ميليشيا أو جماعة "تربطها علاقة مختلفة قليلًا بفيلق القدس، ولا يستطيع أي منها التصرف بشكل مستقل بطرق تؤدي إلى الإضرار بأمن إيران. كافة الجماعات تدرك ما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفعله. إيران لها أهداف أيديولوجية وميثاق دفاعي مشترك مع أعضاء محور المقاومة، ومن ثم فإنه من النادر جدًا أن تختلف المصالح الإيرانية مع مصالح حزب الله أو الميليشيات العراقية أو الحوثيين".

رغم اختلاف الآراء حول مدى نفوذ إيران لدى الميليشيات الموالية لها أو المتحالفة معها في الشرق الأوسط، يوجد شبه إجماع على أنها لا تريد توسيع نطاق الحرب أو الدخول في صراع مباشر مع الولايات المتحدة وإسرائيل – وهو ما أكدته طهران في أكثر من مناسبة. لكنها في الوقت ذاته قد تجد صعوبة في إثناء فصائل "محور المقاومة" عن شن هجمات ضد أمريكا أو إسرائيل، لأن ذلك من شأنه التعارض مع مواقفها المعلنة ومع مفهوم "المقاومة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى