​الإمام مسلم

> >مؤلفات الإمام مسلم
لا شك أن عالماً كالإمام مسلم له مؤلفات كثيرة، منها ما وجدها العلماء ومنها ما فقدوها، ومن هذه المؤلفات: صحيح مسلم، والذي يعدّ أشهر كتبه، وكتاب المنفردات والوُحْدان الذي حقق فيه مسألة تفرّد رواية رجل عن رجلٍ آخر في الحديث، وكتاب الأقران، وكتاب التمييز، وكتاب العلل، وكتاب الأفراد، وكتاب سؤالاته أحمد بن حنبل، وكتاب مشايخ مالك، وكتاب مشايخ الثوري، وكتاب عمرو بن شعيب، وكتاب المُخَضْرمين، وكتاب الانتفاع بأُهُبِ السِّباع، وكتاب مشايخ شعبة، وكتاب من ليس له إلا راوٍ واحد، وكتاب أولاد الصحابة، وكتاب الطبقات، وكتاب أوهام المحدّثين، وكتاب أفراد الشاميّين، وغيرها الكثير.

ويعد صحيح مسلم من أصح كتب الحديث بعد صحيح الإمام البخاري، وبه عُرف الإمام مسلم وبه اشتُهر، بدأ بتأليف هذا الكتاب وعمره تسعة وعشرين عاماً ببلدة نيسابور، وذلك بعد أن قابل العلماء هناك وأخذ عنهم، واستغرق منه خمسة عشر عاماً حتى أنهاه، وذلك سنة مئتين وخمس للهجرة، وسمّاه (المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وأحاديث كتابه هي أحاديث مستقاة من بين ثلاثمئة ألف حديث سمعها من شيوخه أثناء تنقّله بين البلدان، وخَلَصَ إلى ثلاثة آلاف وثلاثةٍ وثلاثين حديثاً منها من غير تكرار، ويصل عدد الأحاديث مع تكرارها في الأبواب المختلفة إلى سبعة آلاف وثلاثمئة وخمسة وتسعين حديثاً، إضافةً إلى عشرة أحاديث ذكرها في مقدمة كتابه.

قام الإمام مسلم بترتيب الأحاديث التي انتقاها على شكل أبواب حتى تكون سهلة البحث والتناول، وسهَّل لطلاب العلم النظر في الأحاديث ذات الوجوه المتعدّدة، وقام ببيان أسانيدها ومتونها بأن جعل لكل حديثٍ موضعاً واحداً جمع فيه طرق الحديث وأسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، وقد تلقّت الأمة هذا الكتاب بالقبول، وقرنته بصحيح البخاري، واعتبروا أحاديث البخاري أفضل من حيث الصحة، وصحيح مسلم أفضل لطلاب العلم من حيث السهولة واليسر،وقد سمّى كتابه بالصحيح لأنه لم يحتوي إلا على الأحاديث الصحيحة، واستثنى غيرها من الحسن أو الضعيف، والحديث الصحيح هو ما رواه عدلٌ* ضابطٌ* عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذٍ ولا علّةٍ*، وقد ظهر اهتمام العلماء بصحيح مسلم بأشكال عدّة منها:

*وضع الشروحات: كالمنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي، وإكمال العلم لمحمد بن خليفة المعروف بالأبي، وإكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض.

*العناية برجال صحيحه: فقد صنّف الكثير من العلماء الكتب في هذا السياق؛ ككتاب رجال صحيح الإمام مسلم لابن منجويه الأصبهاني، وتسمية رجال صحيح مسلم الذين انفرد بهم عن البخاري للذهبي، ورجال مسلم بن الحجاج لابن شبرين الأنصاري.

*وضع المختصرات: وهي مختصرات حُذفت منها الأسانيد والأحاديث المكرّرة؛ كالجامع المعلم بمقاصد جامع مسلم للمنذري، ومختصر صحيح مسلم للقرطبي.

*الجمع بين الصحيحين (البخاري ومسلم): فقد قام بعض العلماء بالجمع بين الصحيحين في كتابٍ واحدٍ ككتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي، وكتاب الجمع بين الصحيحين للجوزقي، وكتاب الجمع بين الصحيحين للبغوي.

*وضع المستخرجات: بمعنى تصنيف كتب تحتوي الأحاديث نفسها المذكورة في صحيح مسلم لكن بأسانيد مختلفة، وهي أسانيد صاحب المستخرج عن شيوخه، مثل: مستخرج أبي عوانة، ومستخرج الحيري، ومستخرج أبي حامد الهروي.

* وضع المستدركات: وهي كتب تم فيها وضع الأحاديث التي تصحّ على شرط مسلم ولم يذكرها في صحيحه، ومعلومٌ أن صحيحه مختصر لم يشمل جميع الأحاديث الصحيحة، ومن هذه المستدركات المستدرك على الصحيحين للهروي، وكتاب الإلزامات للدارقطني، وكتاب المستدرك للحاكم النيسابوري، ومعظم المستدركات كانت على الصحيحين وليس فقط على صحيح مسلم.

*الترقيم والفهرسة: رقّم العالم محمد فؤاد عبد الباقي* كتب وموضوعات صحيح مسلم حتى وصلت أربعة وخمسين كتاباً؛ تبدأ بكتاب الإيمان، وتنتهي بكتاب التفسير، ويندرج تحت كل كتاب أبواب عدة، وجعل فهرسه في مجلد ألحقه بالصحيح، وهو مما ساهم في تيسير التعامل مع الصحيح وخاصة لطلاب العلم.

*سِمات صحيح مسلم
ليس غريباً أن كتاباً كصحيح الإمام مسلم قد امتاز بأمورٍ عديدةٍ جعلته ينتشر في الآفاق وعبر العصور، منها: تحرّي الإمام مسلم وتشدّده في الشيوخ: فلم ينقل عن أيّ راوٍ إلا بعد التأكد من عدالته وقوة حفظه وعدم غفلته.
قوة شرط الإمام في قبول الحديث: حيث اشترط أن يكون الحديث متّصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالماً من الشذوذ والعلة.

عَرْض الإمام مسلم صحيحه على علماء ومشايخ عصره: حيث عرض الإمام مسلم كتابه على العلماء المحدّثين كأمثال أبي زرعة الرازي، إلى أن شهدوا له بحسن كتابه وصحة الأحاديث التي حواها.

كثرة مراجعة الإمام مسلم لصحيحه: حيث كان يتعاهد كتابه، ويتأكّد من سلامة الأحاديث من أيّ علةٍ تقدح فيه، فقد أفنى سنيناً من عمره في تأليفه.
انتقاء الأحاديث من بين آلاف الأحاديث: ذلك من خلال التأنّي والصبر في التأليف، حيث انتقى أحاديثه من بين آلاف الأحاديث.

من أوائل الكُتب التي أُلِّفت في الصحيح: حيث إنّ الإمام مسلم هو ثاني من ألّف في الصحيح بعد الإمام البخاري رحمه الله.
جودة التأليف: وذلك بحسن ترتيب الكتاب وجودة تنسيقه، والتحرّي في الرواية والاحتياط والتدقيق.

*وفاة الإمام مسلم كانت قصّة
وفاة الإمام مسلم غريبة ودالة على مدى اهتمامه بالعلم، فيذكر في وفاته وسببها ما يأتي:
وفاته: توفي الإمام مسلم في الخامس والعشرين من رجب عشية يوم الأحد، سنة مئتين وإحدى وستين للهجرة، عن عمرٍ يناهز خمساً وخمسين سنة.
سبب وفاته: ذُكر في سبب وفاة الإمام مسلم -رحمه الله- أنه كان في مجلس مذاكرة له، فذكر أحد الجالسين له حديثاً لم يعثر عليه، فأصابه غمٌّ لعدم عثوره على الحديث، فرجع إلى بيته، وأنار السراج، وأغلق على نفسه يبحث عن الحديث ويأكل التمر حتى أكل سلّةً دون أن ينتبه على نفسه، وبسبب ذلك ثقل ومرض، فأصبح وقد توفاه الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى