منذ قديم الزمان كان الإنسان فخوراً بقوته، وكانت هذه القوة سبباً في خضوع الآخرين له، لكننا اليوم نعيش في قرن الأنوار وقد تغيرت في أنظارنا هذه العقلية وتراجعت هذه القوة بقوة واحتلت مكانها قوة فضائل الأخلاق التي صارت في المقدمة، فتحولت ثقافة القوة البدنية إلى ثقافة حماية المظلومين والمبادرة للدفاع عن كل صاحب ضمير حي وقع تحت غطرسة ظالم جاهل متعصب.

اليوم نرى ونسمع الظلم الواقع على أعزائنا البهائيين في صنعاء حيث مازال هناك خمسة بهائيين محتجزين منذ عام في عملية مداهمة عنيفة نفذها مسلحو الحوثي في شهر مايو 2023م.

إن هؤلاء الأعزاء الخمسة قد خدموا وطنهم بصدق ووفاء وهم اليوم يقبعون خلف القضبان بسبب إيمانهم بالدين البهائي.

إن الإيمان هو مصدر قوتهم، إيمانهم بالله، إيمانهم بقوة التوكل على الله، إيمانهم بحقيقة المعتقد، إيمانهم بحقيقة قضيتنا الواحدة قضية مظلوميتنا في سبيل نيل حرية الضمير والمعتقد.

إن قوة الفضيلة تظهر في وقت الأزمات وتشع في زمن التحديات، ونرى اليوم الصبر والاستقامة والثبات والصمود والبحث المستمر عن العدالة في هذه القضية، كما أن فضيلة القوة الكامنة في التغلب على الخوف ومواجهة المحن والاضطهاد بضمير وقاد بالإيمان واحترام الجميع والامتناع عن استخدام العنف وعدم ترديد أي خطاب للكراهية لمن يقيد تلك الحرية إنما هو دليل قوة هذه القضية "حرية البهائيين من سجون الحوثيين"، وكذلك تضاعف إيماننا المشترك بأن الفضائل الروحانية هي مكمن قوتنا ومصدر بأسنا، ولا تخلو أي قوة من الامتحانات التي ترسخ فينا جذور مبدأ حرية الفكر والوجدان والدين لكل إنسان، وواجبنا المشترك هو الدفاع عن قضيتنا المشتركة هذه.

إن الدفاع عن حقوق البهائيين في العيش الكريم جنبا إلى جنب مع بقية شرائح المجتمع المتنوع والبحث عن العدالة هي ثقافة القوة التي يجب أن يتمتع بها الإنسان في عصرنا اليوم.