تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل إعلان إبراهيم البكري العفو عن المدان بقتل الطفلة «حنين»

> عدن "الأيام" علاء بدر - محمد رائد:

>
اللجان المجتمعية: العفو سابقة في عدن سيكون لها صدى وأثر كبيران
> سادت حالة من الرضا والسعادة في أوساط عريضة من المجتمع بعد أن عفا إبراهيم البكري، ولي دم الطفلة حنين، عن قاتل ابنته حسين هرهرة، قبيل تنفيذ حكم الإعدام بلحظات.


وبحضور"الأيام" وقبل إعلان تنفيذ الإعدام والذي كان مقررًا في صبيحة يوم الخميس الماضي الأول من أغسطس الجاري في مقر سجن المنصورة المركزي بمديرية المنصورة، ازدحمت الخطوط المؤدية إلى محيط السجن بالسيارات والمواطنين الذين ترجلوا سيرًا على الأقدام بسبب الطوابير الطويلة للمركبات وذلك بغية الحصول على موطئ قدم في موقع ساحة تنفيذ الإعدام.


وكان قد حضر إلى سجن المنصورة المركزي العميد محسن عبدالله الوالي القائد العام لقوات الأحزمة الأمنية، وكذا مدير عام مديرية المنصورة أحمد علي الداؤودي إلى سجن المنصورة للإشراف على الوضع الأمني قبيل تنفيذ الحكم، بالإضافة إلى حضور العقيد حسين صالح مسهر مدير قسم شرطة المنصورة ومدير قسم شرطة القاهرة العقيد محمد عمر عبدالله، وعدد من الضباط والقيادات الأمنية والعسكرية.


وتحت أشعة شمس ملتهبة وبأعصاب مشدودة وفي درجة حرارة مرتفعة بلغت 35 درجة مئوية انتظر عدد من الصحفيين والإعلاميين وشخصيات اجتماعية في الساحة الداخلية للسجن مجيء القاتل حسين هرهرة لتنفيذ القصاص به بعد الانتهاء من إجراءات التوقيع الأخيرة على تنفيذ الحكم.


وعلمت "الأيام" أن أبناء عمومة والد الطفلة حنين وشقيقه الذي أتى من المملكة العربية السعودية الشقيقة للقيام بمساعي الصلح كانوا قد أجروا محاولاتهم الأخيرة من أجل إقناع البكري بالعفو لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.


وعند افتراش القاتل حسين هرهرة على فراش الموت وسط ساحة السجن الداخلية، قام الطبيب الشرعي التابع لوزارة الداخلية برسم دائرة على قلب الجاني من ظهره وهو الموضع الذي سيضع فيه منفذ العقوبة فوهة السلاح عليه، وأثناء ما كان عضو النيابة يتلو الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف والمؤيد من قِبَل المحكمة العليا كانت الصيحات تتعالى بين الحاضرين الذين كانوا يناشدون إبراهيم البكري بالعفو وقبيل الانتهاء من تلاوة الحكم صاح البكري بصوتٍ عالٍ قائلًا (عفوت عنه) لترتفع أصوات الحاضرين فرحًا بالعفو، لتتوقف عملية الإعدام على الفور.

وبعد وصول خبر العفو إلى من كانوا في الواجهة الأمامية للسجن انطلقت الألعاب النارية ابتهاجًا بالمناسبة، كما جابت مسيرات في شارع القطيبي للمئات من المواطنين هاتفين (بالروح بالدم نفديك يا بكري).

ومن أمام ساحة الإعدام ألقى المعفو عنه حسين هرهرة أول كلمة له وبجانبه العميد محسن عبدالله الوالي القائد العام لقوات الأحزمة الأمنية وبجانبه عدد من القيادات العسكرية الأخرى كلمة له وجَّه فيها شكره وتقديره لوالد الطفلة حنين الذي عفا عنه وأعتقه من الموت، وترحَّم على روح الفقيدة الطفلة حنين البكري، ومثنيًا على الجهود التي بُذِلَت من أجل السعي للصلح والعفو.

من جانبٍ آخر استضافت قبيلة هرهرة في أحد منازلها إبراهيم البكري والد الطفلة حنين وكل من شارك في عملية الصلح مقدمين شكرهم وثنائهم على البادرة التي قام بها البكري والتي تضرب بها الأمثلة في جانب التسامح والصفح.

إلى ذلك رصدت "الأيام" تناول العديد من خطباء مساجد مديريات المنصورة والمعلا وخور مكسر وصيرة والشيخ عثمان بمحافظة عدن الأحداث في قضية الطفلة حنين والتي انتهت بالعفو والصلح وركَّزت الخطب على الآية القرآنية القائلة: ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)).

وأشار عدد من خطباء المساجد إلى أن العفو عن المسيء من أفضل الصفات التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، مضيفين أنه لو علم الناس ما في العفو من حكمة وسلامة وأجر، لأسرعوا بالعفو والصفح عن زلات المسيئين.

وأضاف عدد من الخطباء بأن الأخلاق الإسلامية المتمثلة في العفو والتسامح تجاه البشرية كلّها شكلت سببًا رئيسًا بفضل الله لدخول الناس في دين الله أفواجًا، مشيرين إلى أنه لا يمكن لمنصفٍ من البشر مهما كان أن ينكر هذه الصفات الكريمة، فهي تحث على تآلف الأجناس، وإشاعة التراحم والمودة بين الناس، والتأدب بالآداب الإسلامية، ونبذ الحقد والحسد والتباغض، ليتحقق العفو والتسامح والعدل والإنصاف بين بني البشر.

وأكد خطباء الجمعة في عدن أن هذا هو المجتمع الفاضل الذي ينشده الإسلام، مجتمع حب وود، ومروءة وخير، مجتمع متماسك البنيان، متوحد الصفوف والأهداف.

والتقت "الأيام" بالقائم بأعمال رئيس اللجان المجتمعية في مديرية المنصورة الأستاذ جهاد معتوق للحديث حول قضية العفو الذي صدر في قضية مقتل الطفلة حنين إبراهيم البكري والذي ارتكبها المدعو حسين هرهرة عندما أطلق النار على سيارة إبراهيم البكري في 27 يونيو 2023م (عشية عيد الأضحى) بعد خلاف معه، وقضت ابنته حنين على الفور، وأصيبت شقيقتها راوية.

يقول معتوق: "في الأساس أنا إنسان وأب وجد، وهذه القضية بالفعل شغلتنا جميعًا لما فيها من معاناة للجانبين، الأب الذي خسر ابنته والتي أسر موضوعها كل القلوب فهي طفلة بريئة تُقتل لمجرد أنها تواجدت في اللحظة التي تجرد قاتلها من كل العقل واستسلم للغضب".

وأضاف: "لقد رأينا ما ترتب على الغضب من مآسي لم تنتهِ فصولها أمس بالعفو، ولمن أقدم على هذا العمل وما ترك من أثر على حياته والتي كاد أن يفقدها في أي لحظة".

ومضى مسؤول اللجان المجتمعية قائلًا: "إن البنت لن تعود للحياة فهذه حقيقة يعرفها الكل ولكن بتصوري أنها سابقة في عدن وسوف يكون لها صدى وأثر قد يحد من اللجوء إلى السلاح لأبسط الأمور".

وأضاف معتوق بأن العفو سمة مدينة عدن المتسامحة على طول وعرض تاريخها والحضور القبلي كان محكومًا بمزيَّة عدن المدينة البسيطة المتسامحة والعفو صدر من الجميع.

ولفت القائم بأعمال رئيس لجان مديرية المنصورة إلى أن الصفح والعفو هي رسالة للجميع وهي بمثابة منح الفرصة لتجاوز مثل هذه المواقف العصبية المتخلفة، داعيًا الله عز وجل إلى أن بوفق قادة البلاد لكل ما فيه خير وصلاح أهل ومدينة عدن.

وكانت محكمة المنصورة الابتدائية في عدن قد أصدرت يوم 7 أغسطس 2023م حكمًا بإعدام المتهم بقتل الطفلة حنين البكري التي قضت بحادثة مروعة يوم التاسع من ذي الحجة 1445هـ أي عشية عيد الأضحى المبارك، في جريمة هزت الرأي العام وقوبلت باستهجان واسع في الأوساط الشعبية.

وقضى منطوق الحكم بـ "إدانة حسين محمد حسين هرهرة بجريمة القتل العمد المذكورة في قرار الاتهام في البند أولًا، ويعاقب عليها بالإعدام رميًا بالرصاص حتى الموت قصاصًا شرعيًا لقتله عمدًا وعدوانًا نفسًا معصومة الدم هي المجني عليها حنين إبراهيم سالم البكري".

كما أدان قرار الاتهام المتهم حسين هرهرة بتهمة الشروع في قتل المجني عليها راوية إبراهيم سالم البكري (شقيقة المقتولة)، ويُعاقب عليها بالحبس 3 سنوات، حقًا عامًا، مع مراعاة تطبيق العقوبة الأشد.

وبحسب الحكم يتم مصادرة أداة الجريمة، وإلزام المحكوم عليه بدفع أتعاب المحاماة ومبلغ قدره مليون ريال يمني يسلم لوالد المجني عليهما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى