> هشام عطيري:
- مدينة طور الباحة بلحج من دون أسلحة
- القبائل تنهي ثاراتها وتستجيب لإجراءات الحملة الأمنية
عند وصولنا، تم استقبالنا بحفاوة من قبل المسؤولين المحليين، الذين كانوا حريصين على إبراز التحولات الإيجابية التي حدثت في المديرية. خلال جولتنا، لاحظنا بشكل واضح التحسن الكبير في الوضع الأمني مقارنة بالسنوات السابقة. قبل انطلاق الحملة، كانت المديرية تعاني من انتشار الفوضى والعنف، وكان حمل السلاح أمرًا شائعًا في المدينة.

ومع بدء الحملة الأمنية، اتخذت السلطات المحلية إجراءات حاسمة، من بينها منع حمل السلاح داخل المدينة. هذا القرار كان له أثر إيجابي كبير على حياة السكان، حيث شعروا بمزيد من الأمان والاستقرار. الأجواء العامة في المدينة أصبحت أكثر هدوءًا، مما ساهم في تعزيز ثقة المواطنين في قدرة السلطات على فرض النظام والقانون.

كما لاحظنا خلال زيارتنا أن الحملة الأمنية لم تقتصر فقط على الجانب الأمني، بل شملت أيضًا جوانب اجتماعية واقتصادية. السلطات المحلية عملت على تحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، مما ساهم في تقليل معدلات الجريمة وتحسين مستوى المعيشة في المديرية.
وبحسب الاستطلاع الأولى فأن الحملة الأمنية في طورالباحه كانت نموذجًا ناجحًا للتعاون بين السلطات المحلية والمجتمع، وأثبتت أن تحقيق الأمن والاستقرار يحتاج إلى جهود مشتركة وإرادة قوية للتغيير. نأمل أن تستمر هذه الجهود وأن تنعم المديرية بمزيد من التقدم والازدهار في المستقبل.
قبل بدء الحملة الأمنية في مايو 2023، كانت سوق طورالباحه تشهد حوادث أمنية متكررة تسببت في مقتل العديد من المواطنين. هذه الحوادث أدت إلى اندلاع نزاعات وثأرات بين القبائل، حيث كان الجميع في حالة تأهب دائم ويضغطون على الزناد في أي لحظة.

استجابة لهذه الحالة الحرجة، تحركت قيادات الصبيحة، بقيادة الفريق محمود الصبيحي ومحافظ لحج اللواء أحمد عبدالله تركي والعميد حمدي شكري والقائد العام لقوات درع الوطن بشير المضربي، لجمع شمل القبائل وإنهاء الثارات بينها.
عقب حملة أمنية مكثفة لتأمين المديرية، تمكنت هذه القيادات من إنهاء حالة الثأر المشتعلة بين القبائل. الحملة هدفت إلى تحقيق الاستقرار وإنهاء النزاعات التي تسببت في مقتل وإصابة العديد من أبناء تلك القبائل.
بفضل جهودهم الحثيثة، شهدت المديرية تحسنًا ملحوظًا في الوضع الأمني، مما أعاد الأمان والاستقرار إلى السوق وأرجاء المديرية بشكل عام.

عندما وصل الوضع الأمني في مديرية طورالباحه إلى مستويات خطيرة، تحركت قيادات الصبيحة بشكل عاجل لاحتواء الأزمة بقيادة الفريق محمود الصبيحي، ومحافظ لحج اللواء أحمد عبدالله تركي، والعميد حمدي شكري، والقائد العام لقوات درع الوطن بشير المضربي، نجحت هذه القيادات في نزع فتيل التوتر من خلال عقد اتفاقيات صلح وإنهاء الثأرات بين عدد من القبائل في المديرية.
شيوخ القبائل بادروا بالتعاون مع الحملة الأمنية بعد أن شهدوا نجاحها وتحقيق حالة من الأمن والاستقرار في المديرية. تجاوب الجميع مع إجراءات الحملة الأمنية، بما في ذلك منع حمل السلاح داخل المديرية وخاصة في سوق المدينة. على مدخل المدينة، تم إنشاء نقطة أمنية تحتوي على لوحة تشير إلى منع حمل السلاح. أي شخص يحمل سلاحًا يجب أن يضعه في النقطة الأمنية قبل دخوله إلى سوق طورالباحه، ويستعيده بعد الانتهاء من تسوقه وفق إجراءات منظمة.

هذا الإجراء كان محل التزام من جميع رجال القبائل، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز الأمان والاستقرار في السوق وبقية أنحاء المديرية.
صرح مدير طورالباحة، عفيف الجعفري، أن الجميع كان يعرف المديرية وتركيبتها القبلية، حيث كانت الحوادث المتكررة من قتل واقتتال في عاصمة المديرية تسبب الكثير من المشاكل. وأكد أن ميثاق الصلح الذي تم بين القبائل المتناحرة جاء بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل الحملة الأمنية التي ساهمت في الحد من هذه الظاهرة التي كانت تؤرق أبناء المديرية وتضر بالمواطنين والقبائل على حد سواء.
وأوضح الجعفري أن دخول الحملة الأمنية إلى عاصمة المديرية كان له أثر إيجابي كبير. انتشار أفراد الحملة أسهم بشكل فعال في إنهاء الثارات والتقطعات التي كانت تحدث في عاصمة المديرية. وأشار إلى أنه تم تشكيل لجان متخصصة لمعالجة قضايا الثأر، مما عزز من جهود الحملة الأمنية في تحقيق الأمن والاستقرار في المديرية.
بعد ذلك، تم إبرام ميثاق العهد الذي يهدف إلى حلحلة العديد من قضايا الثارات والمشاكل بين أفراد المجتمع. لتحقيق هذا الهدف، تم تشكيل لجان متخصصة لمعالجة المشاكل العالقة بين القبائل. وأعرب الجعفري عن أمله في أن يتمكنوا من حلحلة هذه المشاكل في القريب العاجل، مما يعزز من الأمن والاستقرار في المديرية.

الملفت للنظر هو أنه عند تجوالك في سوق مدينة طورالباحه، تجد فرقًا كبيرًا بين الأمس واليوم. تشهد المدينة حركة تجارية نشطة وتوسعت، حيث فتحت شوارع ومحلات تجارية جديدة. المواطنون يتجولون الآن بدون سلاح في أمن وأمان، وحتى أن أحد التجار افتتح محلًا للذهب والمجوهرات لأول مرة في سوق المدينة، مما يدل على مدى الاستقرار الأمني الذي تم تحقيقه.
جهود قيادات أبناء الصبيحة كانت حاسمة في استقرار الوضع الأمني. نتيجة لذلك، عادت العديد من الدوائر الحكومية للعمل بشكل طبيعي، وتمكنت المنظمات الدولية من الدخول وتنفيذ العديد من المشاريع في مناطق الصبيحة، بعد أن كانت غير قادرة على الدخول سابقًا بسبب التقطعات والأوضاع الأمنية المتوترة.
يشير المواطن جميل الشعبي إلى أن المديرية كانت سابقًا غير آمنة، حيث كان التراشق بالنيران يحدث بشكل متكرر في سوق المديرية بسبب الثارات. هذا الوضع كان يسبب قلقًا كبيرًا للسكان. ومع ذلك، تمكنت الحملة الأمنية من فرض حالة من الاستقرار ومنع إطلاق الأعيرة النارية، مما لم يكن متوقعًا بالنسبة للعديد من المواطنين.

ويضيف الشعبي أن المديرية أصبحت نموذجًا في الأمن والأمان مقارنة بمناطق أخرى، حيث يشعر الناس الآن بالأمان والثقة بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها الحملة الأمنية. هذا التحول الإيجابي يعكس النجاح في تحقيق الاستقرار والأمان في المديرية.
الشيخ عادل الجليدي، رئيس لجنة معالجة قضايا الثأر، يقول إنه تم تكليفهم من قبل المحافظ ضمن لجنة مشكلة لمعالجة قضايا الثأر بسبب انتشار هذه الظاهرة بين القبائل، التي كانت تتسبب يومياً في زيادة حوادث الثأر ومشاكلها. هذا الوضع وضع اللجنة في موقف يتطلب إيجاد حلول لمشكلة الثأر وتسليم المطلوبين للجهات المختصة. وأشار إلى أن بعض الحالات لم تصل إلى حلول بسبب التعقيدات وكثرة القتل بين القبائل، مما أدى إلى سقوط العديد من المواطنين في سوق المديرية.
الجليدي أوضح أن الحملة الأمنية ساعدت اللجنة في القضاء على الثأر في مديريات الصبيحة، وإعادة الروح للمواطنين الذين تنفسوا الصعداء بعد الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف. هذا التوافق أسعد الجميع وأدى في النهاية إلى عقد ميثاق شرف لإنهاء قضايا الثأر بين القبائل، حيث يتحمل أي شخص يرتكب جريمة المسؤولية الشخصية وليس القبيلة. وأشار إلى أن اللجنة تمكنت من حل بعض القضايا بين القبائل والتوصل إلى توافقات.

الشيخ رواد خالد، شيخ منطقة الصميته، عبّر في بداية حديثه عن شكره لقيادة الحملة الأمنية بقيادة العميد حمدي شكري والفريق محمود الصبيحي، الذين كان لهم الدور الأبرز في إرساء دعائم الأمن والأمان في المديرية. وأشار إلى أنه قبل الحملة، كانت التقطعات والثأرات بين القبائل كثيرة، مما أدى إلى فوضى عارمة وغياب الأمن.
وأضاف الشيخ رواد أن تحركات قيادة الصبيحة أدت إلى توقيع اتفاقيات الصلح بين القبائل. وقال: "كنا نعيش في غابة ونحتاج إلى قائد ينهي تلك المعاناة بين القبائل. الحملة الأمنية قضت على التراكمات المتوارثة وكثرة الأحقاد بين أفراد المجتمع." وأكد أن الحملة الأمنية نجحت في إنهاء كل الاختلالات، مما سمح لهم الآن بالتحرك في المدينة بشكل طبيعي ومستقر.
وأشار إلى أن اتفاقيات الصلح والعهد التي أبرمت بين القبائل أسست لعهد جديد من الأمن والأمان في مديرية طورالباحة، مما جعلها مدينة بلا ثارات.

شكل تجاوب المجلس الرئاسي مع جهود أبناء الصبيحة في معالجة قضايا الثأر خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة. فقد التزم المجلس بدفع ديات القتلى وتقديم مبالغ مالية للجرحى، وهو ما ساعد في استكمال الإجراءات القانونية المتعلقة بهذه القضايا. هذه الإجراءات كانت ضرورية لحل أي إشكاليات قائمة بين القبائل وتعزيز جهود المصالحة.
الشيخ أمين مقبل، شيخ قبيلة المعامية، أوضح أن قضايا الثأر بين القبائل ليست مسألة جديدة، بل تعود إلى أوقات سابقة. ومع ذلك، فإن جهود قيادات الصبيحة، بقيادة الفريق محمود الصبيحي، كان لها دور كبير في لم شمل القبائل وحل العديد من قضايا الثأر. على الرغم من هذه الجهود الكبيرة، لا تزال هناك قضايا عالقة، ويأمل الشيخ أمين أن يتم حلها نهائيًا في المستقبل القريب. أشار إلى أن الوضع السابق كان يعمّه الخوف والرعب، خاصة أن بعض القبائل كانت تعاني من مشاكل كبيرة في عاصمة المديرية. إلا أن جهود القيادات ساهمت بشكل كبير في تحقيق صلح بين القبائل، مما أعاد الطمأنينة إلى المواطنين.

مساعي قيادات الصبيحة أثمرت عن التوصل إلى اتفاقيات صلح بين عدة قبائل، بما في ذلك قبيلتي الصميته والعطويين، وكذلك بين قبيلتي المعامية والعطويين. هذه الاتفاقيات كانت خطوة مهمة نحو إنهاء النزاعات وحل قضايا الثأر، وأسفرت عن استقرار أمني نسبي في المنطقة. الجهود لم تتوقف هنا، بل شملت قبائل أخرى في مناطق الصبيحة، مما يعزز من جهود السلم والأمان في المنطقة.
الشيخ عبده هواش، نائب شيخ قبيلة العطويين، أشار إلى أن ما حدث ليس غريبًا على أبناء الصبيحة، وأشاد بالدور البارز للفريق محمود الصبيحي والعميد حمدي شكري في تحقيق الاستقرار. وصف الوضع السابق بأنه كان يشبه حالة من الهلع والفزع، حيث كانت الأسواق والمناطق تشهد فوضى عارمة. أكد الشيخ عبده أن البلطجة التي حدثت لم تكن تعكس طبيعة القبائل، بل كانت مدفوعة بأجندات سياسية خارج العرف القبلي. وشدد على أهمية اتفاقيات الصلح، داعيًا جميع القبائل في الجنوب إلى تقليد جهود الصبيحة في معالجة قضايا الثأر، مشيرًا إلى أن التوترات والأعمال الخارجة عن القانون غالبًا ما تكون مرتبطة بمشاريع وأجندات خاصة. وأكد أن الوضع في طورالباحة أصبح مستقرًا بعد التوقيع على ميثاق الصلح، مما يتيح فرصة لتطوير المنطقة.
بعد زيارة مدينة طورالباحه، كان لدينا انطباع ممتاز حول التغيرات الأمنية الإيجابية التي طرأت على المدينة. هذا التغيير الكبير من حالة السلب إلى الإيجاب يعكس نجاح الجهود المبذولة في تحقيق الاستقرار. تعتبر هذه الفترة فرصة لتوطيد دعائم الاستقرار من خلال تعزيز البناء والتنمية في المديرية، التي عانت في العقود الماضية من الاختلالات الأمنية والثارات القبلية.