لقد خلقنا الله على هذه الأرض محبين لرؤية الجمال والحرية ومشتاقين للعيش في سلام ووئام، ورغم كل هذا الشوق نحو تحقيق السلام إلا أن مجتمعنا لليوم يعيش حالة من الصراع والفوضى، فما نجهله أو نتجاهله هو أن صلاح أي مجتمع مرهون بصلاح بنائه ولا يُصلح البناء إلا بصلاح اللبنة الأساسية التي يقوم عليها البناء ومدى قوتها وثباتها في مواجهة عوامل التعرية وضربات الزمن، وبصورة أخرى لكي نصل إلى قمة هرم «السلام العالمي» لا بد من أن نبدأ من قاعدته وهو «السلام الداخلي» الذى يجب أن يبدأ من الطفل بأن يدرك حقيقة وجوده الروحانية وأن يسعى ضمن نظام التربية والتعليم لصقل جوهره الفريد ليتشرب مفهوم احترام التنوع والاختلاف، فالمستقبل يتشكل بتربية أطفال اليوم على مبدأ المحبة، والرحمة والوئام، ثم التسامح والتعاون والإيثار ونبذ العنف بكل أشكاله، وعندما تنمو فيه هذه المفاهيم الروحانية العميقة سيصل إلى قمة السلام الداخلي ويترجمه في سلوكه.

إن بين أيدينا أطفالا هم بذور الغد وأمل المستقبل منهم يبدأ التغيير وبهم تتحقّق الأحلام الصعبة.
فماذا نفعل وكيف نربّي أبناءنا من أجل عالم يعمّه السلام؟
إن كل عمل صغير الآن يمكن أن يتحوّل إلى عمل عظيم في المستقبل، فالأمور الصغيرة تحدِث فرقًا.

واحدة من أهم القيم التي يجب أن تُغرس في نفوس الأطفال منذ الصغر هي قيمة السلام.
السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو حالة من التقبل والتآخي والتعايش والتسامح والاحترام المتبادل بين البشر.

لو نظرنا في سِجل الحرب على مر التاريخ لوجدنا أنه يبدأ بـ "فكرة" ولكنها فكرة ضعيفة، مقارنة بالسلام الذي يبدأ أيضاً بـ "فكرة" ولكنها قوية جداً وجذورها متأصلة وعميقة وهي "الإصلاح الاجتماعي البناء".

إن غرس فكرة السلام في نفوس الأطفال يبدأ من البيت ثم المدرسة، حيث يتعلمون صغارنا أن الحوار والتفاهم هما السبيل لحل النزاعات، وليس القوة والعنف.. يتقنون أيضًا ممارسة فضائل الأخلاق كيف يكونون رسلاً للسلام في مجتمعاتهم.

إن غرس فكرة السلام في نفوس الأطفال يضمن لهم مستقبلاً مشرقًا تسوده المحبة والتعاون، مؤكدين بذلك أن فكرة الحرب يمكن أن تُمحى بفكرة من السلام، ليعم الوئام في العالم أجمع، فما نعلّمه للأطفال في عمر صغير سيؤثر عليهم في المستقبل، والتغيير الذي نصنعه في هذا الجيل سيصنع الفرق في العالم كله.

الآن تخيل معي أن بذور الطفولة هذه كيف تنمو في ظل تربية اليوم لتغدو أزهار المستقبل.