حكاية الحزم والسلم.. السعودية والشرعية والصفوف القديمة
> استند "أنصار الله" إلى قاعدة قديمة: إن كنت قوياً ستنال ما تسعى إليه كاملاً حتى وإن استنكر العالم فعلك، وإن كنت ضعيفاً أحاطوا بك وأكلوك مثل الشطيرة حتى وإن استنكر العالم فعلهم، فأي الاستنكارين كان بمقدورهم أن يحتملوا؟
عزيزي القارئ تلك نقطة مثيرة للتأمل.. وللمتابع كل الحق أن يبحث في التفاصيل.
رغم أن "الشرعية" الطرف المعترف به دولياً إلا أن العالم يعتبرها البطة العرجاء، بل الكسيحة لأسباب معروفة، وأصبح يصغي أكثر لـ "أنصار الله" ويظهر مرونة قصوى تجاه مطالبهم. تلك المسألة لا تدخل في غرائب السياسة والمصالح لأن العالم تقبلهم كأمر واقع بعد أن كانت هناك فرصة أمام "الشرعية" والتحالف لأن يحسموا الأمر في السنوات الأولى لكنهم عجزوا، وحين طُلب منهم أن يتنازلوا عن انتصار كان على الأبواب وكاد أن يقلب الموازين هرولوا إلى (كوشة يوهانسبرج في ستوكهولم) وسلّموا بمحض إرادتهم، وكان بإمكانهم أن يرفضوا ولديهم ألف حجة وألف حيلة. تلك كانت سابقة أفقدتهم توازنهم وأصبحت الهرولة بعدها منهجاً لم تحد عنه "الشرعية".
فشل "الشرعية" (بنسختيها) في تحقيق أهدافها المعلنة في الحرب وكذلك في إدارة مناطق سلطتها سلبها مكانتها المفترضة وصفتها ورسخ الاعتقاد بعدم كفاءتها في تحقيق أي هدف في الحرب وفي السلم، ومن خلال سلوكها وانصياعها استطاع "أنصار الله" أن يثبتوا لأتباعهم، الذين يعيشون حالة استنفار روحي غير مسبوق، أن "الشرعية" مجرد "أداة" وان اختيارهم عدم التفاوض المباشر معها وإنما مع راعيها السعودية كان "توجهاً" يخدم موقفهم. ليس هذا وحسب بل أثبتوا عملياً أن الراعي يخاف أكثر من الأتباع. أي بمجرد أن يظهر "سيد الكهف" بخطاب فيه تهديد ووعيد تلين قائدة التحالف وتنزلق الأشمغة الأنيقة وتبرد روائح الصالونات الكلاسيك. ثم يبدأ تسويق الحديث حول الحرص على الشعب اليمني والسلام وكل هذه التخريجات الإعلامية.
لم تكن الشرعية جديرة بقيادة مرحلة خطرة ضد خصم عقائدي مدعوم بلا حدود من دولة مركزية قوية تجمعهما روابط أيديولوجية صلبة، وبالمثل لم تظهر السعودية قدرات كافية في القيادة والحزم، وأدارت أزمة مركبة ومعقدة بلا رؤيا أو رؤية تستوعب الواقع السياسي وجذوره جنوباً وشمالاً، وتعاملت بعقلية تقليدية وتكتيكات عفا عليها الزمن، من خلال أدوات عديمة الكفاءة لا تتناسب مع حجم المملكة، وحين أدركتها الخسارة حولت حلفاءها إلى بيادق في مساومات مستمرة دون الالتفات إلى قضاياهم.
يبقى أمام السعودية الانتظار لصفقة مع حاكم أمريكا القادم لحمايتها مقابل تغييرات في المواقف والتزامات أخرى، ومع ذلك يظل الاعتماد على أمريكا أمر غير مأمون العواقب فالغرب يستند إلى المناهج الاستشراقية التي صنعت الرؤى السياسية.
فهل تفكر المملكة بشراء الوقت حتى تضمن الحماية أم بالخروج الأخير، أم التهيئة لتغيير فكرة الحرب ومحاولة وضعها في مسار طائفي مفتوح زمنياً من خلال بناء جيوش عقائدية مضادة؟ ربما هذا أو هذا أو ذاك، ولكل دولة من دهرها ما تعودت، لكن على أي حال ومهما كان شكل المسارات فإن "أنصار الله" إما أن تهزمهم أو يهزمونك. لا سلام حقيقي يلتزمون به وليسوا قوة وطنية منافسة وإنما مشروع خارج ثقافة العصر، يعيش على الاجترار العدمي لثارات الحسين بكل تفاصيلها.
المشهد غائم إذن والقوى حائرة في حكم المنتظر للمجهول، ويمكن القول إن "الصف الجمهوري"، بين أهميته ووهْميّته، لا صفّ له ولا جمهورية، عدا صفوف قديمة بروح متشظية. كما أن تنظيم الإخوان بسلوكه المزدوج تحول إلى كيان إعلامي بقرون متشعبة يناطح كل من حوله، وجيش (سكراب) يسعى للحفاظ على مناطق سيطرته.
الجنوب (وحده) ما يزال في دورة حياة صاعدة تجددت منذ الحراك السلمي، ولديه الأسباب والوسائل للابتعاد عن دائرة الركود والتقييد إذا قرر إجراء مراجعات جادة وتهيئة داخلية حقيقية و اتخذ خطوات موضًوعية محسوبة. أما في حالة الانتظار السلبي فإن الأوضاع قد تتدحرج نحو تعقيدات يصعب التعامل معها دون تقديم تنازلات جوهرية.
عزيزي القارئ تلك نقطة مثيرة للتأمل.. وللمتابع كل الحق أن يبحث في التفاصيل.
رغم أن "الشرعية" الطرف المعترف به دولياً إلا أن العالم يعتبرها البطة العرجاء، بل الكسيحة لأسباب معروفة، وأصبح يصغي أكثر لـ "أنصار الله" ويظهر مرونة قصوى تجاه مطالبهم. تلك المسألة لا تدخل في غرائب السياسة والمصالح لأن العالم تقبلهم كأمر واقع بعد أن كانت هناك فرصة أمام "الشرعية" والتحالف لأن يحسموا الأمر في السنوات الأولى لكنهم عجزوا، وحين طُلب منهم أن يتنازلوا عن انتصار كان على الأبواب وكاد أن يقلب الموازين هرولوا إلى (كوشة يوهانسبرج في ستوكهولم) وسلّموا بمحض إرادتهم، وكان بإمكانهم أن يرفضوا ولديهم ألف حجة وألف حيلة. تلك كانت سابقة أفقدتهم توازنهم وأصبحت الهرولة بعدها منهجاً لم تحد عنه "الشرعية".
فشل "الشرعية" (بنسختيها) في تحقيق أهدافها المعلنة في الحرب وكذلك في إدارة مناطق سلطتها سلبها مكانتها المفترضة وصفتها ورسخ الاعتقاد بعدم كفاءتها في تحقيق أي هدف في الحرب وفي السلم، ومن خلال سلوكها وانصياعها استطاع "أنصار الله" أن يثبتوا لأتباعهم، الذين يعيشون حالة استنفار روحي غير مسبوق، أن "الشرعية" مجرد "أداة" وان اختيارهم عدم التفاوض المباشر معها وإنما مع راعيها السعودية كان "توجهاً" يخدم موقفهم. ليس هذا وحسب بل أثبتوا عملياً أن الراعي يخاف أكثر من الأتباع. أي بمجرد أن يظهر "سيد الكهف" بخطاب فيه تهديد ووعيد تلين قائدة التحالف وتنزلق الأشمغة الأنيقة وتبرد روائح الصالونات الكلاسيك. ثم يبدأ تسويق الحديث حول الحرص على الشعب اليمني والسلام وكل هذه التخريجات الإعلامية.
لم تكن الشرعية جديرة بقيادة مرحلة خطرة ضد خصم عقائدي مدعوم بلا حدود من دولة مركزية قوية تجمعهما روابط أيديولوجية صلبة، وبالمثل لم تظهر السعودية قدرات كافية في القيادة والحزم، وأدارت أزمة مركبة ومعقدة بلا رؤيا أو رؤية تستوعب الواقع السياسي وجذوره جنوباً وشمالاً، وتعاملت بعقلية تقليدية وتكتيكات عفا عليها الزمن، من خلال أدوات عديمة الكفاءة لا تتناسب مع حجم المملكة، وحين أدركتها الخسارة حولت حلفاءها إلى بيادق في مساومات مستمرة دون الالتفات إلى قضاياهم.
يبقى أمام السعودية الانتظار لصفقة مع حاكم أمريكا القادم لحمايتها مقابل تغييرات في المواقف والتزامات أخرى، ومع ذلك يظل الاعتماد على أمريكا أمر غير مأمون العواقب فالغرب يستند إلى المناهج الاستشراقية التي صنعت الرؤى السياسية.
فهل تفكر المملكة بشراء الوقت حتى تضمن الحماية أم بالخروج الأخير، أم التهيئة لتغيير فكرة الحرب ومحاولة وضعها في مسار طائفي مفتوح زمنياً من خلال بناء جيوش عقائدية مضادة؟ ربما هذا أو هذا أو ذاك، ولكل دولة من دهرها ما تعودت، لكن على أي حال ومهما كان شكل المسارات فإن "أنصار الله" إما أن تهزمهم أو يهزمونك. لا سلام حقيقي يلتزمون به وليسوا قوة وطنية منافسة وإنما مشروع خارج ثقافة العصر، يعيش على الاجترار العدمي لثارات الحسين بكل تفاصيلها.
المشهد غائم إذن والقوى حائرة في حكم المنتظر للمجهول، ويمكن القول إن "الصف الجمهوري"، بين أهميته ووهْميّته، لا صفّ له ولا جمهورية، عدا صفوف قديمة بروح متشظية. كما أن تنظيم الإخوان بسلوكه المزدوج تحول إلى كيان إعلامي بقرون متشعبة يناطح كل من حوله، وجيش (سكراب) يسعى للحفاظ على مناطق سيطرته.
الجنوب (وحده) ما يزال في دورة حياة صاعدة تجددت منذ الحراك السلمي، ولديه الأسباب والوسائل للابتعاد عن دائرة الركود والتقييد إذا قرر إجراء مراجعات جادة وتهيئة داخلية حقيقية و اتخذ خطوات موضًوعية محسوبة. أما في حالة الانتظار السلبي فإن الأوضاع قد تتدحرج نحو تعقيدات يصعب التعامل معها دون تقديم تنازلات جوهرية.