كل يوم في مناطق النزاع والهجمات الإرهابية المحتملة في الجمهورية اليمنية محفوف بالتوتر والقلق، والأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للمخاطر والتأثير النفسي السلبي من أزمات البلاد فكل واحد منهم هنا يعيش طفولة صعبة خاصة به لا يملك فيها شنطة مدرسية جديدة أو ألعاب أو حلويات أو وجبات طعام بسيطة.

لقد وفرت اليمن، التي مزقتها الصراعات المسلحة طفولة مدمرة للصغار، حيث يضطر معظم الأطفال إلى التغيب عن المدارس من أجل الحصول على الغذاء الأساسي، فاليوم اليمنيون الصغار يبيعون الطعام والأكياس البلاستيكية في الشارع ويتسولون ويجمعون الخردة البلاستيكية والمعدنية، ويقومون باللحام ويحملون المياه من البئر ويرعون الأغنام.

للأسف كذلك بسبب طول سنوات الحرب تمتلئ المناطق الريفية بالألغام غير المنفجرة وغالبًا ما يموت الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس البعيدة في الأرياف أو من يرعون الحيوانات عندما يدوسون على الألغام، كذلك تواجه الفتيات الزواج المبكر والعنف المنزلي بينما يعاني الأولاد من العديد من المخاطر نفسها إلى جانب التجنيد في الصراعات المسلحة والاستغلال الجنسي.

في شوارعنا تجد الكثير من الأطفال متعاطي القات والشمة ومنهم من يدخن السجائر وآخرون يستغلون في بيع المخدرات وحبوب الهلوسة، لكن ما شد انتباهي مؤخرًا لدى الأطفال هو طبيعة الكلمات المستخدمة فيما بينهم أثناء الشجار، ففي إحدى بلوكات المنصورة أطفال لم تتجاوز أعمارهم الثمان سنوات تقريبًا، كانت الصيحات والشتائم فيما بينهم مزعجة ومقرفة وبعضها خطرة كونها تحتوي على عبارات مناطقية وعنصرية متبادلة مصادر تلك الكلمات ليس طفولي بل أشخاص بالغون.

ما أود الإشارة إليه هو أن هؤلاء الأطفال في مرحلة النسخ - لصق وبالذات من الوالدين الذين عليهما إدراك، بأن الأبوة والأمومة مسؤولية وعملية إبداعية وإن دور الأسرة في تربية وتنمية شخصية الطفل أمر بالغ الأهمية لا يمكن إنكاره قبل المدرسة والشارع.

الكثير من الإباء في البلاد يجهلون حقيقية أن الطفل في الأسرة يصبح مرآة يعكس سلوكياتهم وتواصلهم، كما يتعرف على العالم من حوله بمساعدة الأهل وجميع الحواس ويملأ عقله بصور الأشخاص المقربين وتصرفاتهم والأشياء والظواهر الطبيعية والخبرات المرتبطة بهم.

بالرغم من انتشار الأمية في اليمن و ضعف العملية التعليمية إلا أن أطفال اليمن أكثر فئة تتعرض للتلاعب بعقولها الصغيرة في البيوت والمدارس والشارع ودور العبادة والأسرة ومن أطراف متعددة حتى من الإعلام، لذلك علموا أطفالكم التحقق من دقة المعلومات الواردة والبحث عن الحقائق وتحليل الآراء والحجج والمعتقدات المختلفة، علموهم طرح الأسئلة والأفكار، والشيء الأكثر أهمية هو ألا تسمحوا لأحد بالتلاعب بوعي أطفالكم من أجل إجبارهم على خدمة بعض الطموحات الشخصية المريضة غير المفهومة.