​إذا كانت الأبنية والآثار القديمة تستطيع الكلام لصرخت "لماذا لا يهتم أحد بنا؟ لماذا أصبحنا بلا معنى ولا هوية؟ حجارة الأماكن التاريخية في المناطق المحررة ربما سوف تقرر في نهاية المطاف ورغمًا عنا أن تأخذ استراحة طويلة، وتقول لنا لماذا نحافظ على شكلنا؟ نحن أيضًا نحب التغيير وتصبح بعد ذلك مجرد كومة من الحجارة.

لم تشهد المناطق المحررة  وخاصة مدينة عدن إهمال للقيم الثقافية مثلما هو حاصل الآن، وعلى رأس هذه المشكلة تقف الأماكن التاريخية والسياحية التي تضررت بسبب الحرب والإهمال، والتي تُعتبر جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية للبلاد والمجتمع وتحمل في طياتها تراثًا غنيًا من الأحداث والشخصيات التي شكلت التاريخ، وإهمال العناية بهذه الأماكن يمكن أن يؤدي إلى عدد من السلبيات الخطيرة وأولها فقدان الهوية الوطنية والثقافية التي تتلاشى معها ذاكرة الأجيال السابقة.

الأماكن التاريخية تُعتبر رموزًا تعكس تاريخ وثقافة الشعوب ووجهات سياحية مهمة، لكن في عدن من يزور المواقع الأثرية مثل المحميات المائية والصهاريج وقلعة صيرة ومبنى المجلس التشريعي والمتحف سوف يصاب بالإحباط والكآبة من الحالة التي تعتري هذه الأماكن، ناهيك عن الأماكن السياحية الحديثة المدمرة بفعل الحروب مثل فندق عدن  وفنيسيا وميركيور ومطعم الحمراء، وعلى ما يبدو أن هناك من هو مستفيد من هذه الحالة.

إهمال الأماكن التاريخية  يمكن أن يؤدي إلى تدهور الحالة الإنشائية لهذه المعالم، مما قد يتسبب في انهيارها أو فقدانها بالكامل، فهي تحتاج إلى صيانة دائمة للحفاظ على سلامتها الهيكلية مثل مدينة شبام منهاتن الصحراء، التي كذلك تعاني من الإهمال الإنشائي والدعائي للسياحة رغم استقرار الأوضاع في حضرموت ولو كانت في دولة أخرى لكانت مزارًا لكل سكان العالم.

الأماكن الأثرية تعتبر مصادر قيمة للبحث والدراسة وإهمالها يعني تقليل فرص التعلم للأجيال القادمة، مما يؤثر على فهمهم لتاريخهم وثقافتهم وإذا استمر الإهمال سنجد أنفسنا في عالم بلا تاريخ  وعلى بوابة محافظاتنا مكتوب مرحبًا بكم في مدن بلا ماضي، مثلما نعتز باسم  البُن الذي أهملناه واستبدلناه بمنتج آخر اسمه القات وهو حاضر دائمًا وفي كل الأوقات.

هناك مجموعة من السياسات الفعالة لحماية التراث الثقافي، التي يمكن تنفيذها والبداية من التشريعات وسن قوانين لحماية التراث، كذلك تحديد مناطق محمية وبرامج توعية عامة وتنظيم حملات توعية لتعريف المجتمع بأهمية التراث الثقافي، كذلك التعليم في المدارس وفي المناهج التعليمية بالأماكن التاريخية وتقييم الحالة والبحث والدراسات وإنشاء قواعد بيانات، وأخيرًا التعاون مع المجتمع المحلي وشراكات مع منظمات دولية مثل منظمات اليونيسكو لتعزيز الحماية العالمية للتراث.