أصالة التعايش اليمني تلعب دورًا محوريًا في تعزيز السلام والاستقرار داخل المجتمع، فالشعب اليمني معروف بميله للتعايش والتنوع وهو أمر يمتد عبر تاريخه العريق، إذ كان اليمن منذ القدم مركزًا لتلاقح الحضارات والثقافات المختلفة نتيجة لموقعه الجغرافي الاستراتيجي على طرق التجارة القديمة. هذا التفاعل المستمر مع شعوب مختلفة عزز قيم التعايش بين اليمنيين، سواء داخل مجتمعهم المتنوع أو مع بقية الدول الأخرى.

إن اليمنيين يتميزون بقيم الاحترام المتبادل وكرم الضيافة وهي جزء من تركيبتهم الاجتماعية التي تشجع على تقبل الآخر.

لقد رأينا الكثير من المواقف التي وضحت لنا مدى التسامح الديني بين اليمنيين حتى في أشد لحظات حياتنا قسوة أي عندما كان زوجي الغالي ورفاقه الأعزاء في السجون، كنا نحن العائلات البهائية نعيش وسط جيراننا الذين ساهموا في رفع هذا الظلم عنا، وأيضا هناك العديد من الأصدقاء الذين رافقونا ومدوا لنا يد العون والمساعدة.. حتى حين زيارتي لزوجي في السجن كان هناك بعض المسؤولين الشرفاء الذين كرروا لي هذه الجملة التي كانت كمرهم لجروحي: "يا عمة لو بيدنا لخرجناه يروح معكم البيت، بس سامحينا هذه أوامر ونحن عبد المأمور، زوجك إنسان طيب".. كنت أحييهم ولم أشك للحظة في صدق نيتهم القلبية وشهامتهم.

إن مشاعر الانتماء والترابط هذه إنما هي برهان على أصالة التعايش اليمني وتساهم في تماسك المجتمع وتجاوز الخلافات والتحديات مهما عَظُمت، كما أن المقدرة الكبيرة على التكيف مع التغييرات والتحديات والمرونة التي يتصف بها أهل اليمن قد ساعدتهم على تجاوز الأزمات المختلفة عبر التاريخ، أما ما نراه اليوم من نزاعات عديمة الجدوى فإنها ناتجة من تفاهة السياسة وحماقة التعصب المتهالك بسبب الجهل والانجراف الأعمى نحو التقاليد البالية التي ستزول دون شك، ليظهر بريق جوهر أهل اليمن أهل الإيمان والحكمة وتتضح صلابة موقفهم الداعم للوحدة والسلام.