> "الأيام" غرفة الأخبار:

​لم يتضمن البيان الأممي الصادر، مساء الأحد، أي جديد وإيجابي بشأن محادثات الجولة الأخيرة لقيادات في مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن مع مسؤولين يمنيين بهدف إخراج خريطة الطريق للسلام إلى حيز التوقيع عليها، في الوقت الذي يتواتر فيه التصعيد الإعلامي المحلي بين طرفي النزاع، متحدثًا عن استعدادات لاستئناف الحرب في محافظة الحُديدة الساحلية غربي البلاد.

كما لم يتضمن بيان محادثات مسؤولين في مكتب المبعوث الأممي مع مسؤولين يمنيين خلال الأسبوع الماضي ومستهل هذا الأسبوع، أي إشارة إلى ما يحمله التصعيد الإعلامي المحلي بشأن استئناف الحرب في الحُديدة، ما يؤكد بقاء التصعيد إعلاميًا، في ظل ما يرتبط باحتمال استئناف الحرب من تداعيات يصعب السيطرة عليها إقليميًا؛ إلا أن ذلك لا يمكن الحسم من خلاله باحتمال عدم استئنافها في القريب المنظور، لكن من المؤكد أن تداعياتها ستكون كارثية.

التصعيد الإعلامي تزداد وتيرته يومًا بعد آخر منذ أسبوع بين الطرفين، فيما مازال الوضع العام كما هو عليه دون أي خطوة عملية باتجاه المعركة.

وحذرت “أنصار الله” (الحوثيون) من أي محاولة للاعتداء على قواتهم ومناطق سيطرتهم. وأشار بيان لحكومتهم في صنعاء إلى أن ثمة تحركات لاستهدافهم، وذلك بإيعاز ودعم من الولايات المتحدة بهدف إيقاف عملياتهم في البحر وهجماتهم ضد أهداف إسرائيلية في فلسطين المحتلة؛ متوعدة بأن أي استهداف لهم سيقابل برد قوي وحاسم.

الحكومة المعترف بها دوليًا، وتحديدًا ما يتعلق بالقوات الموالية لعضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، في المخا وبعض مديريات الحديدة، فثمة تصعيد إعلامي يتحدث عن استعدادات لمعركة، بما في ذلك إقامة غرفة عمليات، وتوحيد لقوات مختلفة، وبخاصة على صعيد تدوينات إعلامية تتواتر يوميًا تصب في مرمى الحرب المحتملة. في المحصلة، تتحدث وسائل إعلام كل طرف عن تحركات للطرف الآخر.

وقال صحيفة "القدس العربي" في تقرير تحليلي أن التصعيد الإعلامي، في مجمله، يشير إلى ثلاثة احتمالات: الأول أن يكون التصعيد تمهيدًا لمحادثات مرتقبة تحت إشراف الأمم المتحدة، ويمثل التصعيد وبعض التحشيد، إن صحت أخباره الإعلامية، جزءًا من الضغط السياسي لكل طرف لتقديم تنازلات في المحادثات.

الاحتمال الثاني أن هذا التصعيد قد يكون بمثابة جس نبض كل طرف، بهدف معرفة ما يمكن أن يكون عليه كل طرف، ومدى استعداده لاستئناف الحرب.

أما الاحتمال الثالث فهو أن هذا التصعيد يندرج ضمن تهيئة الرأي العام لمعركة حقيقية، ويستدل أصحاب هذا الاحتمال إلى ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” عن ضغوط أمريكية على دول عربية بهدف الحصول على إدانة للحوثيين، ما يجعل أصحاب هذا الاحتمال يذهبون إلى القول إن ثمة توجهاً أمريكياً لمواجهة الحوثيين في الحديدة، لكن من خلال قوات محلية تحصل على دعم عسكري، باعتبار ذلك هو الحل الوحيد من وجهة نظر واشنطن لانتزاع محافظة الحديدة من سيطرة الحوثيين، وبالتالي وضع حد لهجماتهم البحرية.

لكن الاحتمال الثالث بقدر ما يكون مستبعداً بقدر ما يكون وارداً، لكن في حال اشتعلت المعركة فإن الأمر سيدفع الحوثيين لإغلاق باب المندب، وتمدد الحرب إقليميًا، الأمر الذي يصبح معه احتواء التداعيات أكثر تعقيدًا.

عضو المكتب السياسي لـ “أنصار الله”، مُحمّد البخيتي، قال في تصريحات تلفزيونية، رداً على سؤال عن نوع ردهم في حال أي تصعيد أمريكي ضدهم: “إنهم مستعدون للحرب في كل الجبهات، سواء جبهة الساحل الغربي، أو بقية الجبهات، بما في ذلك المواجهة مع السعودية والإمارات”.

وأضاف: “سيكون ردنا حسب الجبهة التي سيتم فتحها، وفي حال فتحوا جبهة الساحل الغربي فلدينا الكثير من الخيارات العسكرية التي ستمكننا من سرعة حسم المعركة والتقدم ميدانياً”.

وقال: “نتوقع أن يكون هناك تصعيد من قبل الأمريكي لتوسيع رقعة الأهداف لتطال المزيد من الأهداف المدنية، بهدف إلحاق أكبر ضرر بالبنية التحتية، ونتوقع أن يلجأوا لاستهداف المدن اليمنية والمدنيين بشكل مباشر، للضغط على الشعب اليمني لوقف العمليات العسكرية، كما أنه مازال لدينا خيارات عديدة، منها توسيع رقعة الأهداف، وهي ستكون موجعة سواء بحق أمريكا أو حلفائها”.

يأتي هذا في حين أعلن مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن، في وقت متأخر من مساء الأحد، اختتام جولة من المحادثات أجرتها قيادات في المكتب مع مسؤولين يمنيين من طرفي الصراع، في سياق السعي لاستئناف مفاوضات التسوية من خلال حوار بناء لوقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد، وبدء عملية سياسية، والعمل على تنفيذ اتفاق الجولة التاسعة من مفاوضات تبادل الأسرى، التي شهدتها العاصمة مسقط خلال الفترة 30 يونيو – 6 يوليو.

واختتم نائب رئيس البعثة لمكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، سرحد فتّاح، زيارة استمرت أسبوعاً إلى عدن، التقى خلالها بعدد من المسؤولين في الحكومة المعترف بها دولياً، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني وممثلات النساء في الأحزاب والمكونات السياسية.

ووفق البيان، فقد “ركزت المناقشات على الأوضاع الراهنة في اليمن، مع التشديد على أن السلام هو الخيار الوحيد للمضي قدماً، وعلى الحاجة الملحة لحوار بنّاء يهدف إلى وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد، وبدء عملية سياسية. وتطرقت المناقشات إلى أهمية تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال تعاون الأطراف للحد من التأثيرات السلبية الواسعة التي تؤثر على مختلف جوانب حياة اليمنيين، والمساهمة في تخفيف الأعباء الاقتصادية التي تلقي بظلالها على سبل العيش”.

وذكر مكتب المبعوث أنه “تم خلال جميع الاجتماعات مناقشة تأثير التصعيد الإقليمي على استقرار اليمن، وأهمية الدعم المستمر والموحد من الجهات الإقليمية ومن جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة”.

وأضاف أن “تلك المناقشات تناولت سلسلة الحوارات السياسية التي يعقدها مكتب المبعوث الأممي مع مختلف الأطراف اليمنية والمجتمع المدني، التي تهدف إلى جمع وجهات نظر متنوعة حول القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، وتسعى إلى بناء زخم نحو حل سلمي للنزاع”.

وقال إنه “تم التأكيد أيضاً على ضرورة مواصلة العمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة لتحويل التفاهمات التي تم التوصل إليها في يوليو/تموز الماضي في سلطنة عمان إلى إجراءات ملموسة تهدف إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين لأسباب تتعلق بالنزاع، وفقاً لمبدأ “الكل مقابل الكل”. كذلك، تم تسليط الضوء على الجهود المستمرة والنتائج التي حققها الوسطاء المحليون في سبيل إطلاق سراح المحتجزين”.

وأشار إلى أن “قضية احتجاز موظفي الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، والدبلوماسيين من قبل أنصار الله، كانت في صدارة جميع اجتماعات عدن، حيث جدد مكتب المبعوث دعوات وجهود الأمم المتحدة المستمرة للإفراج الفوري وغير المشروط عنهم”.

لم تكن حضرموت بمنأى عن الجهود الأممية الأخيرة، حيث التقى مستشار الشؤون الاقتصادية بمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، اأطوني بيسويل، الأحد، محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي.

ووفق وسائل إعلام محلية فقد استعرض المحافظ خلال اللقاء الأوضاع السياسية والاقتصادية، منوهًا بحق أبناء حضرموت في الاستفادة من ثرواتهم، داعيًا إلى تمثيل سياسي لائق بكبرى المحافظات اليمنية في أي تسوية مقبلة.

كما التقى بيسويل بقيادات في مؤتمر حضرموت الجامع، وجرى خلال اللقاء -وفق صفحة “الجامع” على منصة “فيسبوك” مساء الأحد- “تناول العديد من القضايا الاقتصادية والإنسانية والسياسية في اليمن عامة، وحضرموت خاصة، وأبعادها على تحقيق السلام المستدام في البلاد، وبما يسهم في الحفاظ على حالة الاستقرار والأمن الذي تتميز به حضرموت”.

فيما أشار بيسويل، إلى أن “هذا الاجتماع يأتي في إطار المشاورات التي يُجريها مكتب المبعوث الأممي مع القوى السياسية والمدنية لاستكشاف الحلول وتعزيز الالتزامات باتجاه عملية سلام شاملة ومستدامة في اليمن”.

وتشهد حضرموت منذ بضعة أشهر تصعيدًا سياسيًا حمل مطالب عديدة، أبرزها منح حضرموت ما يليق بها من ثرواتها ونفطها، واعتماد مؤتمر حضرموت الجامع ممثلًا سياسيًا للمحافظة في محادثات التسوية اليمنية المقبلة، ومؤخرًا اعتبر بيان لحلف قبائل حضرموت أن الحكم الذاتي بات حاجة ملحة.

وكان كبير مستشاري مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن، فاطمة الزهراء لنقي، ومدير مكتب المبعوث بصنعاء محمد الغنام، قد التقيا وزير الخارجية في حكومة أنصار الله بصنعاء، جمال أحمد عامر، الأسبوع الماضي في سياق الجهود الأممية للدفع بعملية التسوية.

بين التصعيد لاستـئناف الحرب والجهود الأممية المتواصلة، يتجلى أن إمكانية استئناف الحرب في الوقت الراهن غير واردة، كما أنها واردة أيضاً لكن بدرجة أقل، ما يعني استمرارية الوضع الراهن باعتباره الاحتمال الأكثر ترجيحًا، انطلاقاً من أن الحل للصراع اليمني مرتبط بالصراع الإقليمي والدولي وتوافق اللجنة الرباعية الدولية؛ وليس من مصلحة الصراع الإقليمي والقوى الدولية استئناف الحرب في اليمن على الأقل في هذه المرحلة؛ بينما يبقى الواقع يتأهب لحرب لا نعرف متى وأين ستذهب، في حال لم تستيقظ الحكمة اليمنية من غفلتها وتلم شعث شتاتها وتستعيد قرار بلدها.