يبدو لي أن الشعب الجنوبي معمول له عمل كما يقال باللهجة الدارجة، لأن كل ما يحدث اليوم يثير الدهشة والاستغراب، فبالرغم من الكم الهائل من المعاناة التي يعانيها هذا الشعب في مختلف نواحي الحياة لم نشهد حتى الآن مظهرا من مظاهر الاحتجاجات الجادة على مستوى الشارع، ولا إضرابات منظمة في المرافق والمؤسسات، ولا الإعلان عن تنظيم عصيان مدني أو غيره من أشكال الرفض لهذا الواقع المرير والمزري.

ضربة تلو الأخرى فوق رؤوس أبناء هذا الشعب وهم يعانون بصمت مطبق وكانت آخر هذه الضربات  التي لحقت به هو تحويل رواتب الموظفين منهم إلى البنوك ومحلات الصرافة لتلحقها الضربة القاضية والمتمثلة بعجز الحكومة عن دفع هذه الرواتب، أي أنها باتت اليوم هي والحوثي في نفس الكفة، فهو يمنع الناس عن رواتبهم في الشمال وهؤلاء الفاسدون يمنعون شعب الجنوب عن رواتبهم في أرضهم ووطنهم.. هذه الأرض التي احتضنت كل لاجئ منهم وبدلا من أن يكافئوا أبناءها بالخير سقوهم كل ويلات العذاب ابتداء بارتفاع سعر العملة والخسف بقيمة الريال اليمني، وارتفاع الأسعار وتردي الخدمات، وانتهاء بتأخير الرواتب والعجز عن صرفها لفترات غير مقبولة ولا منطقية.

إن عدم قيام الشعب بأي نوع من الاحتجاجات الرافضة لهذا الوضع الذي يعيشه سواء كان عفويا أو ممنهجا تنظمه جهات فاعلة داخل المجتمع الجنوبي، يجعلنا نفكر باحتمالين لا ثالث لهما؛ إما أن هذا الشعب مخدر ولا يعي ما يدور حوله أو أن هذه الحكومة تمارس عليه عملية دجل وسحر وشعوذة بحيث تجعله لا يثور ولا ينتفض على هذه الأوضاع المزرية التي يعيشها، بل إنها تقوم من فترة إلى أخرى بتجديد هذا العمل (السحر) له بحيث يستمر في خنوعه وخضوعه وصبره على كل ما تفعله به وإلا ما هو الاحتمال الثالث لكل هذا الانبطاح والتراخي من قبل شعب حر أبي كشعب الجنوب؟ إلى متى سيظل تحت رحمة هؤلاء الفاسدين والمتواطئين معهم الذين وجدوا في مصالحهم الشخصية ضالتهم وهم كانوا إلى وقت قريب يتغنون باستعادة الدولة ويعدون شعبهم بالحياة الكريمة ورغد العيش؟