> «الأيام» غرفة الأخبار:

تبحث الشرعية اليمنية، بتوجهها نحو تفعيل دور مجلس النواب الغائب عمليًّا عن ساحة الفعل السياسي والإعلان عن مخطّط لإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وتشجيع إنشاء التكتّلات المناطقية والحزبية المساندة لها، عن استعادة توازنها في مواجهة أزمة مركّبة مالية واقتصادية واجتماعية ذات تبعات سياسية.

وتحتاج الشرعية إلى المجلس لتمتين جدارها الداخلي والحفاظ على تماسكها الذي بات مهدّدًا مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي لم تؤثّر فقط على شعبيتها، ولكنّها ساهمت في اهتزاز الثقة بينها وبين شريكها الرئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي المتذمّر من طريقة الشرعية في اتّخاذ القرار وتوزيع المسؤوليات والمناصب الحكومية والإدارية، والغاضب من ارتباك حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك في إدارتها للشأن العام في المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين لاسيما مناطق الجنوب.

وكرّر مسؤولون في الانتقالي الجنوبي ودوائر قريبة منه خلال الفترة الماضية التهديد بفض الشراكة مع الشرعية. وقال إياد غانم عضو الجمعية الوطنية للمجلس قبل أيام إن الأحرى بالانتقالي فرض سلطة الأمر الواقع على مناطق نفوذه.

وفي ذات إطار عملية البحث عن أسناد وحلفاء يعوّضون عن اهتزاز الشراكة مع الانتقالي اتّجهت الشرعية اليمنية إلى تشجيع إنشاء الهياكل والتجمعات المناطقية والحزبية الموالية لها على غرار مجلس حضرموت الوطني الذي رعت المملكة العربية السعودية تشكيله، ومؤتمر مأرب الجامع الذي أعلن مطلع الأسبوع الجاري عن استكمال هيكلته القيادية.

ويحاكي مؤتمر مأرب في تسميته وتركيبته هياكل سابقة له في مناطق يمنية أخرى، من بينها مؤتمر حضرموت الجامع. وعدّ متابعون للشأن اليمني أنّ تأسيس المؤتمر في منطقة نفوذ كبير لحزب الإصلاح، ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، يشي بخلفيته السياسية ويكشف جانبا من أهداف إنشائه.

وتتّخذ الشرعية من الحزب الإخواني شريكًا لها ازدادت أهميته بسبب عدائه للانتقالي الجنوبي ومعارضته لمشروع الدولة المستقلة الذي يدافع عنه ورفعه شعار الحفاظ على الجمهورية اليمنية، بالصيغة التي تتبناها الشرعية ذاتها.
وكان قد أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري عن تشكيل التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية من ثلاثة وعشرين حزبا ومكوّنا أعلنت عن نهج سياسي لتكتلها الجديد متوافق بالكامل مع توجّهات الشرعية ورؤاها، وخصوصا موقفها من الحوثيين والسلام معهم، وكذلك رؤيتها لقضية الجنوب.

وسعيًا لنفض الغبار عن دور البرلمان وإعادة جمع شتات نوابه المقيم معظمهم خارج البلاد، التقى العليمي برئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعضوي هيئة رئاسة المجلس محمد الشدادي ومحسن باصرة، وذلك “لمناقشة مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية والإجراءات المطلوبة لتعزيز دور مؤسسات الدولة.”

وقالت وكالة الأنباء الرسمية سبأ في نسختها التابعة للشرعية إنّ رئيس مجلس القيادة وضع رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب أمام التطورات المحلية وفي المقدمة الأوضاع الاقتصادية والمتغيرات المتعلقة بتقلبات أسعار الصرف والسلع الأساسية، والجهود المبذولة لتسريع إنفاذ خطة الإنقاذ الاقتصادي والسياسات والتدابير المتخذة للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على منشآت النفط وخطوط الملاحة الدولية.

وتعقّدت خلال الفترة الماضية الأوضاع المالية والاقتصادية في مناطق سيطرة الشرعية اليمنية بشكل غير مسبوق وألقت بظلالها على الأوضاع الاجتماعية والأحوال المعيشية لسكان تلك المناطق، وقلّصت الخدمات العامّة المقدّمة لهم وأشاعت حالة من الاحتقان في صفوفهم منذرة بانفجار وشيك في الشارع.

وباتت تلك الأوضاع تهدّد استقرار الشرعية وشراكتها مع أحد أبرز المكوّنات، المجلس الانتقالي الجنوبي الغاضب من أداء حكومة بن مبارك في مناطق الجنوب التي يعتبرها الانتقالي مناطق نفوذ له ومجالا لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة التي يرعى مشروعها.

ولا ترغب السعودية في ارتخاء قبضة السلطة اليمنية على المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين في وقت تعمل فيه على الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الهدوء في تلك المناطق بانتظار التمكّن من الدفع بالحل السياسي المنشود لليمن ككل.