الفساد هو السرطان الذي ينهش جسد الدول، ويعيق تنميتها، ويقضي على أحلام شعوبها، واليمن، للأسف، لم يكن استثناءً لعقودٍ طويلة، تفشى الفساد في مؤسسات الدولة، حتى أصبح جزءًا من بنيتها، وامتدت جذوره إلى كافة القطاعات، فأضعفت الاقتصاد، وأفشلت مشاريع التنمية، وخلقت بيئة طاردة للاستثمار، وأبقت المواطن رهينة الفقر والبطالة.

اليوم، ومع اقتراب التعديل الوزاري المرتقب، يتساءل اليمنيون: هل سيكون هذا التغيير بداية لعهد جديد يُحارب فيه الفساد والفاسدون؟ أم أننا أمام جولة جديدة من تدوير المناصب واستبدال فاسدٍ بفاسدٍ آخر؟
  • الفساد… الجريمة التي بلا عقاب
لم نسمع خلال السنوات الماضية عن محاكمات جادة لفاسدين، ولم نشهد استعادة أموال منهوبة أو ممتلكات مسلوبة. بل على العكس، استمرت قضايا الفساد تتفاقم، فيما ظل المسؤولون الفاسدون يتمتعون بحماية سياسية وقانونية جعلتهم فوق المحاسبة.
  • مجلس القيادة.. مسؤولية تاريخية
اليوم، مجلس القيادة الرئاسي أمام اختبار حقيقي، فإما أن يثبت أنه جاء لتحقيق التغيير وبناء دولة المؤسسات والقانون، أو يخسر ثقة الشعب إذا فشل في محاسبة الفاسدين. لا يمكن الحديث عن إصلاح أو تنمية في ظل استمرار الفساد. لن يجدي نفعًا تغيير الوزراء إذا ظلت آليات الفساد نفسها تعمل تحت الطاولة، وإذا بقيت المحسوبية هي المعيار الوحيد لشغل المناصب.

الخطوات المطلوبة:

1 . فتح ملفات الفساد: يجب البدء بمراجعة شاملة لجميع الملفات المالية والإدارية في الوزارات والمؤسسات الحكومية.

2 . محاكمات شفافة وعادلة: تقديم المتورطين في قضايا الفساد للمحاكمة، بغض النظر عن مناصبهم أو انتماءاتهم السياسية.

3 . تعزيز دور الأجهزة الرقابية: دعم الهيئات الرقابية وتمكينها من العمل باستقلالية تامة بعيدًا عن الضغوط السياسية.

4 . استعادة الأموال المنهوبة: تشكيل لجان مختصة لاستعادة الأموال المنهوبة داخليًا وخارجيًا.

5 . تفعيل مبدأ الشفافية: نشر تقارير دورية عن أداء الحكومة وأوجه الصرف المالي بشكل علني.
  • الشعب يراقب… والتاريخ يسجل
اليمنيون لم يعد لديهم صبرٌ لتحمل المزيد من الفساد والإهمال. إن استمرار هذه الممارسات دون رادع لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والانهيار. الشعب يريد أفعالًا لا أقوالًا، ويريد رؤية الفاسدين خلف القضبان، واستعادة ثرواته التي نُهبت.

مجلس القيادة الرئاسي أمام فرصة تاريخية لا تعوض، فإما أن يستجيب لنداء الشعب، أو أن يكون شريكًا في استمرار الفساد… وحينها لن يرحم التاريخ أحدًا.

الأيام والأسابيع والأشهر القادمة كفيلة في الإجابة عن هذه التساؤلات..