> "الأيام" الجريدة الكويتية:

​يستعد «حزب الله» اللبناني لإقامة مراسم تشييع أمينه العام السابق حسن نصرالله، الذي قُتل بغارات إسرائيلية مدمرة على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل قرابة خمسة أشهر، وذلك في حدث يسعى من خلاله إلى استعراض قوته الشعبية بعد سلسلة من الانتكاسات، إلا أن التشييع كشف اتساع حجم الانقسام اللبناني حول إرث نصرالله، ودور حزب الله، الذي لا يزال الحزب اللبناني الوحيد المحتفظ بسلاحه منذ انتهاء الحرب الأهلية.

ولقي نصرالله، البالغ 64 عاما، مصرعه في 27 سبتمبر 2024، جراء ضربة إسرائيلية استهدفت مقره الواقع في منطقة حارة حريك، حيث كان متحصناً في طبقات تحت الأرض، وشكل مقتله صدمة كبيرة لمؤيديه، الذين لم يعرف معظمهم قائدا آخر للحزب، الذي تكبد خسائر جسيمة خلال أكثر من عام من المواجهة مع إسرائيل، على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، لكن في المقابل اعتبر كثير من اللبنانيين أن مقتله يمثل نهاية حقبة سيطر فيها الحزب على السياسة الداخلية عبر استخدام سلاحه، كما حدث في «أحداث 8 أيار» عام 2008، التي مكنته من إخضاع خصومه السياسيين.

وتنطلق مراسم التشييع الأحد في الواحدة ظهراً في مدينة كميل شمعون الرياضية جنوب بيروت، ويتوقع أن تستمر لنحو ساعة، قبل أن يتجه المشيعون إلى موقع الدفن المستحدث قرب طريق المطار، الذي سيتم إغلاقه لأربع ساعات، وقد اختار الحزب هذا الموقع نظراً لرمزيته، خصوصاً في ظل إجباره على الانسحاب من جنوب الليطاني بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

يذكر أن جثة نصرالله كانت قد أودعت في مكان غير معلن بعد انتشالها، بانتظار تهدئة الأوضاع الأمنية لإقامة تشييع حاشد.

وإلى جانب نصرالله، سيتم تشييع القيادي البارز في الحزب هاشم صفي الدين، الذي قُتل بضربة إسرائيلية في 3 أكتوبر. ووفقاً لنائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، فإن صفي الدين سيُشيع بصفته «أميناً عاماً»، بعدما كان قد انتُخب لخلافة نصرالله قبل مقتله. ودعا قاسم، الذي لا يتمتع بشعبية كبيرة، إلى مشاركة واسعة في التشييع، مؤكدا أن الحزب يريد تحويله إلى «مظهر تأييد وتأكيد على النهج»، ويُتوقع أن يحتشد عشرات الآلاف داخل الملعب الرياضي وفي الشوارع المحيطة، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وعلى الرغم من دعوة حزب الله للقوى السياسية للمشاركة في التشييع، فإن العديد من الأحزاب والشخصيات رفضت تلبية الدعوة.

وأعلن الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أن تياره لن يشارك، بينما تعرض سعد الحريري بعد عودته إلى بيروت لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال والده رفيق الحريري، لانتقادات بسبب تصريحات اعتبرها خصوم حزب الله متساهلة تجاه الحزب.

وفي مؤشر على توتر أنصار الحزب، أثارت إحدى مناصراته جدلاً في مطار بيروت، بعدما اتهمت الأجهزة الأمنية بتنفيذ «أوامر إسرائيل والولايات المتحدة»، عقب منعها من لصق صورة نصرالله داخل المطار، رغم أن الإجراء كان روتينياً وغير مرتبط مباشرة به.

وأعلنت اللجنة المنظمة لمراسم التشييع مشاركة «79 دولة»، وهو رقم أثار شكوكاً، خاصة أن معظم الدول لم تعد تجد حرجاً في النأي بنفسها عن حدث خاص بميليشيا مسلحة. وحظي نصرالله بشعبية واسعة بعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، لكنه فقد الكثير من رصيده السياسي بعد تورط الحزب في النزاع السوري إلى جانب بشار الأسد، واتهامه باغتيال رفيق الحريري، ومن المتوقع أن تشارك إيران وفصائل موالية لها في التشييع، في تأكيد على استمرار نفوذ «محور المقاومة» الذي تقوده طهران، وهو ما يثير مخاوف من أن تستهدف إسرائيل التجمع.