> "الأيام" غرفة الأخبار:

​تواصل الشركات المشغلة لسفن الحاويات الكبيرة تجنب البحر الأحمر، حيث تفضل الإبحار حول أفريقيا بسبب تصاعد العنف في المنطقة، وعلى الرغم من الضربات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، لا تزال شركات الشحن غير مستعدة للعودة إلى المسار التقليدي عبر قناة السويس.

عندما أمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية ضد الحوثيين، أشار إلى أن هجماتهم على الشحن التجاري أثرت سلبًا على التجارة العالمية، متسببة بخسائر اقتصادية ضخمة، ومع ذلك فإن إعادة شركات الشحن إلى البحر الأحمر تتطلب أكثر من مجرد غارات جوية، حيث تأقلم قطاع الشحن مع الوضع الحالي واستفاد من ارتفاع أسعار الشحن.

بدأ الحوثيون استهداف السفن التجارية في أواخر عام 2023 دعمًا لحماس، مما دفع كبرى شركات الشحن إلى تجنب البحر الأحمر. يستغرق الالتفاف حول أفريقيا 10 أيام إضافية ويزيد من تكاليف التشغيل، لكنه أصبح الحل الأكثر أمانًا. تقول كبرى شركات الشحن، مثل "ميرسك" و "MSC"، إنها لن تعود إلى البحر الأحمر إلا بعد تحقيق استقرار دائم.

صرح الرئيس التنفيذي لشركة "ميرسك"، فينسنت كليرك، بأن العودة تتطلب إما "تدهورًا كاملًا لقدرات الحوثيين أو اتفاق سلام شامل"، وبعد الضربات الأمريكية الأخيرة، أكدت الشركة استمرارها في تجنب البحر الأحمر حفاظًا على سلامة طواقمها وضمان استقرار عملياتها، وأكدت شركة "MSC" الموقف ذاته.

لا يزال من غير الواضح مدى قدرة الولايات المتحدة على القضاء على الحوثيين بشكل حاسم. فقد أثبتت الجماعة المدعومة من إيران قدرتها على مقاومة القوى العسكرية الكبرى، كما أنها أظهرت استقلالية عن طهران. وفقًا لجاك كينيدي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى "ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس"، فإن الضربات الجوية وحدها لن تكون كافية لوقف هجمات الحوثيين.

تشير بيانات "مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة" إلى أن الحوثيين قلصوا هجماتهم عندما وافقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار في يناير 2024، لكن شركات الشحن لم تعد إلى البحر الأحمر حتى الآن.
في فبراير 2024، عبرت حوالي 200 سفينة حاويات مضيق باب المندب، مقارنة بـ 144 سفينة في الشهر نفسه من العام السابق. ومع ذلك، لا يزال العدد أقل بكثير من أكثر من 500 سفينة كانت تمر عبره قبل بدء الهجمات الحوثية. ورغم عودة بعض الشركات مثل "CMA CGM" الفرنسية، إلا أن حضورها كان محدودًا.

الخوف من الاضطرابات المفاجئة يمنع شركات الشحن من العودة بسرعة، خاصة مع احتمالية إعادة توجيه السفن إلى طرق أطول وأكثر تكلفة إذا تصاعدت الهجمات مجددًا.

رغم ارتفاع التكاليف، عزز الالتفاف حول أفريقيا أرباح شركات الشحن. فقد أدى طول المسار الجديد إلى زيادة الطلب على السفن، مما رفع أسعار الشحن عالميًا. وبدلًا من انخفاض الأسعار مع تسليم مئات السفن الجديدة التي تم طلبها خلال جائحة كورونا، بقيت الأسعار مرتفعة بسبب الحاجة إلى مزيد من السفن للتعامل مع المسار الأطول.

أشارت شركة "ميرسك" إلى أن فتح البحر الأحمر قد يؤدي إلى خفض أرباحها، إذ أن الأسعار الحالية تعزز عائداتها. لكن مع ذلك، انخفضت أسعار الشحن من آسيا إلى شمال أوروبا إلى أدنى مستوى منذ 2023، وفقًا لبيانات "Freightos".

يعتقد ريكو لومان، الخبير الاقتصادي في مجال النقل لدى "ING Research"، أن انخفاض أسعار الشحن يعود إلى تراجع حجم البضائع المشحونة في بداية العام. كما أن المخاوف بشأن تراجع الطلب الاستهلاكي قد تدفع الشركات إلى تقليل طلباتها المستقبلية.