> عدن «الأيام» خاص/ وكالات:

  • حالة طوارئ في "الانتقالي" لانتشال عدن من الأزمات
  • غياب كامل للشرعية عن المشهد الكارثي في الجنوب
  • رئيس الوزراء يتبرّأ من المسؤولية ويستجدي الخارج
> عقدت الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أمس الأربعاء، اجتماعًا برئاسة علي عبدالله الكثيري، رئيس الجمعية.

ووقفت الهيئة الإدارية في اجتماعها أمام مستجدات الأوضاع الخدمية والاقتصادية والمعيشية في الجنوب، وما رافقها مؤخرًا من سخط شعبي وتظاهرات في الشارع الجنوبي، وفي طليعتها تدهور خدمة الكهرباء وضعف توليد الطاقة الكهربائية في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، بالتزامن مع تزايد درجات الحرارة ودخول فصل الصيف.

وفي هذا الخصوص، استدعت الهيئة في هذا الاجتماع قيادة المؤسسة العامة للكهرباء، حيث استمعت لإحاطة قدّمها م. مجيب الشعبي، مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء، تضمنت شرحًا توضيحيًا وشفافًا عن وضع الكهرباء في العاصمة عدن وبقية المحافظات المحررة، والأسباب الحقيقية التي وسّعت الفجوة في تدهور هذه الخدمة، وإشكاليات عدم القدرة على تأمين المشتقات النفطية بصورة مستدامة، مؤكدًا أن الحكومة لا تتفاعل ولا تتعامل بجدية مع أي نداءات تقدمها المؤسسة.

كما استعرض الشعبي جملةً من الإجراءات المتبعة مؤخرًا لمعالجة المشكلات المتفاقمة التي تواجه الكهرباء، والجهود المبذولة من قبل وزارة الكهرباء والطاقة للإسهام في التخلص من نقص إمدادات الوقود، وكذا ظاهرة الربط العشوائي المتزايد، كما قدّم توضيحًا موجزًا عن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى اتخاذ قرار إلغاء كافة عقود شراء الطاقة المشتراة.

وقدّم رؤساء لجان الجمعية، خلال الاجتماع، للمهندس الشعبي جملةً من التساؤلات والاستفسارات، تخللها عدد من الرؤى والمقترحات التي ستُسهم في تحسين خدمة الكهرباء، وقد اتفقت الهيئة بالإجماع على ضرورة الاستمرار في عقد لقاءات مكثفة مع القيادات والمختصين بملف خدمة الكهرباء، ومتابعة إشكالياتها والحلول الممكنة.

وطالبت الهيئة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بتحمّل مسؤولياتهما، وإيجاد حلول عاجلة، وتوفير السيولة اللازمة لشراء شحنات الوقود، والعمل على إيجاد حلول جذرية ومستدامة لكهرباء عدن وبقية محافظات الجنوب، تضمن استمراريتها، وألا تكون الخلافات السياسية سببًا في معاناة المواطنين وابتزاز كرامتهم.

وكانت الهيئة الإدارية قد استعرضت في اجتماعها تقريرًا للجنة الاقتصادية بالجمعية حول الإيرادات والاستخدامات العامة للدولة وما يخص الجنوب منها، ثم ناقشت جملةً من القضايا المدرجة في جدول الأعمال، واتخذت الإجراءات اللازمة بشأنها.

وفي جريمة ناجمة عن حرمان المواطنين في عدن من الكهرباء في ظل حرارة الصيف القائضة، فارقت امرأة حامل في شهرها السادس وجنينها الحياة في منطقة الخساف بكريتر، خلف مبنى وزارة العمل، بعدما خنقها انقطاع الكهرباء وضيق التنفس وسط حرٍّ لا يرحم وفقرٍ مدقع.

الضحية، التي لم تجد في بيتها بطارية ولا شاحن كهرباء ينقذها، لفظت أنفاسها الأخيرة على مرأى من الحكومة الغائبة والغارقة في الوعود الكاذبة والبيانات الرنانة.

هذه المأساة هي الثانية خلال يوم واحد، نتيجة صمت المسؤولين، وعجزهم، واستهتارهم بحياة البسطاء الذين يموتون كل يوم بسبب أزمة الكهرباء التي لم تحرك ضمير أحد.

وبعد أكثر من أسبوع على نفاذ الوقود من محطات توليد الكهرباء، وجه رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، أمس الأربعاء، بـ "حلول إسعافية" لمعالجة انقطاعات الكهرباء في عدن.

جاء ذلك خلال قيام رئيس الوزراء، أمس، بزيارة إلى محطة الرئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، للاطلاع على عملها والصعوبات التي تواجهها، وسير توزيع الطاقة الكهربائية وإمدادات الوقود إليها.

وقال رئيس الوزراء، إنه تواصل مع الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لتقديم دعم عاجل من المشتقات النفطية.

وبذات السياق، قالت صحيفة "العرب" اللندنية إن رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك قد تبرأ من مسؤوليته عن الأزمات الخدمية والمعيشية التي تعصف بالمواطنين في مدينة عدن وباقي المحافظات الجنوبية، وفي وقت غابت فيه سلطة الشرعية بشكل كامل وتوارت عن المشهد الكارثي.

أثارت الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها مدينة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية بسبب تردي الخدمات العامة وانهيارها شبه الكامل المخاوف من انفلات الوضع المحتقن في تلك المناطق بسبب طول الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها الحادّة على الحياة اليومية للسكان.

وجرّت موجة الاحتجاج التي بلغت ذروتها مع الانقطاع التام للكهرباء عن محافظات عدن ولحج وأبين ومناطق أخرى، حالة طوارئ سياسية تجلت بوضوح لدى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تُمثّل عدن المركز الرئيس لنفوذه وعاصمة الدولة المستقلة التي يعمل على إنشائها، والذي سارع إلى عقد اجتماع لقيادة السلطة المحلية حمّل خلاله مسؤولية الأزمة لـ "الشرعية وحكومتها".

ودفع انقطاع الكهرباء بشكل متواصل لفترات بلغت العشرين ساعة أعدادًا كبيرة من سكان عدن للخروج إلى الشارع، معبّرين عن سخطهم تجاه السلطات ومطالبين بسقوط الحكومة. وقام المحتجون بقطع الطرقات في مدينة كريتر ومديرية المنصورة مرددين هتافات مطالبة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية.

وشملت الاحتجاجات محافظ لحج شمالي عدن والتي عانت بدورها من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ثمانية أيام متتالية كما شملت أيضا محافظة أبين شرقًا والتي عانى سكانها من نفس الأزمة.

وعلى صعيد سياسي ترأس علي عبدالله الكثيري القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس الجمعية الوطنية، الثلاثاء، اجتماعًا ضمّ قيادة السلطة المحلية والقادة العسكريين والأمنيين ومديري المديريات واللجان المجتمعية خصص لبحث الوضع السائد في عدن.

وتعهّد الكثيري خلال الاجتماع بوقوف الانتقالي الجنوبي إلى "جانب المواطنين ومطالبهم المشروعة وحقهم الكامل في التعبير السلمي الرافض لما آلت إليه الأوضاع، شريطة أن يتم ذلك وفق الأطر القانونية والضوابط المنظمة".

ونقلت وسائل إعلام ناطقة بلسان المجلس عن الكثيري القول إنّ هناك "قوى معادية تسعى لاستغلال حالة السخط الشعبي بهدف إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار ومحاولة تحميل المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الأمنية تبعات التدهور الراهن"، مؤكدًا أن "تلك الجهات تعمل وفق أجندات مكشوفة ولن تتمكن من النيل من تماسك الجبهة الداخلية الجنوبية ولا من صمود العاصمة عدن".

وأكد الكثيري أن رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي "يتابع عن كثب تطورات المشهد الخدمي والأمني في عدن وبقية المحافظات، وقد قضت توجيهاته بعودة جميع وزراء المجلس المتواجدين في الخارج إلى العاصمة عدن بشكل فوري في إطار تحمّل المسؤولية والاقتراب من معاناة المواطنين".

ولم يتردّد رئيس الجمعية الوطنية في تحميل السلطة الشرعية اليمنية مسؤولية الأزمة الخدمية والمعيشية وما ترتّب عنها من غضب شعبي مشيرًا بالاسم إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، معلنًا خلال الاجتماع عن عقد مؤتمر صحفي لوزراء المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة خلال الأيام القادمة قائلًا إنه سيتم خلاله تقديم صورة واضحة للرأي العام حول الأسباب الحقيقية لتدهور الأوضاع وكشف من يقفون وراء تفاقم الأزمة وفي طليعتهم العليمي وبن مبارك، باعتبارهما المسؤولين الرئيسيين عمّا آلت إليه الأوضاع الخدمية والمعيشية في عدن وباقي المناطق.

وعلى الطرف المقابل كان رئيس الوزراء قد تبرّأ من المسؤولية عن أزمة الخدمات في عدن ومناطق الشرعية والتي عزاها لـ ”الفساد وضعف الشفافية". وقال خلال افتتاحه فعاليات ورشة عمل حول "تعزيز جهود إنفاذ القانون في مكافحة الفساد" إنّه يتم صرف 600 مليون دولار سنويًّا على الكهرباء التي تظل مع ذلك غير منتظمة". وأضاف قوله "يجب أن نواجه أنفسنا ونكون صادقين ونعترف بأن هناك إشكالية حقيقية وهذه مسؤولية مجتمعية وأمانة دينية وأخلاقية".