> طهران "الأيام" العرب اللندنية:

​وقع الانفجار الذي ضرب ميناء إيرانيا في منشأة مملوكة لمؤسسة خيرية يشرف عليها مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي وترتبط بالحرس الثوري، ما يثير الشكوك حول أسباب الانفجار الشديد الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين.

ويرتبط كبار المسؤولين داخل المؤسسة، التي تحمل اسم “بنياد مستضعفان”، بصلات مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني شبه العسكري الذي يدير ترسانة طهران من الصواريخ الباليستية والعمليات في الخارج ضد خصوم البلاد.

وتبرز هذه الروابط مع انتظار تحديد المسؤولين سبب انفجار يوم السبت الماضي الذي شهده ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس جنوبي إيران.

وأفادت التقارير أن الميناء استقبل مكونا كيميائيا ضروريا للوقود الصلب المستخدم في الصواريخ الباليستية. وقد نفت السلطات هذا الادعاء رغم أن التقارير المحلية تشير بشكل متزايد إلى شحنة غامضة شديدة الانفجار وصلت إلى الموقع.

وذكرت أندريا سيلا، أستاذة الكيمياء في كلية لندن الجامعية، أن لإيران تاريخا في انتهاك العقوبات لدعم برنامجها النووي. وترى مع ذلك أنه من المثير للدهشة أن تُترك شحنة تحتوي على مادة حساسة في منطقة التخزين المركزية بالميناء، ووصفت ذلك بالعمل الجنوني.

وتتمتع “بنياد”، التي تعني “المؤسسة” بالفارسية، بنفوذ اقتصادي واسع في إيران. وتمتد جذورها إلى مؤسسات أنشأها الشاه محمد رضا بهلوي خلال فترة حكمه.

وشكّلها آية الله الخميني لإدارة تلك الأصول بعد أن أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه خلال العام 1979، بالإضافة إلى الشركات التي صودرت من أنصار الحاكم السابق والأقليات الدينية، مثل البهائيين واليهود.

ويُعتقد أن “بنياد مستضعفان”، أو “مؤسسة المستضعفين”، أصبحت الأكبر في البلاد من حيث الأصول، حيث قدر تقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس الأميركي في 2008 أنها كانت تُمثل 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيراني في ذلك الحين. وقدّرت وزارة الخزانة الأميركية أن قيمتها بلغت المليارات من الدولارات خلال 2020. وتمتدّ شبكة استثماراتها عبر قطاعات التعدين والسكك الحديد والطاقة والصلب والشحن من خلال شركة “سينا ​​لتطوير الموانئ والخدمات البحرية”.

أمّا صور الأقمار الصناعية التي حللتها وكالة أسوشيتد برس، فهي تؤكّد أن مركز انفجار السبت الماضي كان قرب محطة “سينا” ​​في الميناء، مما تسبّب مباشرة في تدمير المنشأة والحاويات المكدسة المجاورة.

وحسب وكالة أنباء “إيلنا” الإيرانية شبه الرسمية، أكد الرئيس التنفيذي لشركة “سينا” في إيران سعید جعفري أن الشحنة كانت “خطيرة للغاية.” وأوضح أن الحادث وقع نتيجة بيان كاذب بشأن البضائع الخطرة، التي سُلّمت تحت اسم “بضائع عادية”. ولم يُفصّل أكثر من ذلك. وقد فرضت السلطات قيودا على الوصول إلى الموقع منذ وقوع الانفجار.

وترتبط مؤسسة مستضعفان بالحرس الثوري منذ إنشائها. وحصل رئيسها الحالي حسين دهقان على رتبة جنرال في الحرس الثوري، ويشغل حاليا منصب مستشار عسكري لخامنئي. كما جمعت صلات مباشرة أو غير مباشرة قادة آخرين في تاريخ المؤسسة بالحرس الثوري.

وتصف وزارة الخزانة الأميركية منظمة “بنياد مستضعفان” بأنها مرتبطة بالشرطة الإيرانية ووزارة الدفاع والحرس الثوري الإيراني.

وتذكر منظمة “متحدون ضد إيران النووية” (جماعة ضغط مقرها نيويورك) أن “بنياد” تعمل بمثابة “صندوق أموال” للحرس الثوري الإيراني لتمويل الأنشطة الإرهابية. وفرضت إدارة ترامب عقوبات على المؤسسة في 2020، متهمة إياها بإثراء حلفاء خامنئي.

وحددت وزارة الخزانة الأميركية أن المؤسسة تعمل خارج نطاق الرقابة الحكومية رغم نفوذها الاقتصادي، وهي معفاة من الضرائب بموجب مرسوم صدر عام 1993، مع أنها تزعم أن الشركات التابعة لها تدفع ضرائب.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الثلاثاء عن عقوبات جديدة تستهدف بكين وطهران بسبب نقل بيركلورات الصوديوم وثنائي أوكتيل سيباكات إلى إيران. ويُعتمد بيركلورات الصوديوم في إنتاج بيركلورات الأمونيوم وهو مكون رئيسي في وقود الصواريخ الصلب.

وكانت صحيفة “فاينانشال تايمز” قد ذكرت في يناير أن شحنتين من بيركلورات الصوديوم كانتا متجهتين إلى إيران من الصين. وأظهرت بيانات التتبع أن إحدى السفينتين كانت بالقرب من ميناء الشهيد رجائي خلال الأسابيع الأخيرة. وصرحت شركة “أمبري” الأمنية الخاصة بأن الميناء استقبل بيركلورات الصوديوم، واصفة إياها بأنها مادة بيضاء تشبه الرمل.

ونفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية العميد رضا طلائي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبار استيراد وقود الصواريخ عبر الميناء. وفي سياق منفصل، وصفت المتحدثة باسم مجلس الوزراء الإيراني، فاطمة مهاجراني الانفجار الذي وقع السبت الماضي بأنه على الأرجح ناجم عن “خطأ بشري.”

ومع ذلك، لم يُقدم أيّ تفسير رسمي بشأن المادة التي تسببت في هذا الانفجار القوي. وأظهرت لقطات كاميرات المراقبة قبل انفجار يوم السبت سحابة حمراء، مما يشير إلى احتمال تواجد مركب كيميائي مثل الأمونيا، على غرار انفجار نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت خلال 2020.

كما تُشبه السحابة المحمرة تلك التي شوهدت في حوادث سابقة شملت بيركلورات الأمونيوم أو نترات الأمونيوم. فعلى سبيل المثال، وقع انفجار هائل في 1988 في مصنع بيبكون في نيفادا، وأسفر عن مقتل شخصين وإصابة المئات بسبب تراكم بيركلورات الأمونيوم، بعد كارثة تشالنجر.

وبالمثل، تسبب انفجار 2013 في معمل سماد في تكساس، بسبب نترات الأمونيوم، في تصاعد دخان محمرّ أسفر عن وفاة 15 شخصا.

وصرحت أستاذة الكيمياء أندريا سيلا بأن السحابة المحمرة كانت على الأرجح ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز يتشكل عند احتراق بيركلورات الأمونيوم أو نترات الأمونيوم. ومع ذلك، وبناءً على تقارير شحنة وقود الصواريخ، أشار إلى أن المادة المعنية كانت على الأرجح بيركلورات الأمونيوم.