في زمن يتسارع فيه الابتكار وتتعمق فيه تطبيقات التكنولوجيا في حياتنا اليومية، تتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى واثقة لتصبح قوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. رؤية الدولة الطموحة ليست فقط تقنية، بل تنموية وإنسانية شاملة تستهدف بناء مستقبل رقمي متكامل ومستدام.

منذ إطلاق "استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، أوضحت الدولة عزمها الجاد على أن تكون مركزا عالميا لتقنيات المستقبل. وقد تجسد هذا الالتزام بخطوات عملية، أولها تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي في العالم عام 2017، في خطوة استثنائية تجسد رؤية استباقية لتحويل الذكاء الاصطناعي إلى دعامة أساسية للتنمية المستدامة. في عام 2020، تم توسيع مهام الوزارة لتشمل الاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، ما يعكس الطموح الإماراتي في التحول الرقمي الشامل

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من مختلف القطاعات الحيوية في الإمارات في قطاع الصحة، تستخدم الخوارزميات للتشخيص المبكر ومراقبة الأمراض. أما في الأمن، فتوظف تقنيات التحليل التنبؤي لتعزيز الوقاية والاستجابة. وفي النقل تختبر المركبات ذاتية القيادة ضمن بيئات ذكية. حتى الخدمات الحكومية لم تكن بمنأى عن هذا التحول، إذ تعتمد العديد من الجهات على حلول الذكاء الاصطناعي لتسريع الإجراءات وتحسين الكفاءة، مما يجعل تجربة المواطن والمقيم أكثر سلاسة وفاعلية.

تؤمن الإمارات أن الاستثمار في العقول لا يقل أهمية عن الاستثمار في التكنولوجيا، لذلك، أطلقت مبادرات مثل برنامج مليون مبرمج عربي"، بالشراكة مع مؤسسات تعليمية عالمية، لتأهيل كوادر بشرية قادرة على قيادة المستقبل الرقمي. كما حرصت الدولة على تمكين المواطنين بشكل مباشر من خلال برنامج التدريب على الذكاء الاصطناعي، الذي يستهدف تطوير مهارات الشباب الإماراتي ليصبحوا قوة فاعلة في المجال، عبر ورش عمل ودورات متخصصة تجمع بين التدريب النظري والتطبيقي.

كما أنشأت الدولة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) في أبوظبي، وهي أول جامعة مخصصة للدراسات العليا في الذكاء الاصطناعي. تقدم الجامعة برامج متقدمة في تعلم الآلة، والرؤية الحاسوبية، ومعالجة اللغات الطبيعية، مع تركيز خاص على تطوير نماذج باللغة العربية مثل نموذج "جيس (Jais) " ، ما يعزز الهوية الرقمية للمنطقة.

الطموح الإماراتي لا يقف عند حدود الدولة، بل يمتد إلى التعاون الدولي. ففي مايو 2025، وخلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أبوظبي، تم الإعلان عن مشروع "ستارغيت الإمارات Stargate UAE) "، وهو أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، بالشراكة مع شركات مثل OpenAl و NVIDIA و Oracle و Cisco و SoftBank وبقيادة شركة G42 الإماراتية ، مما يعزز قدراتها الحوسبية في الأبحاث والتطبيقات المتقدمة . حيث إن هذا المركز سيصبح حديقة للبحث العلمي.

كما أعلنت شركة القابضة ADQ الإماراتية عن شراكة بقيمة 25 مليار دولار مع شركة طاقة أمريكية، ما يعكس التداخل العميق بين البنية التحتية للطاقة والذكاء الاصطناعي، ويعزز التكامل بين القطاعات.

مع هذا الزخم في التطوير، تدرك الإمارات أهمية وجود أطر تنظيمية وأخلاقية تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي. تعمل الدولة على تطوير تشريعات واضحة تحفظ الخصوصية، وتحترم القيم الإنسانية، وتضمن أن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، وليس العكس.