> "الأيام" العين الأخبارية:

​وسط شوارع عدن المزدحمة عشية عيد الأضحى، يقف السائق اليمني محمد عبده بجوار حافلته الصغيرة ذات الـ14 راكبًا، منتظرًا من يشاركه الرحلة إلى محافظة تعز.. مشهد متكرر يعكس كيف بدّدت الحرب الحوثية منذ أكثر من عقد طقوس العيد، ومزّقت أوصال اليمنيين.

يقول عبده لـ"العين الإخبارية": "أعمل في نقل الركاب منذ 20 عامًا، توارثت المهنة عن أبي، وكانت الأعياد تمثل لنا ذروة الموسم، لكن خلال السنوات العشر الأخيرة تغيّر كل شيء".

ويضيف: "قبل الحرب كانت أيام العيد مزدحمة بالمسافرين، نحمل معهم الرسائل والهدايا وحتى المواشي بين المحافظات. كنا نملك أكثر من حافلة، لكن مع الحرب والطرقات المقطوعة، بالكاد نجد من يسافر".

ويشير السائق إلى أن الحصار وقطع الطرقات أثرا بشدة على دخله ودخل زملائه في المهنة، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار الوقود، ما جعل زيادة الأجرة غير ممكنة مراعاةً للظروف المعيشية الصعبة للركاب.
  • عيدٌ بعيد عن الأهل
لا تقف المعاناة عند حدود المركبات والطرقات، بل تتسع لتشمل فصولًا مؤلمة من الشتات الأسري، كما في حالة عبدالإله الخادم، الذي لجأ إلى عدن مع أسرته فارًا من الحرب في مدينة حيس جنوب الحديدة عام 2018، تاركًا خلفه والدته.

يقول الخادم: "هربت بزوجتي وأطفالي الأربعة إلى دار سعد في عدن، بينما رفضت أمي مغادرة قريتنا. ومنذ ذلك الحين، لم أستطع زيارتها. في كل عيد نتحدث هاتفيًا ونبكي، لكن اللقاء ما زال مستحيلًا".

يتمنى الخادم أن تتوقف الحرب، وتُفتح الطرقات، وتُرفع الحصارات لتعود الروابط الإنسانية التي طمستها سنوات النار والبارود.
  • بوادر أمل.. طريق الضالع-صنعاء يعيد الأمل
ورغم قتامة المشهد، أشرقت مؤخرًا بارقة أمل مع إعادة فتح طريق "الضالع - صنعاء"، أحد أهم الشرايين المغلقة منذ عام 2019. هذا الطريق أعاد لعيد هذا العام نكهة التواصل واللقاء، كما يرى محمود النقيب، من سكان مريس بالضالع.

يقول النقيب لـ"العين الإخبارية": "هذا العيد مختلف. بعد فتح الطريق أصبح بإمكاننا زيارة أقاربنا والمشاركة في الأعراس وتبادل التهاني، بعدما كانت المسافة القصيرة تستغرق أكثر من 6 ساعات بسبب الطرق الوعرة البديلة".

ويضيف: "السفر بين عدن وصنعاء كان كابوسًا. الكثيرون انقطعوا عن عائلاتهم لسنوات بسبب مشقة الطريق وتكاليفه. اليوم نشعر ببعض الفرج، ونأمل أن تشمل هذه الانفراجات باقي المناطق".
  • مطلب إنساني
فتح الطرقات ليس فقط ضرورة لوجستية، بل مطلب إنساني يختزل معاناة الملايين من اليمنيين المشتتين في الداخل والخارج، الذين حُرموا من لقاء أحبابهم، وذرفوا دموع العيد في غرف النزوح.

أصوات من الميدان تؤكد أن الأولوية اليوم يجب أن تكون لفتح المعابر وفك الحصار عن المدن، تمهيدًا لاستعادة الحد الأدنى من الحياة، وعودة العيد إلى ما كان عليه يومًا: موسم لقاء لا وجع فُرقة.