الثلاثاء, 05 مارس 2024
617
ذهبت مع صديقٍ لي من أجل أن يستفسر عن تكاليف عملية جراحية يحتاجها، وهذه العملية تعتبر من العمليات الصغرى، ذهبنا إلى المستشفى الحكومي وهناك وضع الدكتور الذي عاين حالة صديقي 205 ألف ريال، عدى قيمة العلاج الذي سيحتاجه المريض بعد العملية مباشرة، بصراحة صدمني المبلغ بالرغم من الانهيار الذي تعانيه عملتنا الوطنية، ذلك أن المستشفى حكومي والمفترض أنه مدعوم من الحكومة والتكاليف المالية من المفترض أن تكون رمزية، وتراعي ظروف المواطن البسيط خاصة في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة جدا، المهم قلنا سنذهب لمستشفى خاص وسنرى كم تكون تكاليف العملية، واتجهنا إلى هناك ودخلنا عند الدكتور المختص وأجرى المعاينة بعد دفع رسوم 4 ألف ريال، قلت له كم تقدر تكاليف العملية، فمكث يسجل ويجمع المبلغ، قال تكلف العملية 400 ألف ريال غير تكاليف الرقود ليوم أو يومين وقيمة العلاج، بمعنى قدرها ما يقارب 500 ألف ريال، وبصراحة أفزعنا المبلغ وجعلنا نرى المستشفيات أقرب للمسالخ، تسلخ الجيوب وأيضا لا يوجد ضمان لنجاح العملية. مع وجود كثير من قليلي الخبرة في مستشفيات الدولة والقطاع الخاص، المستشفيات الخاصة تنتشر في أرجاء المدن وكل هم هؤلاء المستثمرين فيها هو جمع الأموال، كانوا قديما يطلقون على الأطباء ملائكة الرحمة، تدخل عند الدكتور فيبعث فيك الأمل بابتسامته وبالأمل الذي يغرسه في مريضه بإمكانية الشفاء، أما الآن فيحدق فيك ويتمحص في وجهك وشكلك الخارجي هل يوحي كل ذلك بقدرتك المادية في دفع تكاليف العملية وقبل ذلك يشترط عليك إجراء الفحوصات الشاملة عنده، فلا عملية بدون فحوصات شاملة، وبعضهم أيضا يشترط شراء العلاجات من صيدلية معينة، وعندما تستفسر عن السبب، تجد أن هناك تخادم بين الدكتور وهذه الصيدلية أو تلك، حيث يُعطى الدكتور نسبة من الأرباح، مقابل أن يجبر المريض شراء العلاجات من هذه الصيدلية حصرا، عندما يتحول المستشفى إلى مسلخ معناه أن الضمير الإنساني قد انعدم، معناه أنك قد تصل بمريض في حالة حرجة ويموت أمام الأطباء إذا لم يكن لديك المال الكافي لعلاجه، معناه أن الأطباء قد تحولوا لكائنات جمادية لا تتحرك إلا بالمال، فلا قيم إنسانية ولا دينية ولا أخلاقية يمكن أن تضبط مهنتهم، هنا يصبح المستشفى مسلخ لا علاقة له بالحياة.