من اختار العنف والحرب طريقًا للانقلاب وإسقاط الدولة في صنعاء، سيبقى متمسكًا بهذا الطريق ولن يحيد عنه؛ وسيبقى قويًا ما بقيت (الشرعية) ضعيفة وعاجزة عن مواجهته؛ بل و (قابلة) بوجوده وتوفر له كل أسباب ومبررات البقاء؛ فالحركة الحوثية قامت وتأسست وكبرت وتقوت وتمددت معتمدة على الحرب؛ ولن تعيش إلا بالحرب؛ ولن تسقط أو تقبل بالسلام إلا عبر خسارتها للحرب؛ ومن يراهنون على خارطة السلام (الملغمة) سيكتشفون قريبًا بأن حساباتهم خاطئة وتكتيكاتهم الخبيثة سترتد عليهم سلبًا وبأكثر من صورة.
ولأن الأمر كذلك فإن وضع الشرعية بتركيبتها القائمة وبسياساتها المتبعة؛ لن تكون جديرة بأسقاط الانقلاب والعودة إلى صنعاء لاستعادة شرعيتها المفقودة أصلًا؛ إذا ما استثنينا اعتراف المجتمع الدولي بها ودعم بعض أطراف التحالف العربي وقبول الجنوبيين بها في عدن عاصمتهم الأبدية؛ أملًا منهم بتوفير الأرضية المناسبة لتحركها الفعلي نحو (تحرير) صنعاء (المختطفة).
لكن الوقائع تثبت عكس ذلك تمامًا؛ فقد أصبحت عدن هي هدفهم ومشروعهم السياسي (الوحدوي)؛ ويمارسون كل جهودهم وطاقاتهم (لإسقاط) عدن (الانفصالية) وقبل أي شيء آخر؛ ولنا في الإعلان عن تأسيس تكتل (وحدوي) جديد إلا دليلًا دامغًا على ذلك؛ وبغض النظر عن كونه محاولة بائسة وخائبة ومحكوم عليه بالفشل الذريع؛ إلا أنه يعكس وعلى نحو جلي ما تخطط له (شرعية) الجمهورية اليمنية القائمة.
ولهذا ولغيره من الأسباب والحقائق التي تثبت فشل الشراكة مع هذه (الشرعية)؛ فإن الجنوبيين ودفاعًا عن قضيتهم مجبرين على أن يعدوا أنفسهم جديًا وجيدًا للحظة مواجهة الحقيقة المصيرية؛ وأن يتخذوا قرارهم الحاسم ودون تردد وفي اللحظة المناسبة وقبل فوات الأوان؛ انتصارًا لقضيتهم الوطنية؛ وصيانة لتضحياتهم العظيمة التي قدموها في سبيل حريتهم وكرامتهم وخلاصهم.
فلا طريق مضمون غير ذلك؛ لأن الرهان على الشراكة المرحلية المؤقتة - وقد طالت كثيرًا - هو رهان خاسر؛ بالنظر لاستغلالها وجعلها جسرًا للمرور للانقلاب على مشروع الجنوب الوطني؛ وهو الأمر الذي بات مكشوفًا ولا ينبغي السماح لهذا المخطط أن يمر؛ ووضع حد حاسم لهذا التمادي المستهتر بإرادة الجنوبيين وتضحياتهم ومعاناتهم المؤلمة جراء حرب الخدمات الإجرامية البشعة وفي مقدمة ذلك الكهرباء والمياه ناهيك عن بقية الحقوق وفي مقدمتها المرتبات.