نجوم عدن .. علي عبدالله العيسائي

> فضل النقيب

> على الرغم من أن الشيخ علي عبدالله العيسائي، رجل الأعمال المعروف قد حل بجدة واستوطن السعودية منذ نصف قرن تقريباً، إلا أن نجاحاته المشهودة في عدن وعصاميته اللامعة لا تزال أصداؤها تتردد على الألسنة .. قصة نجاح باهر متصاعد من مجال إلى مجال، ومن حال إلى حال، ومن مال إلى مال كان بيته الكبير في شارع الشيخ عبدالله «منطّق البقرة» بكريتر حسب الروايات عن ذلك الولي الصالح الذي تقام له زيارة سنوية، مأوى ومقر عمل للكثير من الناس وكذلك الزائرين والعابرين والمتطلعين إلى فضل هذا الرجل، وهناك، وقد عشت ردحاً من الزمن في ذلك البيت في خمسينات القرن الماضي شهدت وتعرفت إلى أناس كثيرين لهم قصص تروى لا يتسع المجال لذكرها، وقد يسنح الزمان ذات يوم.

كان شارع الشيخ عبدالله البعيد نسبياً عن الوسط التجاري صورة لعدن، فأمام بيت الشيخ علي كانت تقطن عائلة يهودية كثيرة الحركة والجلبة، وعائلة فارسية من معدن جمال لا يُنسى، وعائلة إنجليزية كئيبة في الطابق الأخير من عمارة حديثة وتحتها عائلة هندية، وقد شهدت ذات يوم معركة ظالمة بين الإنجليزي والهندي الذي أكل ضرباً مبرحاً دون أن يحرك ساكناً. وفي الجوار كان بيت رجل الأعمال الحاج سيف، وباتجاه العيدروس أبعد قليلاً كان بيت الشيخ عمر قاسم العيسائي ومتجره النامي آنذاك، ومقابلهم كان بيت عائلة تجارية من الكويت، وإلى الأعلى بيت الشيخ عبدالرحمن بازرعة، وفي القلب مسجد الشيخ عبدالله المحاط بالأسرار.

ولا أزال أتذكر حتى اللحظة الانطباعات الأولى المدهشة عقب قدومي صغيراً من الجبال اليافعية. وكانت الدهشة الأولى أضواء عدن الكهربائية البازغة للقادم من الطريق البحري، في زمن كان الفانوس أبو ذبالة هو الغالب على الريف اليمني بأسره، وكان آية في الجمال عقب «الغازة» التي لا تكاد تضيء نفسها، ولذلك كانت أضواء عدن سحراً ما بعده سحره، والدهشة الثانية حين دخلت مكاتب الشيخ علي في الطابق الأرضي المضاء «النيون»، فبدت لي وجوه العاملين كأنها مضاءة من داخلها، فيما العرق يتصبب منهم وهم منكبون على عمل لا ينتهي تحت أزيز المراوح الدائرة.

وكان على رأس هؤلاء محمد علي الهندي الخبير بالمراسلات والحسابات ومسك الدفاتر، وكان رحمه الله على جانب كبير من الخلق والبشاشة والإخلاص في العمل، وكان الشيخ علي يساعده أخوه حسين هو الدينامو يلتقط الجميع إشاراته كأنما بـ «الريموت كنترول».

وكانت «طاقات» القماش تتدفق من اليابان وعليها صور الحسناوات، والسوق متعطش لكل جديد، فلم تكن عدن آنذاك هي السوق وإنما بوابته امتداداً إلى الداخل اليمني والجزيرة العربية وشرق أفريقيا، وذلك قبل فترة وجيزة من زمن «جرين ليف» ذلك القميص الأنيق الوثيق الذي ضرب الماركات الفاخرة برخصه وموثوقيته، فأصبح حديث المدينة وكان وكيله الحصري الشيخ علي يصرفه من محلّه في «الميدان»، الذي كان مقراً قبل ذلك لشركة سورية مشتركة تضم في عضويتها الشيخين عمر وعلي واثنين من تجار سوريا، وكان لوالدي حصة صغيرة إضافة إلى عمله كمدير تنفيذي مسؤولاً عن المبيعات والقيود، وكان الإنتاج السوري متفوقاً على الياباني في مجال النسيج بمراحل قبل أن تضربه صاعقة التأميم الناصرية فيصاب بعجز مزمن يعانيه حتى اليوم، وقد تخلف عن الزمن الذي لا ينتظر أحداً، ولا أظن أن بيتاً في اليمن قد خلا من مبيعات تلك الشركة.

عقب ذلك دخل الشيخ علي بشراكة لم تنفصم مع الشيخ عمر في صناعة المشروبات «كندادراي» وتجارة وإصلاح السيارات «الشركة العربية» وغير ذلك من مجالات ينمو بعضها من بعض، حتى جرى القضاء عليها بضربة لازب بقرار التأميم الأعمى، الذي نقل الثقل الاقتصادي إلى عواصم أخرى كما هي سنن الله في الكون، وأفقر عدن بعد أن دخلت في نفق مظلم من الكساد واللا إنتاج .. وللموضوع صلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى