معالم عدن.. وما تبقى من حافة (الصبّاغين)

> صالح حنش

> حافة الصباغين.. أو حارة الصباغين هي من أقدم وأعرق الأحياء السكنية التي تكونت منها مدينة الشيخ عثمان العدنية، وهي - كغيرها - واحدة من مناطق وأحياء ومواقع عديدة في هذه المحافظة، التي جاءت تسميتها من طبيعة التركيبة الديموغرافية لسكانها أو لارتباطها بجوانب الأنشطة السكانية الاقتصادية الحاضنة لها، أوكذلك بحادثة أو شخصية لما لها أو له من علاقة بتاريخ إنشائها وتأسيسها، والشواهد على ذلك كثيرة، مثل حافة القاضي نسبة إلى القاضي البطاح من أبرز أعلام مدينة عدن، وحافة العيدروس نسبة لولي الله الصالح بكريتر، وحافة الهاشمي وحافة دبع بالشيخ عثمان وحافة الريل بالمعلا، وغيرها من الأماكن وتسمياتها، شأنها في ذلك شأن بقية المدن اليمنية والعربية، وكذا العديد من دول العالم.

وتعتبر مدينة صنعاء القديمة وتسميات أحيائها العريقة أسطع مثال على ذلك، منها «سمسرة النحاس» و «سوق الملح»، وغيرها طبعاً، مع الفارق أنها بقيت تسمياتها ومعالمها واضحة وبارزة لم تتغير، على عكس ما حدث للكثير من معالم وملامح مدينة عدن القديمة، وكأنها قد ضربها زلزال مدمر أو طوفان جارف أشبه بكارثة «تسونامي»، لتقام على أنقاضها المباني والقوالب الخرسانية التجارية والسكنية الشاهقة على أحدث طراز عصري وأرقى التصميمات العالمية، وكأن المساحات الشاسعة من الأراضي البيضاء قد ضاقت بها دون مراعاة ما تمثله هذه المعالم من قيم تراثية تاريخية وحضارية، ليس لعدن وحدها بل للوطن اليمني الحبيب بأسره، بدلاً من حمايتها والحفاظ عليها، كمحمية سكانية تعد ثروة وطنية في كنوز موروثنا الثقافي.

لعل التناول هنا لـ «حافة الصباغين» كنموذج فقط، وهو الحي الذي يبدو اليوم وكأنه تأسس وأنشئ في تسعينات القرن الماضي، لو لم يدل على عكس ذلك ما تبقى من معالمه الرئيسة المتمثلة بـ «المدرسة الشمالية للبنات» التي تأسست عام 1941م، كما دلت على ذلك اللوحة الجدارية المحفورة على مدخل بوابته الرئيسي، وهذه المدرسة هي الأخرى مستها حركات التغيير والتحدي - ربما على خفيف- لتحمل مرة اسم «الشهيد العبيدي» ثم «7 يوليو»، ومع تقديرنا واعتزازنا بالتسميتين إلا أنها أظهرت الاختيار غير الموفق، إذا أن المدرسة الشمالية هي أصدق تسمية للدلالة على موقعها في الجهة الشمالية من المدينة مدينة الشيخ عثمان، وبصرف النظر عن التسمية، وبالرغم من أهميتها إلا أن الأهم - وهو عزاؤنا في هذا السياق- أنها ظلت وما زالت ونسأل الله تعالى أن تبقى المنشأة تؤدي الأغراض التي أقيمت من أجلها في أداء رسالتها السامية في التربية والتنشئة والتعليم، وشاهدا على ذلك التاريخ الذي عرفت فيه عدن الحبيبه - ومن خلالها اليمن - عصر التعليم الحديث العصري النظام وتحديداً تعليم الفتيات، ودليلاً حياً على ما تمثله عدن من مكانة رفيعة في في الجغرافيا اليمنية والثقافة الوطنية وتكوين الإنسان المادي والروحي والفكري!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى