في مقدمتها المياه:استراتيجيات .. ولا من جديد آت..!

> نعمان الحكيم

>
نعمان الحكيم
نعمان الحكيم
دلفنا إلى الألفية الثالثة مندفعين بالقول المأثور لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم عندما هب الأشاعرة من أهل اليمن، وهم أربعون فارساً يقودهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في نصرتهم للدعوة الإسلامية ورسول الهدى النبي الكريم عليه صلوات الله وسلامه: أتاكم أهل اليمن .. إلى قوله «الإيمان يمان والحكمة يمانية».. ومن هذا الحديث الشريف، كنا وما نزال نندفع لنقدم للعالم حكمتنا المنطلقة من إيماننا القويم وتبكيرنا بالدخول في الدعوة، التي كان لنا فيها هذا التفضيل من نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دون سوانا من البشر.

واندفاعنا في الألفية الثالثة، وإن كان قد جاء بما أسلفنا من تاريخ عطر وسيرة محمودة، إلا أن واقع اليوم يشير إلى أننا قد جانبنا الحقيقة، وأن ولوجنا إنما كان منه الظهور بأشياء هي مسميات ليس إلا.. أما ماذا أتت لنا من جديد مفيد، فهو ما لم يكن، وهو بيت القصيد!

والقصيد هنا أو المقصود هو الذي جعلنا نتدثر بسلسلة من المسميات، التي لم تجلب لنا إلا الزكام والأورام وحمى الضنك التي انتشرت كثيراً بعد (جنون البقر وانفلونزا الطيور).. هذه المسميات التي ربما اعتبرها بعض البسطاء وليس الخبثاء، سرطاناً سرعان ما ينتشر ليودي بالحياة، والعياذ بالله .. والعتب، إن كان هناك عتاب، على الناس البسطاء الذين لا يفهمون في السياسة ولا (المدياسة)، وإنما هم يعبرون عن المكنون الذي أوصلهم إلى هذه الأمور!

استرتيجيات أو (ستراتيجات) على رأي إخوتنا العراقيين الذي ينطقونها بدون الألف، كثرت وتعددت ولم نفقه منها شيئاً، أو بالأصح لم نلمس منها فائدة تذكر.. وإذا قمنا بتعداد هذه الاستراتيجيات فإنها كثيرة ولكن لا مفر من ذلك وهي: استراتيجية التعليم الأساسي، استراتيجية محو الأمية وتعليم الكبار، استراتيجية الأجور والمرتبات، استراتيجة التعليم الفني والمهني، استراتيجية السياحة والثقافة، استراتيجية المياه والصرف الصحي، استراتيجية السكان والصحة والتنمية، استراتيجية التطبيب بالخارج والداخل، استراتيجية.... و....، وربما هناك استراتيجيات لم تدر في بالي ولم أسجلها وستكشف الأيام عنها سراعاً، لنجد أنفسنا على بساط (الريح) من هذه الاستراتيجيات التي كثر الحديث عنها وذهب فعلها، إن لم يكن كلها فعلى الأقل بعضها، ولا شك أن النافع منها قد ذهب مع الغالب الفاشل.. والقاعدة في الحكم لا تكون إلا على الأغلب وليس غير ذلك!

والاستراتيجيات إن كانت لها أهمية في مجالات التنمية وإصلاح المسار وضرب أوكار الفساد، إلا أنها على ما يبدو أتت بديلاً للصناديق التي ثبت فشلها ماعدا الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي حقق نجاحات ملموسة.. وعلى فكرة تذكرت آخر الاستراتيجيات، وهي الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، الذي تفاقم وتضاعفت أعداده في الجمهورية بدون منافس أو مبارز أو أي شيء من هذا القبيل!

ما يهمنا اليوم هو استراتيجية المياه والصرف الصحي، التي منذ الإعلان عنها، أو ربما سوف يعلن عنها لاحقاً، إذا كانت لم تدخل حيز الواقع العملي، أقول مذ ذاك الزمن والمياه في تناقص مستمر، وقد سمعنا مبررات من قيادة المحافظة، وقيادة المياه والصرف الصحي بعدن ثم المواد المائية، واقتنعنا بذلك، لكن وعودهم بالتحسن أو الأحسن صارت إلى (الأحزن) وصرنا ننتظر بفارع الصبر وصول المياه، ولكن ذلك صار من المستحيلات التي كان يتفنن في تذكرها المحبون والعشاق وأهل الخيال الخصب الذي لا يروي الظمآن..!

المياه يا أهل الاستراتيجية لم تعد بالشيء الذي يمكن أن نعتبره كماليات، لأننا لم نملك ما يوفر لنا قيمة قناني المياه الصحية على اختلاف أنواعها، وليس لدينا قدرة على شراء البوزات أو ما يسميها البعض (الوايتات)، لأنها صارت (الزفة) منها بالآلاف، وهي مناسبة للأغنياء الذين يستثمرون ويعمرون، وأعطاهم الله ثروة تمكنهم من ذلك!.. نحن المواطنين الموظفين، لا نملك إلا الراتب، ولا يحق لإدارة المياه أن تذيقنا الأمرين، فنحن نعيش على هاجس (الأمرين)، والأمران هما (الفقر+ الشيخوخة) أو (الفقر+ الهرم)، فهل بعد هذا تظل المياه هكذا من سيئ إلى أسوأ، أم نظل نغني بما تغنى به المطربون على الماء والعطش والزراعة والحياة؟!

يا أهل المياه، اذهبوا إلى الفيوش في لحج سترون حجم الكارثة، كم من الآبار تحفر عشوائياً وكم من المزارع تستثمر على حساب مياه الشرب، وأمام الله والناس والمسؤولين ولا من يحرك ساكناً، فإلى متى السكوت وإلى متى الرضوخ، وإلى متى هذا القهر والاستبداد بالناس الذين يدفعون ما عليهم، بينما الكبار هم الذين يعيثون فساداً في الأرض ويحرموننا قطرة الماء النقية/ الحياة؟!

نحن في المناطق المرتفعة: عمارات مبان، جبال، هضاب، نناشدكم الله أن تضعوا أنفسكم مكاننا، فلا حياة بدون المياه، ولا حياة بدون شربة ماء، أو نظافة أو.. أو.. فهل وصلت الرسالة لتنتهي بها الأزمة المفتعلة أو المستفحلة .. أم سنظل ننفخ في قربة مخزوقة؟!

الماء .. الماء ولا بديل للماء.. إلا الموت .. فهل فهم ذلك حكامنا الموقرون؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى