مع الأيام.....على هامش تكريم المعلم

> شكري سعيد بوسبعة

> التعليم الأساسي: سمك، لبن، تمر هندي,أي تعليم ننشد وأطفالنا أكبادنا يعودون أدراجهم مخيبي الآمال لعدم استيعابهم الدراسة هذا العام لشحة الصفوف الدراسية؟أي تعليم ننشد ورياض الأطفال الحكومية مغيب دورها في المجتمع، ولم ترق إلى مصاف الرياض الخاصة من الاهتمام والمتابعة، وتخرجهم وهم يجهلون أبجديات الأسس؟ أي تعليم ننشد وأطفالنا يفترشون الأرض، وصفوفهم مكتظة كعلب السردين، حيث لا وجود لقدم المعلم في الصف؟ أي تعليم ننشد والمجتمع ما يزال ينظر للمعلم من زاوية ضيقة، ويوصيه بوقاحة على أبنائه في امتحانات الشهادة والنقل؟أي تعليم ننشد وولي الأمر يساعد ابنه على الغش في الامتحانات، ويعتبرها فهلوة؟

لم يحظ التعليم الأساسي، أي الابتدائي، في بلادنا بأي اهتمام يذكر، حيث نعيش وفق مفهوم خاطئ، المعلم الأدنى مستوى يحول للتدريس الابتدائي، وهذا عكس ما يحدث في الخارج، حيث يخصصون لهذه المرحلة صفوة رجال التعليم، ويفضل لها من هم حاصلون على الدكتوراه لإلمامهم بأهمية تلك الفترة، التي إذا بدأت بنجاح لا بد أن يستمر التوفيق والنجاح حتى النهاية، والتدريس هنا ليس حفظاً وتلقيناً بقدر ما هو فن ومقدرة، فالمرحلة الابتدائية هي أساس التعليم بكل مراحله، وإذا لم يكن الأساس سليماً تسرب النقص والقصور والعجز إلى باقي المراحل، فالخبرة تكون هي الأساس الذي تدور حوله العملية التعليمية، فالطفل ينتزع من صدر أمه، ولا بد هنا أن يعوض بالمعلم أو المعلمة المؤهلين تأهيلاً علمياً ونفسياً واجتماعياً، ومن هذا المنطلق علينا أن نلقي جانباً أسلوب التلقين والحفظ. وفي ضوء هذه الفكرة يتحتم أن يقوم بالعملية التعليمية معلم ذو خبرة وإلمام بالدور الكبير الذي ينتظره، فمثلاً أن يكون مؤهلاً من الناحية النفسية والعلمية، وحتى من ناحية العلاقات العامة، ويجب أن يكون على قدر من المهارات المختلفة، سواء المهارات الذهنية أو العملية، إذ ليس المهم أن يتعلم الطالب في المرحلة الابتدائية كيف يقرأ ويكتب ويحفظ بعض المعلومات فقط، بل المهم أن يتزايد شعوره بأن هذا التعليم مقدمة لمراحل قادمة، يفترض فيه أن يتابع جهوده من أجل حياة أفضل لنفسه ولأبناء مجتمعه، فالطالب الحقيقي ليس عقله وعاء يستقبل المعارف، بل هو مصنع علم يعيد تشكيل معلوماته، فيوازن ويعيش ويجمع ويفرق ويحلل ويمارس التجارب، مسوقاً بحماسة شديدة لاكتشاف الجديد. ولماذا يهتم الطالب بمتابعة دراسته وهو الذي لم يجد خلال سنوات الطلب أي متعة حقيقية في تحصيل المعرفة؟ وكيف يستمتع بالمعلومات، وهو الذي حرم خلال فترة إعداده التعليمي حقه في المناقشة والمشاركة في تقرير المعلومات، ولم يجد من يشجعه على تطوير معارفه وتنمية ملكاته وقدراته العقلية والعلمية؟

فما أحوجنا اليوم إلى رواد تربويين تعليميين لا يتصرفون على صورة موظفين ينتظرون الراتب آخر كل شهر وحسب، بل ويتطوعون لخلق جيل من الأوفياء المؤمنين بالقدوة من ناحية، وبالمعرفة من ناحية أخرى، ومن ناحية ثالثة بتوفير أقصى قدر من حرية الحوار التي تفتح أمام عقول الطلاب أبواباً واسعة يلجونها، فيحققون بها ذواتهم ويشعرون معها بمتعة الخلق والإبداع.

فإذا كان المعلم في حالة نفسية ومادية واجتماعية جيدة، انعكس ذلك على عطائه وجهده، وكان لذلك أثره الإيجابي في شخصية المتعلم وسلوكه وتفكيره، وإلا سنجده في أكثر من مهنة لسد ذلك النقص - كحال العبد لله كاتب هذا المقال - فعطاء المعلم لا يمكن أن يتم في جو من التوتر والقلق أو الحاجة، بل لا بد أن يتم في مناخ صحي.

ولا ننسى في هذه المناسبة أن الأمم لا تتقدم فتتجاوز نفسها وتحقق الكثير من الإنجازات بحصول أبنائها على الشهادات فقط، وما أكثرهم في أيامنا هذه، بل تتقدم بأن تجعل من فلسفتها التربوية التعليمية طاقة ينشط بها العقل وتقوى بها الإرادة وتتضاعف بها الرغبة في الإنشاء والتعمير والتطوير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى