الرجال يرثون عظمتهم من أمهاتهم

> هدى حسين عبده

> إذا أردنا أن نضع تصوراتنا للمستقبل علينا أن نزرع بذوره اليوم .. وبذوره بلا شك التعليم، وبالعلم ترقى الشعوب .. وعليه لا بد أن نؤمن أن المستقبل لا يصنعه إلا أبناؤه وأن الأفكار والرؤى والأحلام والآمال والطموحات التي تجول في رؤوس شباب العصر هي التي تصنع أخلاق العصر القادم.

فالاهتمام بتعليم الشباب وتربيتهم تربية صالحة فاضلة مهمة وطنية عظيمة ولا تعلو عليها أية مهام.

كيف نهيئ الأجيال القادمة؟ إن مسألة تعليم الفتيات والاهتمام بتربيتهن تربية صحيحة صالحة ورعايتهن قد نالت الكثير من العناية والأولوية في كل العصور والمراحل التي مرت بها البشرية لاعتبارات شديدة الأهمية كونهن أمهات الأجيال القادمة وصانعات المستقبل، ولا يمكن الاستهانة بذلك، وفي مثل هذا العصر الذي نعيش فيه وما يحمله من تعقيدات واختلافات وتقدم علمي وتنوع وسائله وسرعة التواصل .. ناهيك عن الصراعات المختلفة في كل أرجاء المعمورة .. أصبح الأمر ضرورة.

ولا شك أن مجتمعنا اليمني أبدى اهتماماً كبيراً بتعليم الفتيات وتشجيعهن في مجالات العمل والحياة الاجتماعية .. ولكنه لا يرقى إلى مستوى الطموح المرجو، ولا مبني على رؤى ثاقبة واستراتيجية مستقبلية ولا يواكب التقدم الهائل للبشرية.

وقد يكون من بعض الاسباب تجاهل العديد من الصعوبات والعراقيل والمعوقات التي تفتقد الدراسة والتحليل لمسبباتها، أكانت موضوعية أو ذاتية، والتي يجب علينا التذليل لكثير منها والمعالجة الشاملة من قبل كل الفئات وشرائح المجتمع .. وهي مسؤولية الجميع إذا كنا نؤمن بأن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع.

إن تعليم الفتاة يعزز ثقتها بنفسها ويهذبها ويغرس القيم المثلى والسلوك الحميد والصفات الحسنة ويربطها بدينها وعقيدتها الدين الاسلامي الحنيف، مما يجعلها حصنا منيعاً .. تملك قرارها وحسن رأيها وهذا ما يجعلها أماً صالحة وواعية تربي الأبناء الأقوياء الذين يحتاجهم الوطن بحق، وفي حديث للرسول [ «لا تسترضعوا الحمقاء فإن الولد يشب عليه»، وفي قول الإمام علي ] لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يغلب الطباع.

وقد قال روسو: الرجل من صنع المرأة.. فإذا أردتم رجالاً عظاما أفاضل .. فعليكم بالمرأة .. تعلمونها ما هي عظمة النفس وما هي الفضيلة.

وكما قيل «ويجب أن تبدأ بتربية الطفل قبل ولادته بعشرين عاماً». فتعليم الفتيات والاهتمام بتربيتهن لا يعني مشاركتهن في ميادين العمل المختلفة ومشاركتهن في العمل الاجتماعي والسياسي ووعيهن بالحقوق الدستورية والقانونية كحق اجتماعي فحسب، بل إعدادهن الإعداد السليم كأمهات لتربية النشء الجديد، أي صناعة المستقبل كما نرجوه. وإذا كانت البذور خيراً حصدنا خيراً، و«يكون الرجل في كبره كما هيأته أمه في صغره .. ويرثون عظمتهم من أمهاتهم»..

من كل ما تقدم نشعر بالأسى والحزن لما آل إليه التعليم بشكل عام وتعليم الفتيات بشكل خاص وازدياد تسربهن وعزوفهن بل وانقطاعهن عن التعليم .. وعدم رغبتهن في مواصلة الدراسة وجهلهن الكبير لنتائج ذلك.

ومن المؤكد أن يكون لهذا الوضع الرديء أسباب حقيقية لا نستطيع تجاهلها أو التعامي عنها .. فالتعليم حق للفتاة فكيف نساعدها؟ سؤال نطرحه لمن يهمه الأمر.. للبحث عن الأسباب والمعالجات والتذليل من الصعوبات أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وهي شاملة ومترابطة ومعقدة وتعكس الواقع اليمني بكل اتجاهاته .. نحتاج إلى التحليل والبحث بصدق وجرأة والمعالجة كذلك.

وهناك توجه جاد من قبل وزارة التربية والتعليم لهذا الموضوع، فاستحداث قسم في الوزارة وكذا في مكاتب التربية بالمحافظات والمديريات يسمى قسم «تعليم الفتاة» كان له أهمية كبيرة في هذا المضمار.

أملنا كبير في التعاون والتكاتف من كل منظمات المجتمع وشرائحه للمعالجة والاستمرارية فيه كقضية وطنية متداولة وليست آنية .. مع تقديرنا لكل الجهود التي تبذل.

مشرفة تعليم الفتاة - عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى