رجال في ذاكرة التاريخ1-أحمد عبدالقادر صالح: حكم بالإعدام و (8) أيتام وعم من خيرة الأعمام2 - الشيخ أنور محمد حسن: رابط بمسجد الهدى ( 30) عاماً عانى بعدها آلاماً

> نجيب محمد يابلي :

> 1- أحمد عبدالقادر صالح:النشأة في محيط مرح....أحمد عبدالقادر أحمد صالح، من مواليد حي «الطويلة»، الحي الكريتري العريق عام 1935م. والده عبدالقادر أحمد صالح، كان موظفاً بسيطاً في شركة توني بس TONY BESS، رجل الأعمال الفرنسي المشهور، الذي كان يأنس كثيراً لظرف موظفه البسيط عبدالقادر، ومن حكاياته الظريفة أنه كان كلما يدخل على الخواجه البس وبيده الرسالة أو الرسائل المطلوبة للتوقيع عليها ويسلمها مع القلم واعتاد الخواجة ساهياً على الاحتفاظ بالقلم. فاجأه عبدالقادر ذات يوم بالقلم للتوقيع ولم يتمكن الخواجة من الاحتفاظ بالقلم، لأنه كان مربوطاً بحبل حول عنقه، فما كان من الخواجة البس إلا أن دخل في نوبة ضحك غيرمعهودة لظرافة موظفه البسيط.

كان عبدالقادر أحمد صالح من أبرز نجوم المسرح الكوميدي في عدن خلال الفترة الممتدة من بواكير الأربعينات حتى بداية النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، وسجلت له اذاعة عدن العديد من الأعمال الكوميدية الهادفة، وكان، رحمه الله، يتقن الحديث بأكثر من ثلاث لغات.

من القديس يوسف العالية إلى شركة البس العملاقة
تلقى أحمد عبدالقادر صالح دراسته الأولية في مدارس عدن، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة القديس يوسف العالية (البادري) ST.JOSEPH HIGH SCHOOL وخرج منها بشهادة الثقافة العامة (العطرة الصيت) G.C.E وشمر عن ساعديه ليبدأ الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، وكانت البداية مع شركة إي. بس. (A . BESS) العملاقة، المتنوعة النشاطات والشبكات والفروع في جنوب اليمن وشماله والحبشة والصومال.

ارتبطت شركة البس بكوادر محلية رفيعة المستوى أمثال: عبدالقوي مكاوي، محمد محمود شودري، سعيد مدي، علي خليل يناعي، حسين هادي عوض، عبدالرحمن نعمان، حسن زوقري، عبدالله فقيرة، أحمد همداني (حالياً رئيس مجلس إدارة البنك الوطني للتجارة والاستثمار بعد تخرجه في باكستان)، علي فريد وأمين أحمد قاسم (حالياً رجل أعمال).

كانت شركة الحلال للملاحة من فروع شركة البس، ومن رموزها البارزة علي محمد ناصر (والد حسين وناصر) وزبير علي عيد وأحمد محمد مخضري وعلي محمد مخضري، كما ارتبطت شركة البس بفريق لكرة القدم ومن أبرز لاعبيه: جعفر محمد سعد وحامد شوطح وعلي محمد عيسى.

أحمد عبدالقادر صالح في إدارة الهجرة والجوازات والجنسية
تراكمت خبرة أكثر من عقد كامل لدى أحمد عبدالقادر صالح اثناء عمله مع شركة البس، وتيسر له ذلك من خلال العمل المؤسسي في تلك الشركة العريقة والاحتكاك بقدرات إدارية كبيرة سبق الإشارة إليها، وانتقل بعد ذلك إلى وزارة الداخلية الاتحادية، وهناك برز نجمه وسنأتي على تفاصيل ذلك لاحقاً.

بعد نيل البلاد استقلالها الوطني في 30 نوفمبر 1967م، انتقل احمد عبدالقادر صالح الى إدارة الهجرة والجوازات والجنسية التي اعتزت يوماً بكادرها المجرب أمثال: محمد نايف صالح، أحمد علي مسعد، عبدالرحمن عقبة، عبدالله الخضر، وديع حميدان، يوسف احمد علي، طه محمد مكي، محمد عبدالرحمن صديق، حسن علي بديجي، محمد حسن علي، علي أحمد أغبري، محسن محمد بارباع، طاهر محمد فقيرة، أحمد محمد رمضان، علي أحمد الجرادي، عمر علي شفيق، أحمد إبراهيم جعفر، فيصل علي أحمد غانم، كمال عبدالله يار، عمر عبدالقوي خليل، منير محمد خان، علي أحمد عبدالكريم مانا، محمود بهادر خان، أنور محمد علي حسين ومحمد عثمان أبوبكر.

كان من ضمن المنتقلين مع احمد عبدالقادر صالح من وزارة الداخلية إلى إدارة الهجرة أحمد زين عيدروس (دكتور لاحقاً) وعبدالرحمن عاصم وأم الخير عجمي.

محمد علي هيثم يوصي بترقية أحمد عبدالقادر صالح
من ضمن الأوراق الرسمية التي تحتفظ بها أسرة أحمد عبدالقادر صالح مذكرة مرجعها: سري/803/1 مؤرخة 10 ديسمبر 1968م رفعها محمد علي هيثم وزير الداخلية إلى رئيس اللجنة الوزارية للخدمة العامة وعنوانها «ترقية السيد أحمد عبدالقادرصالح الى وكيل مساعد» اوصى فيها بترقية المذكور الى درجة «وكيل مساعد» بدرجة ب 2-5 (5-2 B) حيث ورد أيضاً «ان الصفات الحميدة التي يتمتع بها السيد احمد عبدالقادر صالح والتي لا داعي لحصرها، جعلت منه الشخص الصالح لشغل هذه الوظيفة كما أنه يقوم بأعمال الوكيل المساعد منذ قبيل الأستقلال».

محمد صالح مطيع يصعّد أحمد عبدالقادر صالح
نشرت الجريدة الرسمية رقم (8) الصادرة في 30 ذي الحجة 1390هـ الموافق 25 فبراير 1971م، القرار الوزاري رقم (3) لعام 1971م بشان تعيين مدير بالوكالة لإدارة الهجرة والجوازات والجنسية بتاريخ 15 فبراير 1971م، أصدره محمد صالح مطيع، وزير الداخلية هذا نصه:

«وزير الداخلية بموجب الصلاحيات المخولة لي بمقتضى المادة (22) من قانون تنظيم وزارة الداخلية ومؤسساتها رقم (17) لعام 1970م

أقرر ما يلي:

1- يعين الأخ أحمد عبدالقادر صالح مديراً بالوكالة لإدارة الهجرة والجوازات والجنسية.

2- يعمل بهذا القرار اعتبارا من 1 فبراير 1971م.

3- ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

محمد صالح مطيع

وزير الداخلية»

قرار جائر بالإعدام في شهر رمضان المبارك
صدر قرار تعيين أحمد عبدالقادر صالح مديراً بالوكالة لإدارة الهجرة في آخر يوم من أيام شهر ذي الحجة، شهر الحج ولم يكن أحمد عبدالقادر يعلم أن اعدامه سيكون في شهر الصوم الذي تزامن مع نفس عام تعيينه وهو عام 1971م، أي انه لم يمض على تعيينه اكثر من تسعة أشهر حتى جرت له محاكمة صورية لقضية مفبركة هدفها دنيء، وقد كان بالإمكان التخلص منه بتسريحه من الخدمة كما فعلوا مع آخرين، لكنهم استشعروا أن ذلك لن يشفي غليلهم الذي أثارته قضية شخصية مع أحمد عبدالقادرصالح، فألبسوها مسوح الشان العام واختلقوا قصة مغايرة تماماً للقصة الحقيقية وقرروا إسكات صوته إلى الأبد غير مكترثين ببراءة الرجل من التهمة، ولم يردعهم الاعتبار الاجتماعي والإنساني انه كان رب أسرة يعيل زوجه و(8) أطفال، وبلغت بهم الخسة والدناءة أن اعتقلوا عبدالرحمن عاصم، أحد أصدقائه المقربين وأجبروه على الإدلاء بشهادة الزور لتمرير أكاذيبهم، إلا أن مروءته رفضت، فنال كل صنوف التعذيب وصعدوا عليه الحرب بتسريحه من الخدمة.

عبده عبدالقادر صالح معدن نادر في الرجال
تقبل عبده عبدالقادر صالح، الشقيق الأكبر لأحمد عبدالقادر قرار إعدام أخيه بقلب رجل مؤمن مسلم بقضاء الله وقدره، وفوض أمره للواحد القهار وسأله المدد والعون لإعالة أرملة شقيقه وأيتامها الثمانية وكان أصغرهم في المهد صبياً.

نكب عبده عبدالقادر صالح بعد أشهرمعدودات بتأميم دار السينما الشعبية بالشيخ عثمان، التي بناها من حر ماله وأصبح بعد ذلك موظفاً بسيطاً لدى المؤسسة العامة للسينما براتب شهري قدره (35) ديناراً، وكان ذلك الراتب يشكل كل مصدره لإعالة أسرته وأسرة أخيه، وترسخت الأرض من تحت قدميه واطمأنت النفس المضطربة بعون من الله سبحانه وتعالى، وبتقادم الزمن أصبح الأطفال رجالاً ونساء وهم: 1- د. نادية أحمد عبدالقادر ، 2- د. أمل أحمد عبدالقادر، 3- إفهام احمد عبدالقادر، قيادية إدارية بفرع وزارة الصحة بعدن، 4- فهمي أحمد عبدالقادر ، مدرس بمعهد الإنشاءات، 5- وجدي أحمد عبدالقادر، كادر في الإدارة العامة للتربية والتعليم بعدن، 6- نوال أحمد عبدالقادر ، كادر في مختبر الأغذية المركزية، 7- إلهام احمد عبدالقادر ، تربوية، 8- هديل احمد عبدالقادر ، إداري بمستشفى عدن العام.

محمد شاهر يفوز.. شاهد لصالح سيارة أحمد عبدالقادر صالح
من ضمن الأوراق الرسمية لأسرة احمد عبدالقادر صالح مذكرة مرجعها: مرور/56/5/90/ 230 المؤرخة 10 ديسمبر 1990م رفعها المقدم محمد شاهر يفوز، مدير مرور عدن إلى مدير عام المرور بصنعاء شهد فيها بأن سيارة رقم عدن/6351 نوع «اوبل» كانت مسجلة باسم احمد عبدالقادر صالح بتاريخ 12 مايو 1968م، ومنحت رقم «الرئاسة» بتاريخ 10 ديسمبر 1972م. لقد صادروا رزق أولاده بحرمانهم من الراتب كما صادروا سيارته الخاصة التي كان بالإمكان تشغيلها لتدر عليهم بالفتات ليعينهم على تخفيف العبء الثقيل الذي ألقته المقادير على كتفي عمهم الرجل المكافح المؤمن، عبده عبدالقادر صالح أمد الله بعمره ومتعه بالصحة .. أولاد الشهيد يسألون: متى يرد الاعتبار لوالدنا؟

2- الشيخ أنور محمد محسن:
الميلاد والنشأة

الأستاذ الشيخ أنور محمد حسن آل شجاع العدني من مواليد كريتر (عدن) عام 1944م، تلقى دراسته الأولية في معلامة الفقيه مهيوب والفقيهة آمنة بالطويلة، ومن الذين زاملوه في المعلامة عبدالمجيد محمد عبده وأخوه أحمد. تلقى الشيخ أنور تعليمه النظامي في مدارس عدن حيث أكمل دراسته الثانوية في المعهد التجاري العدني لمؤسسه الحاج ياسين راجمنار ورمزه التربوي الأستاذ مصطفى عبدالكريم بازرعة.

زامله خلال فترة دراسته الثانوية الممتدة من عام 1955م حتى عام 1959م احمد حضرت (حزرت) ومحمود مدي وآخرون. انتسب الاستاذ الشيخ أنور للدراسة الجامعية في مساق الدبلوم بكلية التربية العليا، نواة جامعة عدن، وكانت الدراسة بالانتساب من المزايا الطيبة التي حظي بها العاملون في سلك الخدمة الحكومية وأهلت الدراسة بالانتساب المئات من الكوادر عامة والمدرسين خاصة، ومنهم الأستاذ الشيخ انور الذي حصل على دبلوم في اللغة العربية ومن أعضاء هيئة التدريس في الكلية الذين يذكرهم: أ. فاطمة الصافي وأ. عثمان (فلسطيني الجنسية) وممن زاملوه في الكلية التربوي القدير الفقيد محمد أحمد هاشم والتربوي القدير جواد علي غانم.

الرجل الذي نذر حياته لرسالة العلم
اختار الاستاذ الشيخ أنور محمد حسن درب العلم الذي سار عليه أكثر من ثلاثة عقود، فارتبط بالرسالة المزدوجة، حيث عمل مدرساًً يلقن الناشئة أصول العلم ويغذيهم بالقيم السامية، وعمل في بيوت الله إماماً وخطيباً ومدرساً، وبدأ مشواره من أول الطريق حيث تلقى العلم من خلال الحلقات التي كان يعقدها شيوخ أجلاء بحجم الشيخ أحمد كريم بحنش والسيد مطهر بن مهدي الغرباني والشيخ علي محمد باحميش والشيخ محمد بن سالم البيحاني، ووردت أسماؤهم هنا بحسب التسلسل الزمني للحلقات العلمية التي حضرها الأستاذ الشيخ أنور.

سجل حافل بالإمامة والخطابة
يعود ارتباط الاستاذ الشيخ انور بمسجد الهدى بالطويلة الى عام 1964م، وكان إماماً لذلك المسجد، وعين إبان الفترة التي تقلد فيها الشيخ عبدالله محمد حاتم مسؤولية دائرة الأوقاف إماماً لمسجد الهدى وخطيباً لجامع أبان خلفاً للعلامة السيد مطهر بن مهدي الغرباني. بعد تعيين الشيخ يحيى قحطان مديراً عاماً للأوقاف عُيّن الأستاذ الشيخ انور إماماً وخطيباً لمسجد اسماعيل خدابخش (الشنقيطي).

الشيخ انور في مواجهة التقاعد والتجميد
أحيل الاستاذ الشيخ أنور للتقاعد من سلك التدريس عام 1991م وواصل أداء رسالته العلمية من خلال غرفته المرفقة بمسجد الهدى، وفيها قدم دروساً لطلبته في اللغة العربية بجميع فروعها وعلوم الشريعة واللغة الإنجليزية. ضمت غرفته مكتبة قيمة شملت المخطوطات والمطبوعات التي استفاد منها مريدو الأستاذ الشيخ انور.

تواصل الاستاذ الشيخ مع رسالته إماماً وخطيباً لمسجد الشنقيطي ومدرساً ومرشداً في غرفته المرفقة بمسجد الهدى، إلا أن نتائج حرب صيف 1994م أتت على غير ما اشتهته سفينة الاستاذ الشيخ، حيث صدر قرار بتجميده من منصبه إماماً وخطيباً، وتعرضت غرفته للنهب بعد كسر قفل بابها، ونهبت كل دواليب الغرفة بما حوته من مخطوطات وكتب بيعت على أرصفة الشوارع في مدينتي صنعاء وتعز.

الموقف الإيجابي للشيخ أبوبكر شفيق
يحتسب للشيخ الفاضل والمناضل أبوبكر علي شفيق، مدير عام الأقاف والإرشاد الاسبق بمحافظة عدن، موقفه الرشيد عندما أصدر قراراً بعودة الاستاذ الشيخ أنور لممارسة مهامه خطيباً، إلا أن الذين لا يحبون الخير من المتنفذين آنذاك حالوا دون عودته.

الاستاذ الشيخ أنور في حنين دائم لأيام رسالته بمسجد الهدى، ويتمنى عودته خدمة للبلاد والعباد وفلذات الاكباد .. إنه سميع مجيب. الاستاذ الشيخ أنور يعمل حالياًً ومؤقتاً باحثاً بمركز البحوث التابع لجامعة عدن.

الأستاذ الشيخ أنور محمد حسن آل شجاع العدني متزوج وله ولدان هما: هشام أنور ومحمد أنور وثلاث بنات هن: أم أماني، وأم خالد وأم بشائر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى