أ .د. علي منصور بن سفاع.. وزير التعليم الفني والتدريب المهني في منتدى «الأيام»:مشكلتنا هي كلفة هذا النوع من التعليم والاعتماد على موازنة الدولة يحول دون ما ينبغي تنفيذه 2

> عدن «الأيام» خاص:

>
طلاب التعليم الفني والتدريب المهني أثناء تطبيقهم العملي في ورشة أحد المعاهد التابعة للوزارة
طلاب التعليم الفني والتدريب المهني أثناء تطبيقهم العملي في ورشة أحد المعاهد التابعة للوزارة
في إطار الندوة التي أقامها منتدى «الأيام» مساء الخميس الماضي حول الاستراتيجية الوطنية للتعليم الفني والتدريب المهني، نواصل في الحلقة الثانية حديث أ. د. علي منصور محمد بن سفاع، وزير التعليم الفني والتدريب المهني، حول القضايا المتعلقة بتنفيذ هذه الاستراتيجية، المعول عليها كثيرا في معالجة مشكلة البطالة.. وفيما يلي بقية كلمة وزير التعليم الفني والتدريب المهني:

«لقد قمنا في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بخلق علاقة مباشرة ما بين وزارة التعليم الفني والتدريب المهني والقطاع الخاص، لأنه وكما تعلمون أن الجامعات اليمنية عمرها من 25 الى 30 عاما، وبالتالي كل مؤسسات الدولة والقطاع المختلط تكاد تكون قد بلغت الاكتفاء من مخرجات التعليم الجامعي، وعلى هذا الأساس تكون الجهة المستفيدة من مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني بشكل مباشر هي القطاع الخاص، وايضا لا يمكن أن ينجح التعليم الفني والتدريب المهني في تنفيذ استراتيجيته في القضاء على البطالة إلا بمساهمة القطاع الخاص.

نحن في منظومة التعليم الفني والتدريب المهني قمنا بالجلوس والتباحث مع الغرف التجارية والصناعية في كل محافظات الجمهورية للاستفادة من آرائهم في نوعية المخرجات والتخصصات ومجالات التدريب القائمة في هذا النوع من التعليم، والكيفية التي تمكننا من التخلص من بعض التخصصات عديمة الجدوى واستبدالها بتخصصات يحتاج إليها سوق العمل في هذه المحافظة أو تلك، وفعلا بعض الغرف التجارية والصناعية تجاوبت والبعض الآخر مع الأسف الشديد لم يصلنا بعد رأيها، ولكن قمنا بإشراك القطاع الخاص في اللجنة العليا لوضع المناهج في التعليم الفني والتدريب المهني، كما تم إشراكهم في الإشراف المباشر على الاختبارات العملية كونها تمكن ممثل القطاع الخاص من قول رأيه الفني المجرد من السياسة والعواطف، فإما أن يقول إن هذا المخرج الفني يناسبني أو لا، وبالتالي إذا استطعنا خلال هذه التجربة ان نستفيد من رأي الإخوان في القطاع الخاص، وأعدنا النظر ايضا في بعض التخصصات، فبعض التخصصات نشعر بوجود عزوف عنها فدمجناها بتخصصات أخرى لأهمية عدم إغفال حاجة السوق إليها، إلى جانب تجميد تخصصات وفتح تخصصات جديدة تواكب التطور في حاجة سوق العمل.

عملنا أيضا في منظومة التعليم الفني بما يسمى بمنظومة التعليم التعاوني، حيث يتم ابتعاث الطلاب في المراحل الأخيرة إلى المصانع والمعامل والشركات الخاصة وفقا للتخصصات، وبالتالي يعملون في هذه المجالات، وبهذا يستطيع صاحب العمل معرفة قدرات ومؤهلات هذه المخرجات واختيار ما يحتاج اليه.

وفي بداية الأمر كان هناك نوع من المحاذير ونوع من الإحراج في قبول الطلاب في العمل معهم في التدريب التعاوني، وقد استمرت مواجهتنا لهذه الصعوبات نحو العامين، أما الآن فقد أصبح أرباب العمل أنفسهم يأتون إلى المعاهد ويطلبون من مدراء المعاهد رفدهم بخريجيهم، ويتم التعاقد معهم وتوظيفهم بشكل مباشر في المصانع والمعامل، لا سيما في محافظة الحديدة، ونحن في التعليم الفني نشعر أنه لا يزال لدينا مشكلة ومشكلة كبيرة، وهي ثقافة الشهادة الكبيرة وتأثر الناس بالباشمهندس والدكتور، التي أثرت بحيث أنه للأسف الى اليوم نوعية المدخلات ليست النوعيات التي نريدها، لذا نسعى لتخليص الناس من هذه العقدة لنتمكن من الحصول على نوعيات طيبة تتقدم إلى هذا النوع من التعليم ممن لديهم إمكانيات جيدة لكي تكون مخرجاتنا ذات نوعية جيدة، فالمدخلات تعكس نوع المخرجات.

وضمن جهودنا في منظومة التعليم الفني قمنا بخلق علاقات مع كل الدول العربية والدول الأخرى، فلدينا علاقة مع الاتحاد الأوروبي ولدينا علاقة توأمة مع الفرنسيين في مجال الزراعة وتوأمة مع الكنديين في مجال النفط والغاز ومع الهند والبنك الدولي، كما لدينا علاقات مميزة مع كل من المغرب وتونس والجزائر، وهذه الدول العربية الثلاث التي لديها وزارات متخصصة في مجال التعليم الفني والتدريب المهني، ولدينا علاقات تعاون مع مصر والأردن وكثير من الدول الأخرى، وبصدق وأمانة نشعر أننا خطونا خطوات جادة وطيبة في هذا المجال.

أما الورش الأقليمية التي تحدث عنها الاستاذ نجيب يابلي فكانت تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه في الورش السابقة، وفي الواقع نشعر أنا وزملائي ممن شاركوا في هذه الورش أننا خطونا ايضا خطوات جيدة في مجال التعليم الفني والتدريب المهني، والألمان كان لهم حضور واسع وكان مشروع الـ G.T.Z قد أقام لدينا بعض البرامج لتأهيل المدربين والمعلمين، ونحن ايضا عند زيارتنا لبعض الأقطار العربية نشعر أننا بدأنا من حيث توقف الآخرون، ولكن المشكلة التي نعانيها أن هذا النوع من التعليم مكلف وبالتالي التعليم المكلف والاعتماد على موازنة الدولة يحول دون ما ينبغي تنفيذه، فمثلا بناء عشر مدارس يقابل بناء معهد واحد، وعلى ذلك قمنا بفتح خطوط مع المانحين، ومؤخرا أمدنا البنك الإسلامي بقرض قيمته 9 مليون دينار (إسلامي) لبناء معهد الأتمته الحديثة في أمانة العاصمة، والاتحاد الأوروبي حصلنا منهم على قرض بقرابة 3 مليون يورو لبناء معهد الفندقة والسياحة وافتتاح تخصص النفط والغاز في محافظة عدن وكذا تخصصات ذات طابع نسوي، وفي منظومة التعليم الفني والتدريب المهني لم ننس المرأة وضرورة مشاركتها في هذا النوع من التعليم لأن التخصصات التقليدية الموجودة أو التي ورثناها من الصعوبة التحاق الفتاة بها، لذا عملنا على إقامة وافتتاح تخصصات ذات طابع نسوي، والآن لدينا معاهد تشمل على تخصصات نسوية في مجال التطريز والحاسوب والكوافير والتدبير المنزلي، ومع الأسف في حين أن اليمن لديها عمالة عاطلة عن العمل نفاجأ بأن لدينا عمالة مستوردة في مجال التدبير المنزلي وغيره من التخصصات، تصوروا أن نسبة كبيرة من مدخلات هذه المعاهد هي مخرجات الجامعة، وعلى هذا نمضي في منظومة التعليم الفني ولدينا جملة من المصاعب التي نوجزها في: الدعم الحكومي المقدم لهذا القطاع غير كاف ويتطلب توسعته الى حد ما، يظهر أصحاب العمل عدم تجاوب مع المؤسسات التدريبية، لا يمكن الاستمرار بجلب نوعيات مميزة من المعلمين والمدربين في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني في ظل الوضع المتدني للرواتب والأجور الخاصة بهم، لم يتم تحقيق مستويات مرتفعة من الكفاءات الخارجية في نظام التعليم الفني والتدريب المهني، ضعف القدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني في خلق فرص عمل جديدة، عدم توفر التمويل، صعوبة توفر التجهيزات اللازمة، وجملة من الصعوبات التي نواجهها، والتي نمضي قدما في معالجتها بالتفاهم مع الجهات المختصة في الحكومة والمانحين للإسهام معنا في معالجة هذه الإشكاليات.

توجد مشكلة لدى كثير من الشباب وهي عقدة العمل الحكومي، التي سيطرت على عقول الشباب والأهالي، وجراء ذلك قمت بالنزول إلى كل محافظات الجمهورية وجلست مع المختصين وجلست مع طلابنا وتحدثنا عن أهمية المشروعات الصغيرة سواء لخريج التعليم الفني أو البلد أو محاربة البطالة والفقر، ومؤسف أن شبابنا لا تزال لديهم هذه العقدة المتمثلة في أن الضمانة الأكيدة هي الوظيفة الحكومية بينما أن ذلك عكس الحقيقة.

فالشاب الذي يتخرج من التعليم الفني والتدريب المهني عندما يقيم مشروعه الخاص يستطيع أن يقبض أضعاف ما يقبضه الموظف الحكومي، إلى جانب تشغيل شباب آخرين معه من العاطلين عن العمل. وأول ما عملناه لمعالجة تلك المشكلة هو أننا في كل تخصص من تخصصات التعليم الفني والتدريب المهني أدخلنا مادة تعنى بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات الصغيرة، بمعنى أن الطالب يدرس التخصص الفني والمهني وفي نفس الوقت يرسم لمستقبله عدة بدائل تضمن له إقامة مشروعه الصغير في حال عدم توفقه في العمل مع القطاع الخاص.

بمحافظة حضرموت الأصدقاء الألمان كانوا يدعمونا في مجال تدريب المدربين في مجال الدورات القصيرة لبعض العاملين في منظومة التعليم الفني والتدريب المهني، ولكن تم في الوقت نفسه الاتفاق معهم على منحنا بعض الآلات والمعدات لطلابنا كل حسب تخصصه، وكان شرطهم أن هذا الطالب الذي تخرج من أحد أقسام التعليم الفني والتدريب المهني سيمنح المعدات والآلات بضمان نجاحه في المشروع، وفي حال كشف التقييم نجاح المشروع يتم تعزيزه بمواد وآلات ومعدات، أما في حال فشل المشروع يتحمل الطالب دفع قيمتها وتسحب منه، وفعلا حصل تنافس مميز وكانت له نتائج طيبة في مختلف مناطق حضرموت التي بدأت فيها هذه التجربة، أما في محافظة عدن فقد فكر زميلنا الاستاذ رشاد والأخوان في صندوق الشؤون الاجتماعية تفكيراً طيبا بأنه عوضاً عن منح بعض الأسر الاعانات المالية، التي يمكن أن تصرف في يوم أو يومين، عملوا على إقامة دورات تدريبية لمن يرغب في التأهيل في أي من تخصصات المشاريع الصغيرة، ويتم دعمه بالقروض الميسرة والتسهيلات، ولدينا الآن دراسة متكاملة ونمضي فيها بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بشأن منحنا بعض القروض والتسهيلات الائتمانية لمخرجات التعليم الفني والتدريب المهني ليقيموا مشاريعهم الصغيرة. ما أود أن أشير إليه أن هذا النوع من التعليم ما يزال في بدايته، وبالتالي قد لا تظهر مخرجاته كما ينبغي أن يكون، ونحن بحاجة إلى دعم كل الجهات ذات العلاقة ودعم الصحافة لتوعية المجتمع بأهمية هذا النوع من التعليم، فيجب أن نكمل بعضنا البعض في معالجة مشاكل الفقر والبطالة، التي تهدد المجتمع، والتي أدت الى توجه الكثير من ابنائنا الى التطرف والانحراف نتيجة لعدم حصولهم على فرصة عمل».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى