مجلة «هنا عدن» أيام من تاريخ إذاعة عدن

> «الأيام»نجمي عبدالمجيد :

> مجلة «هنا عدن» كانت تصدر شهرياً عن إدارة العلاقات العامة والنشر بعدن، وتعد هذه المجلة من الإصدارات الإعلامية الهامة التي أرخت لمرحلة من تاريخ هذه الإذاعة وإسهامات جيل الرواد في مجال الكتابة الاذاعية، وفي هذه الوقفة أمام بعض الأعداد من تلك المجلة، نتعرف على صفحات من ذاكرة عدن في هذا الجانب حتى نعيد من ملامح الماضي بعضاً من صور الأمس التي ما زالت تشدنا إلى تلك الأصالة الخالدة من الزمن الجميل.

في العدد الصادر في شهر سبتمبر عام 1962م من مجلة «هنا عدن» نختار هذه الوقفات لذلك الجيل الرائد.

لطفي أمان .. ماذا قال في حديث معه بالتلفون؟
- ألو .. إدارة المعارف.

- الأستاذ لطفي من فضلك.

- لحظة .. باحول الخط.

لحظة صمت

- لطفي.

- أستاذ لطفي صباح الخير.

- صباح النور .. من الذي يتكلم.

- علوي.

- من علوي.

- علوي السقاف .. الإذاعة.

- أهلاً علوي .. كيف الحال؟

- الله يسلمك .. كيف حالك أنت؟ .. وإيش تسوي الآن؟

- والله أمامي الآن عشرات وعشرات من الملفات أخلص هذا يجوا لي اثنين .. أخلص الاثنين يجوا لي أربعة .. اصبر ..اصبر. الريح طير لي الأوراق.

لحظة صمت .. خربشة أوراق ..

- طيب أستاذ لطفي .. ما يجيلكش وحي وأنت أمام الملفات؟

- ياشيخ حرام عليك .. الوحي عنده إنذار سابق .. إنه مايوريش صورته على الإطلاق .. قدامه لوحة NO ENTRY .. إنما في البيت أهلا وسهلا ..

- طيب آخر أغنية ألفتها كانت إيش؟

- أنا بنساه وبنسى هواه

ولا بنسى الذي سواه

تنكر لي وجافاني

وذا اللي كنت أنا أخشاه

يقول للناس لا اسمع به

ولا ادري به ولا أهواه

عجب ينكر ولا يذكر

زمان الحب يا عيباه

يجازينا كذا

ياقلب لا تبكي وتتحسر

كفاية تسأل الماضي

وهو يشهد ويذكر

آه .. ما خلصتش ..

ضحك..

- طيب ما اعطلكش ..

- لا أبدا .. أبدا ..

- مع السلامة.

- مع السلامة ..

احمد قاسم .. ما هو اللحن الذي لحنه في ثلاث ساعات؟
زرته في المستشفى .. كان طريح الفراش منذ قدومه من القاهرة بسبب مرض في الكلى، كان يتألم وهو ينطق الكلمة بصعوبة، ولم أكن أريده أن يتكلم .. طلب أن نساعده على الجلوس وتعب منه، ثم طلب ان نساعده على أن يمتد مرة أخرى.

قال لي وصوته يختنق .. أحسست بالصحة تعود اليّ يوم الاحد الماضي، فصممت على الخروج من المستشفى وقعدت ثلاث ساعات فقط في البيت، وفي هذه الثلاث ساعات لحنت أغنية من كلمات لطفي أمان:

تركتني

أنا.. أنا

انظر إلى عيني أما إنني

انظر في عينيك، لا سأنحني

أقول في ضراعة حرمتني

من حبنا

من كل ما عاهدتني

بسعدنا

أهكذا .. تنسى الهوى ما بيننا

يا سلام .. كنت أتمنى لو أقدر أذكر لحنها وأسمعها بنفسي .. ولم تفت الساعات الثلاث حتى كنت قد أحسست بالتعب مرة أخرى، فرجعت الى المستشفى، وابتسم أحمد.

في العدد 4 الصادر في شهر أبريل عام 1962م قدمت المجلة هذا الحوار في باب نجوم الفن مع الفنان فؤاد الشريف، وكان هذا الحديث: «التقيت به في مكتبة الاذاعة، وكان في انتظار تسجيل بعض أغنيات لبرنامج ابحث عن الخطأ، كانت السيجارة في فمه وكان يبدو شارداً.

- أهلا فؤاد .. ما لك يا شيخ؟ فين الابتسامة؟

- ابتسامتي موزعة على الجمهور .. كفاية هم يبتسموا.

- طيب ما لك .. هل في مشكلة معك.

- أنا مسافر بكرة إلى بريطانيا .. وأنا نفسي مش مصدق إننا أقدر أسافر .. مش عارف كيف قدرت أجيب ثمن البدلات .. مش عارف كيف قدرت أجيب ثمن التذكرة.. ومش مصدق إننا باسافر.

- طيب يا فؤاد نقدر نسمع قصتك من البداية .. اقصد قصة حياتك.

وأخذ فؤاد نفساً من سيجارته وتنهد .. أنا من مواليد عدن سنة 1934م وأبي كان يعمل في مركب بوتوالا، وقد تعلمت في مدرسة النهضة بالشيخ عثمان إلى الثالث عربي، وبعدين خرجت لأننا OVER AGE وتزوجت والدتي بعد موت أبي وصرت شريدا .. وأول عمل عملته كان في جاراج، وكنت أصفي السيارات، وبعدين اشتغلت كمساري في باص وعملت بوي في الشركة، ثم دريول.

- طيب أنت مزوج يا فؤاد؟

- أيوه .. وعندي بنت اسمها عواطف .. وولد مات ..

- وهل ناوي تعلم بنتك؟

- البنت دحين عمرها ثلاث سنوات، وأنا معي لها مشاريع عظيمة، وإن شاء الله تتحقق الأماني.

- إن شاء الله .. طيب وكيف بدأت حياتك الفنية؟

- حياتي الفنية بدأتها في المدرسة، كنت في وقت الفراغ بدال ما أخلي العيال يطالعوا أمسك القلم وأضرب مزيكة، ولما نخرج استراحة كان العيال يتوالموا علي ويوقحوا لي، وأنا أغني وأرقص، وبعدين مرة استوت تمثيلية مع الفنان المرشدي ما أذكرش اسمها، وكنت أحضر البروفة، مع إننا ماكنتش مشترك، واستراح مني، وقال لي: إيش رأيك تغني في الحفلة .. وقدمنا .. قمت أغني حاجات من رأسي يا ليل يا عين والناس استراحوا، وبعد هذا لحن لي محمد مرشد منلوج القات، وهوه اللي خلاني أظهر.

- طيب مافيش معك منولوجات جديدة؟

- يا أخي مافيش كتاب منلوج في عدن .. علي لقمان وعبدالله غالب عنتر ألفوا منلوجات محترمة جداً، لكنهم توقفوا.

- والدخل اللي تحصله من الحفلات .. كثير وإلا قليل؟

- كل اللي أحصله مبلغ بسيط جداً .. يعني مش أكثر من 200 شلن في جميع الليالي إذا كانت الحفلة ناجحة.

- هل يحدث إنك تطلع المسرح ومزاجك متعكر؟ مزاجي بس .. أحيانا أحضر وأنا في منتهى الألم، وفي نفس الوقت أحاول أن أجعل الجمهور يصدق إننا في منتهى السعادة، أذكر مرة إننا كنت أنا وعائلتي ساكنين مع أخت زوجتي، ويوم رجعت إلى البيت فرحان محمل الخضرة شفت زوجتي تبكي .. مالك .. قالت: أختي ما تشتيناش نجلس في البيت، ونفس الليلة طلعت على المسرح وأنا في حالة أخس حالة، وحاولت إننا أغالط نفسي، وشعرت إننا فشلت ديك الليلة، لكن الجمهور كان فرحان ومبسوط ولا شعر باللي أنا فيه .. ودا كان عزائي الوحيد.

- طيب يا فؤاد اللي أعرفه إنك ماتقدرش تقرأ، بل تحفظ المنلوج غيب.

- أيوه .. وأطول مدة أحفظ فيها منلوج أربع أيام.

- ومن الملحن اللي ترتاح له ؟

- المرشدي .. لأن ألحانه لها صدى عند الجمهور، والمنلوجات تعالج مشاكل اجتماعية.

- طيب إيش آخر نكتة سمعتها؟

- من فين أجيب دي الساعة ومخي مشغول بالسفر، بكرة باروح بالطيارة إلى جيبوتي، ومن هناك بالباخرة إلى بريطانيا .. وأنا مرتبك .. ومش عارف إيش باسوي.

وتمنيت لفؤاد رحلة موفقة ومستقبلا أفضل بالنيابة عن المستمعين والقراء، الذين طالما ضحكوا ونسوا آلامهم وهم يستمعون إلى فؤاد .. المنلوجست .. الإنسان».

في العدد 5 من مجلة «هنا عدن» يكتب الإعلامي الأستاذ خالد محيرز عن الاحتفال بيوم الاتحاد، حيث صادف تاريخ 11 أبريل 1962م الذكرى الثالثة لتأسيس اتحاد الجنوب العربي، والذي عرف من قبل باسم الاتحاد الفيدرالي لإمارات الجنوب العربية. وكان عدد الحضور في هذه المناسبة قد وصل إلى ما يقارب من عشرة آلاف شخص قدموا من مختلف أنحاء عدن، ومناطق الاتحاد وابتدأ الاحتفال في الساعة الرابعة وخمسة وأربعين دقيقة بدخول حرس الشرف، والذي كان رجاله من جيش الاتحاد النظامي والحرس الاتحادي، وفي الساعة الخامسة وصل السلطان صالح بن حسين العوذلي، رئيس المجلس الأعلى لشهر أبريل، وكذلك أعضاء المجلس الأعلى لحكومة الاتحاد، والقائد العام للقوات البريطانية في الشرق الأوسط، وحاكم عدن السير تشارلس جونستون 1960-1962م.

والقى السلطان صالح بن حسين العوذلي خطابا قائلا: «لقد كان العام المنصرم عاما مشهودا حافلا بالأحداث رغم قصر اتحادنا، وكان أهم تلك الاحداث القريبة العهد وأبرزها هو انضمام السلطنة الواحدية الى الاتحاد لتكون الولاية الحادية عشرة في الاتحاد، وحدث آخر من أحداث السنة الفائتة هو استمرار المحادثات التي تجري بين حكومة صاحبة الجلالة ووزراء عدن وأعضاء المجلس الاتحادي الأعلى حول التقارب الاوثق بين عدن والاتحاد، وقد ألقي بيان في هذا الصدد في المجلس الاتحادي مؤخرا، ولن اكرر ما ورد في البيان سوى اننا نعتبر عدن والاتحاد كيانا واحدا وأنه ليس من مصلحة الجانبين أن يظلا منفصلين. وهناك حدث ثالث وهو تسليم جيش محمية عدن لحكومة الاتحاد ليصبح جيش الاتحاد النظامي، وأن جميعنا لنفخر كل الفخر بجيشنا الذي لا يزال محافظا على تلك التقاليد الممتازة للخدمة .. عهدنا قبل ان يصبح جيش الاتحاد النظامي.

واليوم ونحن نقوى بانضمام السلطنة الواحدية نستقبل ما نرجوه من عام مليء بالنشاط لخير الاتحاد الذي سيدعى اتحاد الجنوب العربي، وجميعنا وزراء وأعضاء المجلس الاتحادي وضباط وأفراد القوات المسلحة وضباط الحكومة والشعب في الجنوب العربي نتطلع الى المستقبل، ونرجو أن يكون مستقبلا زاهرا ومادمنا كلنا متحدين في خدمة بلادنا فسيكون النجاح حليفنا».

وفي هذه المناسبة القى الشاعر الخالد الاستاذ لطفي جعفر أمان لأول مرة نشيد اتحاد الجنوب العربي حيث قال:

عشت يا هذا الجنوب

وحدة بين القلوب


من ارادت الشعوب
عشت حرا في إباء

شامخا في كبرياء


وتحد للخطوب
عشت حر المطلب

همة من لهب


تدفع الحر الابي
قد رفعنا بالجهاد

راية للاتحاد

في الجنوب العربي
وفي نفس العدد يكتب الاستاذ محمد عمر بلجون مادة عنوانها (العرض الجوي الثاني في محطة سلاح الطيران الملكي بخورمكسر)، وهذه المادة الصحفية تتحدث عن تلك المناسبة ، وكان العرض قد بدأ في الساعة الثالثة عصرا اشتركت فيه طائرات من انواع مختلفة ولأول مرة طائرات تابعة لحاملة الطائرات البريطانية سنتور والتي كانت راسية في ميناء عدن وهذه الطائرات من طراز sea vixen او scimitar وتعد الاخيرة اسرع طائرة في العرض الجوي كله، كما اشتركت ايضا لأول مرة في ذلك العرض طائرتان تابعتان لسرب الطائرات الحفيفة رقم 643 والتي كانت تتمركز في بير فقم، ومن الطائرات المشتركة في العرض قاذفات القنابل الشهيرة من طراز 7- في، كذلك الطائرة فيكتور وفلكان وقد كانت الطائرة فيكتور موجودة في عدن اما الطائرة فلكان فقد جاءت من بريطانيا الى مطار عدن وطارت دون توقف حيث قطعت مسافة 400 ميل وكانت مدة الرحلة 6 ساعات جوا وحوالي 20 دقيقة محطمة الرقم غير الرسمي بساعة ونصف الذي كانت قد سجلته عام 1961م طائرة الفالينت، التي طارت من بريطانيا الى عدن دون توقف وقد مرت طائرات الفلكان فوق نقطة مراقبة في لندن لتسجيل بداية الرحلة رسميا في الساعة العاشرة وسبع دقائق بتوقيت عدن .

ووصلت عدن في حوالي الرابعة و26 دقيقة وقد تم تزويد هذه الطائرة بالوقود جوا وهي في اجواء المملكة الليبية في سماء قاعدة بنغازي.

ويكتب الاستاذ محمد عمر بلجون عن هذا العرض :«كان الاستعراض الذي قامت به 3 طائرات من طراز هنتر في بداية العرض هو أن تقلع هذه الطائرت وتصعد اثنتان منها الى علو 40 الف قدم .. كل ذلك في بضع دقائق، أي أن الطائرتين تخرجان من حر عدن الى درجة حرارة تبلغ 50 درجة تحت الصفر وبعد أن تبلغ الطائرات هذه الدرجة بثوان تعودان الى جو المعرض بسرعة تفوق سرعة الصوت وعلى علو بضعة أقدام من الارض.

وتبدو الارض للطائرتين عند ارتفاع الاربعين الف قدم كروية، ويتكون أفق الطائرتين من ساحل بلاد الصومال والطرف الجنوبي من البحر الاحمر والجبال الواقعة على بعد 100 ميل الى الشمال، وتبدو خورمكسر نقطة متناهية الصغر، ثم تصوب الطائرتان مقدمتاهما الى مطار خورمكسر واذا جاء تصويبهما صحيحا فإن فرقعة قوية تسمع وذلك عند تمزيقهما الحاجز الصوتي بالرغم من أن الطائرتين تصلان الى جو العرض في هدوء تام في بادئ الامر مخلفتين ضجيجهما في طبقات الجو العليا».

حديث بن علوي السقاف والفنان سالم بامدهف
وفي العدد 4 لشهر ابريل 1962م اخترنا هذا الحديث بين الاعلامي الراحل علوي السقاف والفنان المبدع سالم بامدهف، والذي يقدم لنا صورا عن الصلة بين الاعلام والفن في عصرهما الذهبي، يقول الاستاذ علوي السقاف «رجعت إلى مكتبي وأنا مازلت أبتسم .. ووجدت سالم بامدهف يتحدث في التلفون ووضع السماعة والتفت الـي يحييني ليذهب ..وأمسكت به.

- تعال .. على فين رايح .. قول لي عن آخر اخبارك.

- خير .. سجلت للاذاعة بعض الاغاني القديمة بطريقة أحسن لأنني كنت أعتمد في التسجيلات القديمة على العود والدربوجة فقط ولكن الآن جعلت الكمانات تقوم بالدور الرئيسي في عزف اللحن.

- طيب .. وايش هذه الاغاني التي اعدت تسجيلها؟

- ماشي كماك ونجوى الليل ويا زين المحيا.

- آه .. أنا كنت امس اسمع عبدالحميد وهو يجرب التسجيل لاغنية ماشي كماك.. وكنت ألاحظ أن الايقاع بطيء.

- اصل أنا وجدت أن الأذن ترتاح الى سماع اللحن بهذا الإيقاع الهادئ اللطيف.

- طيب وماعندكش أغاني جديدة.

- إلا طبعا .. عندي اغنية من كلمات الأمير صالح مهدي يقول فيها:

يقولوا لي الهوى نجوى

ومن زاره الهوى يهوى

وقالوا الحب ما يسوى

وانا في قولهم محتار

واللحن مزيج بين المحلي والعربي الشائع .. والاغنية الثانية من كلمات الاستاذ احمد شريف الرفاعي:

فكرت يوم انساك

وانسى هيامي فيك

وحلفت ماباهواك

وانسى جمال لياليك.

هدفنا من تقديم هذه المادة هو العودة بالذاكرة الى تلك الأيام المسطورة على صفحات مجلة «هنا عدن» ونستعيد من الامس حكايات الزمن الجميل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى