كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد :

> كانت أول رواية صدرت عن دار «فتاة الجزيرة» في عدن عام 1939م.. هي رواية (سعيد) التي كتبها الأستاذ الكبير محمد علي لقمان المحامي رحمه الله .. ثم كتب الأستاذ عبدالله الطيب أرسلان رحمه الله .. الرواية الثانية عام 1948م بعنوان (يوميات مبرشت) التي طبعت في مطابع (فتاة الجزيرة) أيضا.. وهي عبارة عن مذكرات يومية تصور المجتمع في عدن في فترة الحرب العالمية الثانية والسنوات التي أعقبتها.

يقول الأستاذ عبدالرحيم لقمان رحمه الله في مقدمته للرواية «إن بطل الرواية عدني المولد والنشأة والعقلية .. وهو يصور لنا فيها حياته البائسة الضيقة المحدودة بمرتبه الضئيل مع زوجته الطامحة الطامعة في جو محموم بجمع المال وانتهاز الفرص .. وفيها الكثير من مظاهر الحياة في عدن حينذاك .. نقد للقات .. ونقد للحياة الزوجية والمعاملات بين الناس .. ونقد للنظام العالمي والمحلي الذي خلفته تلك الظروف .. كنقل الثروة من أيد إلى أيد أخرى دون استحقاق سوى المهارة في التهريب والقدرة على توزيع الرشوة».

ويقول الأستاذ هشام علي عن الرواية «إن الطيب أرسلان حاول تقديم الأحداث التي عاشتها مدينة عدن من منظور مغاير .. أنشأ سردا للرواية الاستعمارية التي حرمت أبناء المدينة من حقوقهم الأساسية في التمتع بخيرات بلادهم .. وحرمت عليهم ممارسة التجارة والإدارة .. وحصرت حياتهم في دائرة الفقر والهامشية الاقتصادية .. وأجبرتهم على التحول إلى (مبرشتين) خارجين عن قوانين الإدارة الاستعمارية».

ويقول المؤلف الأستاذ عبدالله الطيب أرسلان عن معنى كلمة (برشوت) :«والبرشات مأخوذة من الكلمة الإنكليزية الـ Parachute وهي هنا تحمل معنيين حقيقيا واصطلاحيا .. والأول معروف للجميع بأنه (مظلة النجاة) .. والثاني وهو ما نحن بصدده يعني تحدي القانون في تخريج البضائع عبر المستعمرة إلى وراء حدودها بدون (رخص) .. ومن هناك ترسل إلى اليمن والحجاز وغيرهما حيث تباع بأسعار باهظة».

لقد لجأ الناس إلى (البرشات) بعد أن وجدوا البؤس شاملا والشقاء مخيما .. فمن ثكلٍ ويتم وخراب إلى فقر ومجاعة وموت .. ولم ينج من ذلك إلا (أثرياء الحرب) من الأجانب الذين دخلوا بلادنا .. وتصرفوا بأمورنا كيفما شاءوا .. تجارة البلاد بأيديهم .. ووظائف الحكومة العالية وغيرها لهم.. وأبناء البلاد لا شيء من ذلك .. سوى التسكع في الأسواق حيارى .. ولذلك تدفقت الأموال إلى خزائن الأجانب بلا حساب .. ونحن نزداد فقرا .. ونلعن الزمن ظلما .. فما ظُلمنا ولكن كنا نحن الظالمين.

ولذلك ما أصدق وأشجع الأستاذ هشام علي وهو يقول في هذا السياق عن (الجمعية العدنية) :«كانت مطالب الجمعية العدنية التي رفعت شعار (عدن للعدنيين) ودعت إلى دخول أبناء عدن إلى الوظائف العامة والتجارية وحقهم في الإدارة والسياسة .. كانت هذه الدعوات شكلا من الوعي الوطني الذي تشكل في وجه الإدارة الاستعمارية التي منحت الحق في التجارة والوظائف الإدارية الكبرى للأجانب من الهنود والفرس واليهود وغيرهم .. وحرمت أبناء عدن من هذه الحقوق .. فالشعار الذي رفعته الجمعية لم يكن شعارا انفصاليا كما روج بعض المؤرخين والمحللين السياسيين الذين غلبوا الأيديولوجية على التاريخ .. فقد كان من بين أعضاء الجمعية عدد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية من المحافظات الشمالية .. ولا ننسى أن رئيس الجمعية العدنية فتح أبواب صحيفته ومقرها للأحرار اليمنيين .. ونشأت بذلك وحدة فعلية للقوى الوطنية المعارضة للاستعمار والإمامة»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى