حضرموت والنهضة العمرانية والاستثمارية

> الشيخ/ علي محمد ثابت :

> يسجل لأبناء حضرموت أنهم يشكلون مجتمعا مدنيا راسخا منذ القدم، وهو ما جعلهم يعتمدون في معاملاتهم وسلوكهم اليومي الأسلوب السلمي، وبالعقل والمنطق والصبر «النفس الطويل» مع الإدراك الواضح لغاياتهم .. ويتسمون بالجدية في السعي المنسق والمتضامن، وهو سلوك أي مجتمع مدني واع مصالحه، ويرفضون غالبا الأساليب المتخلفة كأن يلهث كل فرد وراء مصالحه الخاصة على حساب الآخرين أو التعصب القبلي والعنف والثأر.. لإدراكهم خطرها الشديد على لحمة النسيج الاجتماعي وإضعافها لفعاليته وقدرته على التوجه لبناء حياته الحرة الكريمة .. وقد ظلت تلك السمات الحضارية راسخة في حياة الحضارم في الوطن وفي المهاجر منذ قرون متقدمة في صدر الإسلام. وبالرغم من الظروف والمراحل السياسية المتلاحقة مثلت حضرموت حاضرة تاريخية تمتلك من العلم والعلماء والتجارة والتجار والخبرات والوسائل المختلفة في الحياة، مما جعلها تصمد في وجه أي تأثيرات على نسق حياتها، الذي نثق في تميزه ونجاحه. وفي السنوات القليلة الماضية رأينا المواجهة للتجاوزات في حقوق الناس وحرياتهم والرفض لتقسيم حضرموت، ثم رأينا كيف هب أبناء حضرموت من الداخل ومن مهاجرهم لبناء محافظتهم وتدفقت المليارات للعمران والاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية النفطية والسمكية والسياحية والتجارية وغيرها وحولوا حضرموت إلى ورشة عمل، وهو ما جعل السلطة لم تجد مجالا إلا السير في ركاب النهوض بحضرموت والاستجابة للاستحقاقات الملحة في شق الطرقات، وتعزيز الطاقة الكهربائية وتوسيع البنية الأساسية في مجال المخططات العمرانية والاستثمارية والموانئ والمطارات والاتصالات.. كل ذلك يتحقق عندما تكون القوى الاجتماعية بوعيها وإمكانياتها قادرة أن تسبق القوى السياسية .. الحاكمة أو المعارضة.. وبذلك تصبح المجتمعات المحلية لديها توجهها الراسخ نحو مستقبلها بإرادة نابعة من ذاتها الواعية لمتطلباتها وأولوياتها.. والممتلكة لقوتها الدافعة .. تلك الإرادة المجتمعية الأنضج والأرسخ من الإرادات السياسية وفيها تكون رهاناتها للتغيير نحو الأفضل لحياة الناس في حضرموت ممكنة وقادرة أن تقدم مثالا لغيرها من محافظات الوطن، لتسير في الاتجاه الصحيح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى