طوق النجاة لإنقاذ التأمين في القطاع العام

> «الأيام» علي ناصر محمد فضل:

> عندما تطرقت في موضوعي السابق (التأمين بين الوعي وإلزامية القانون) في صحيفتنا «الأىام» العدد (4467) المرحبة دوما بمواضيع الرأي، اعتقد البعض أننا نقصد بذلك الوعي المرتبط بالمواطن فقط (طالب التأمين) واغفلنا الوعي / المعرفة المرتبطة اساسا بالعاملين في مجال التأمين، اولئك الذين يفترض معرفتهم للتأمين كصناعة تقوم بتقديم خدماتها للمجتمع والتي بدونها لا يستطيعون إيصال المعرفة لغيرهم.

مما تقدم لا يفهم بأن شركات التأمين لا تمتلك كفاءات تأمينية، بل على العكس، فهناك من الكفاءات اليمنية التأمينية والإدارية ما يمكنها من إدارة شئون عملها بكل اقتدار، وما انعقاد دورة التأمين المصرفي الشامل في صنعاء للفترة : 7- 9 مايو 2005م التي نظمها معهد الدراسات المصرفية بالتعاون مع (المتحدة للتأمين) إلا تأكيد على ذلك، وأن استمرارية تأهيل الكادر في القطاع مهم للغاية باعتباره من أهم العوامل المؤثرة في النجاح، كما اشار الى ذلك الأخ نائب رئيس الاتحاد اليمني للتأمين ومدير( المتحدة للتأمين).

إن عدم امتلاك الموظف في التأمين المعرفة في مجال عمله سيعرض نفسه لإحراجات لا مبرر لها من قبل اي مواطن يستفسره عن موضوع معين، وكذلك يعرض شركته لمعاناة عدم الثقة، ومتى ما تعرضت هذه الثقة للاهتزاز فالنتيجة تنعكس على محصلة النشاط، والمتبصر في إدارة شؤون عمله يدرك جيدا اهمية هذه الثقة، ويعلم علم اليقين ان الثقة في حقل التأمين هي إدارة وكفاءات فنية، وخدمة جيدة وسريعة وقدرة مالية وبدون توفر هذه الشروط لن يتحقق اي نجاح وإنما سيصاب النشاط بالهشاشة وهذه الحالة هي بداية النهاية.

من خلال مطالعتنا لإحصائيات سوق التأمين في اليمن للسنوات 2002-2003م (المتوفرة لدى الاتحاد اليمني للتأمين)، استوقفتني نتائج الشركات ونتيجة نشاط السوق المتواضعة ، الا ان نشاط القطاع العام استحق مني التركيز بحكم عشرتي الطويلة مع هذا القطاع، لذلك سأوليه اهتماما خاصا لأن ايراداته انخفضت في عام 2003م بمبلغ 54,000,000 ريالا عن ما كانت عليه في عام 2002م، 237,328,000 ريال، في الوقت الذي حققت كافة الشركات زيادة في الايرادات في عام 2003م ما عدا القطاع العام واصبح موقعه احصائيا قبل الأخير.

لقد انحصر نشاط القطاع العام بنوعين من التأمين وهما تأمين الحياة الجماعي وتأمين السيارات الذي تشكل معظم تعويضاته قيما لقطع غيار السيارات وسمكرة وغيرها.. علما أن تأمين السيارات تعاني من تعويضاته كافة شركات التأمين وليس القطاع العام وحده، فهل يستطيع القطاع العام خفض حجم التعويضات وزيادة ايرادته؟ الإجابة على ذلك ستكون نعم، اذا استعاد نشاطه في انواع التأمين الأخرى، بدلا من الاعتماد على نوعين لأنه اذا فقد تأمين السيارات (لا سمح الله) او تأمين الحياة فالنهاية ستكون مأساوية.

وللخروج من هذه الوضعية سنحاول الاسهام في تقديم (بعض الحلول) التي نعتقد بأنها ستساعد هذا القطاع في استعادة مركزه ولو بشكل تدريجي، وقبل طرح مساهمتنا نود ان نتطرق اولا لتطبيقات قانون التأمين الإلزامي على السيارات كمدخل لتوضيح وجهة النظر وكاستدلال لممارسة نشاط لا يخفى على احد، كي لا يصاب القطاع العام بأزمة تردد.

قانون التأمين الالزامي على السيارات ينص على تأمين الأضرار الجسمانية والمادية وهذا القانون لم يطبق من قبل شركات التأمين بشكل صريح لأن لديها بعض الملاحظات المنطقية، ومع ذلك فهي تقوم بعملها في تأمين السيارات وفقا لما لديها من وثائق معيارية وتتعامل مع القانون بحيطة وحذر، وبذلك ضمنت تحصيل ايرادات معقولة دون اللجوء الى تأمين كل ما يعرض عليها خاصة اذا كانت حالة السيارات متهالكة، وبالرغم من ذلك فكافة الشركات تعاني من ارتفاع حجم تعويضات السيارات ولكنها تحقق أرباحا من فروع التأمين الأخرى، وليست بالأرباح المرجوة. أما القطاع العام فقد اتجه الى محاولة تطبيق القانون بمفهوم معين وظل فترة طويلة يعتمد على ذلك مقابل اقساط تأمين زهيدة ،فضمن كثرة عددية في الوثائق الصادرة الأمر الذي مكنه من مواجهة التعويضات (بعد التدقيق في صحة الحوادث)، ومع مرور الزمن تضاءل النشاط وانكمش حجم الايرادات لأنه خسر كوادر كان لها دور مهم في نشاطه. ولتلافي هذا الوضع وحتى يستمر القطاع العام في ميدان المنافسة، نتمنى عليه دراسة ما يلي :

1- ضرورة تأهيل الكادر وتطويره تأمينيا كي يتم سد الفراغ الموجود حاليا لأنه بدون الكفاءات ينعدم النشاط، 2- التنسيق مع القطاع الخاص عبر اتحاد التأمين واقامة علاقات ثنائية مع الشركات الأخرى لأن لا تعايش بدون ذلك، 3- معظم تعويضات السيارات هي مبالغ تصرف لقطع الغيار والسمكرة لسيارات متهالكة، فمن المستحسن ان تتبع سياسة القطاع الخاص الاكتتابية، 4- حصر تأمين السيارات في الأضرار الجسمانية فقط (القانون) مع اعادة النظر في احتساب الأقساط لتجنب دفع التعويضات المتعلقة بالأضرار المادية لسيارات أكل الدهر عليها وشرب، وكذلك سد منافذ التحايل الموجه ضده من قبل الغير، 5- عند إقدام القطاع العام على تطبيق المقترح (4) فلن يتعارض ذلك مع القانون بحسب تطبيقاته الحالية لأن الدولة يهمها في المقام الأول حماية المواطن الذي يستخدم الطريق العام من جراء حوادث المرور، وفيما يتعلق بمالك السيارة اذا أراد تأمين مسؤوليته تجاه الغير (الأضرار المادية) فعليه أن يدفع ما يقابل هذه المسؤولية (قسط التأمين)، 6- عدم قبول كل ما يعرض عليه من طلبات التأمين دون دراسة ومن حقه اتباع سياسة الاختيار والابتعاد عن الأخطار الرديئة، 7- هناك عدد كبير من مالكي السيارات لا يقومون بالتأمين على مسؤولياتهم مخالفين بذلك الالتزام بالقانون، 8- لكون القطاع العام لا يمارس حاليا إلا تأمين السيارات وتأمين الحياة الجماعي فإنه لا سبيل لتحسين وضعه إلا بهذه المقترحات او أن تقوم الدولة باحتكار التأمين الإلزامي على السيارات لصالحه، وهذا ما لا نتوقعه ولن يحدث مطلقا، 9- بالرغم من أن شركات التأمين ترهقها نتائج تعويضات السيارات لكنها تحقق ارباحا من فروع التأمين الأخرى وتسعى دوما الى تقييم العمل بشكل عام وخاصة في تعويضات السيارات، اما القطاع العام فليس لديه تأمينات اخرى تحقق له الأرباح وعليه مراجعة وضعه بصورة جادة، 10- التخصص في تأمين السيارات والحياة الجماعي يتعارض مع اسم الشركة الحالي ويتطلب إشهارا جديدا بتسمية أخرى وذلك بعد موافقة الجهات الحكومية المعنية، كما أن هذا الاتجاه يشكل خطرا حقيقيا على العاملين.

هذه المساهمة نعتبرها محاولة لتمكين هذ القطاع (الذي نكن له كل تقدير واحترام) من الاستمرارية في نشاطه، كما نجدها فرصة لدعوة الاتحاد اليمني للتأمين لتبني فكرة التأمين الإلزامي على المركبات ليغطي الأضرار الجسمانية فقط لنبتعد عن نقل التجارب كما هي دون مراعاة لخصوصية اليمن في هذا المجال، علما أن التأمين الإلزامي السابق يغطي الأضرار الجسمانية فقط.

اننا متأكدون من أن ايرادات التأمين الإلزامي على السيارات بصورته الجديدة سيستفيد منها الجميع عند تظافر كل الجهود لتطبيقه بما فيهم الإدارة العامة للمرور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى