( الذي بالدست با تخرجه الملعقة )...دراسة أمريكية مخيفة عن المستقبل الذي ينتظر اليمن

> لطفي شطارة :

>
لطفي شطارة
لطفي شطارة
خلال الأسبوعين المقبلين سيتم في لندن إقامة حفل تدشين وإطلاق موقع المنظمة اليمنية لمراقبة حقوق الانسان (يهرو) ، وهي المنظمة التي أعلنت إشهارها في العاصمة البريطانية في 21 مارس الماضي وقد تأخر موعد إطلاق الموقع وحفل التدشين لأسباب عديدة ، أوجزها في عوامل تقنية ومسائل فنية خاصة بالموقع وتبويبه ، كما أن الانتخابات البريطانية قد كان لها تأثير على تأخير حفل التدشين الذي حرص أن يشارك فيه بعض من أعضاء مجلس العموم البريطاني، وخاصة الدوائر المهتمة بقضايا حقوق الإنسان، وبعد أن انتهت الانتخابات البرلمانية ، لا بد أن يأخذ الأعضاء الجدد في المجلس بعض الوقت لتقسيم الدوائر المتخصصة التي يمكنني مخاطبتها ودعوتها لحفل التدشين .

هذه التوطئة أسوقها لكي أوضح لكل الزملاء الذين التقيت بهم في زيارتي الأخيرة في عدن ، والذين أكرموني بسخاء وابدائهم الحماس والاستعداد لمساعدتي في تنشيط هذه المنظمة التي تعد الأولى في الخارج والتي تتخصص في القضايا اليمنية الصرفة ، وكنت حينها قد تحدثت في أحد منتديات عدن، من تلك الجلسة شعرت لماذا سيكون لهذه المنظمة أهميتها في الخارج ، فحماس الشباب لا يقدر بثمن ، والقضايا التي يعاني منها المواطن اليمني لا تعد ولا تحصى في ظل تجاهل مطبق وتعام فاضح من قبل الدولة لحقوق الآخرين في كل شيء ، وربما اهتمامي بهذه القضايا أثار حفيظة إحدى الصحف اليمنية- لا اريد ذكر اسمها حتى لا أعطيها حجما لا تستحقه اصلا - فهي رقم غير فعال وصوت غير مؤثر في الإعلام اليمني المقروء ، فلهذا تعتمد أخبارها على (الحشوش) وتستقي معلوماتها من مصادر بليدة .

خرجت تلك الصحيفة وقت إعلان الإشهار عن (يهرو) وهو اختصار لاسم المنظمة باللغة الانجليزية ، ولأن الجهل المستفحل في أذهان المتآمرين المتسترين بثوب الوطنية اعتبروا كلمة (يهرو) عبرية، وبالتالي جاءت تحليلاتهم لأكثر من صفحتين وعلى حلقتين متتاليتين تصفني وتصف المنظمة بـ « الماسونية» والعمالة لاسرائيل واميركا وبريطاينا، والسبب كلمة (يهرو) التي ترجمتها عقول الجهل بأنها كلمة عبرية ، وكل كلمة عبرية تكتب وتنطق في العالم العربي فمصدرها لابد وان يكون اسرائيل ، مع أن مصر تملك قناة تلفزيونية ناطقة بالعبرية لتوصيل الحقائق للشعب الاسرائيلي ، ولكن غباء الداخل يرعبه ويخيفه كل من يمتلك رأيا مستقلا ، فكيف وهو يجاهر به في الخارج ، هذه جريمة عند الذين يوزعون اليوم صكوك الوطنية للصوص ، والأفاقين والمنافقين من الداخل والخارج ، تمنح للفاسدين والقتلة ، توزع للابواق التي تخفي الحقائق من كتاب وصحافيين يمنيين وعرب ، أو لتلك التي تزور التاريخ، أو تجيره لفرد أو مجموعة.

صكوك الوطنية أصبحت رخيصة في زمن النفاق والابتذال من أجل ارضاء متنفذ او إشباع رغبة لجاهل .

أقول للذين يستخدمون سيوف الدولة أو أولئك الذين أخرجوها من اغمادها ويلوحون بها لإرهاب من يقول كلمة حق إن خوفي من الله هو أكبر وأعظم من أي شيء أخشاه في هذه الدنيا ، وهو الذي دفعني لتأسيس هذه المنظمة الخيرية بمساعدة بعض من الأخوة اليمنيين في بريطانيا ، لتكون صوتا لمن لا صوت له ، لأنني متأكد مليون بالمائة أن ما تتناوله منظمات حقوق الانسان في الداخل لا يمثل 1 في المائة من القضايا التي يئن منها المواطن في هذه البلاد .

أين هؤلاء الذين يدعون قلقهم على الوطن وحرصهم عليه مما قاله البروفيسور الامريكي روبرت برويز استاذ العلوم السياسية في جامعة واشنطن، الذي قال في دراسته التي جاءت نتيجة لمكوثه في اليمن اكثر من 8 أشهر «إن اليمن امام مفترق طرق وتنتظرها عدة سيناريوهات مذهلة أحلاها مر ».

فقد بعث لي أحد القراء بعد أيام قلائل من نشري آخر مقال في صحيفة «الايام» والمعنون بـ «كلام الناس في الشارع مخيف» دراسة ، وعلق عليها ذلك القارئ بهذه العبارة : «أتمنى أن تنفعك في مقالك القادم» ، وكانت الدراسة التي قدمها البروفيسور الامريكي في شهر فبراير الماضي في جامعة (هارفارد) الامريكية هي الأحدث والأخطر لاستاذ أكاديمي تقاعد أخيرا ، وفيها ختم شؤون تخصصه الأكاديمي الذي قدم فيه كثيرا من الدراسات عن التاريخ اليمني ، بهذه الدراسة التي اعتبرها الإنذار المبكر للمستقبل الذي ينتظر هذه البلاد ، وأقل وصف يمكن أن يخرج به كل من يقرأ هذه الدراسة بـ «الكارثة» التي تنتظر اليمن حسب الاستنتاجات التي خرج بها البروفيسور روبرت برويز في 51 صفحة ، وهذه الدراسة التي وصلتني، وربما جرى توزيعها على نطاق واسع نظرا لخطورة التحليل الذي توصل اليه البروفيسور الامريكي والذي استند على وقائع وأحداث موثقة ومعروفة ، بل إن خبرة الرجل وعلاقاته برجال السياسة اليمنيين قد سهلت عليه التوصل الى هذه النتيجة، وربما أراد أن يقدم من خلالها نظرة تحليلية لرجال السياسة ودوائر القرار في بلاده ، والتي تعتمد أساسا على آراء من هذا النوع وليس على تصريحات وأحاديث الدبلوماسيين .

بقيت ثلاث ليال لا أنام بعد أن انتهيت من قراءة الدراسة، لأن الوصف الذي سرده نعرفه جيدا ، فمن أول صفحة تقرأها تصاب بالإحباط حتى تصل الى الخاتمة لتواجه الفاجعة ، فالخيارات التي سردها الرجل للخروج من المأزق تبدو مستحيلة نظرا لتعقد الوضع ، كما يقول كاتبها، والذي ساعد على ادراج اليمن ضمن الدول ( الهشة)، فالرجل ليس بكاتب عادي زار اليمن وخرج بهذا الانطباع المخيف ، أو أنه تعرض لمضايقات في زيارة عابرة انتقم فيها من اليمن بدراسة في 51 صفحة ، إنه رجل يعرف اليمن ومن فيها ، وأقصد أنه على صلة برجال الدولة في بلادنا ، فهو يستنتج دراسته بعد أن قدم تحليلا شافيا للجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، بل إنه أفرد شرحا وقدم أمثلة حول دور المتنفذين في التحايل على الشركات والمستثمرين العرب والأجانب، والذين اوصلوا البلد الى هذا الوضع الاقتصادي الخطير .

كل ما أردت قوله في هذا الموضوع وكما يقول المثل العدني ( الذي بالدست باتخرجه الملعقة) ، فمهما حاولت بعض الصحف التي تدعي الوطنية اتهامنا بالماسونية او العمالة او أية تهمة أخرى من التهم التي تعودنا عليها من جهلة وأنصاف المثقفين لأنني يمني ، فأتحدى هذه الصحيفة الرد على دراسة البروفيسور روبرت برويز ، أو تسوق له تهمة من التهم التي ساقتها لي، والمنظمة لم تقم إلا بنشر بيان إشهارها فقط ، أي أنها لم تباشر عملها بعد للاسباب التي ذكرتها في المقدمة ، فيما قدم الرجل بما يشبه «تحذير مفجع وبالأدلة والأسماء» لوضع قال عنه «إن السفينة بدأت في الغرق».

اتقوا الله يا هؤلاء فيما تكتبون، فالوطن ليس حكرا على أحد ، وصكوك الوطنية لا ننتظرها من منافقين وأفاقين وشاهدي الزور ، فالدين لله والوطن للجميع ، فاليمن كما هي بلادكم فهي بلادنا ايضا ، وإلا أنتم «طويلو داخل قصيرو برع». والله من وراء القصد .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى