مع الأيــام...مابو إلاّ ثأر

> م. عبدالله محمد أحمد فريد :

> حدثني صديق قديم عند لقائي به في محافظة عدن بعد غياب دام أكثر من ثلاثة أعوام عما آلت إليه محافظة شبوة من أوضاع متردية.. قبائل متناحرة، شباب فقدوا التعليم، فقدوا الأمن والاستقرار.. فأنقل ما جاء على لسانه حرفياً:

الحمد لله وجدتك بعد ثلاثة أعوام.. انظر إلي اليوم وقارن عند لقائي بك في المرة الأخيرة، وكأنها مرت علي أكثر من عشرين عاماً.. عانينا فيها الويل .. الألم .. المرض .. والحيرة بسبب الثأر، لا ناقة لي فيها ولا جمل، مطالب بذنب لم أرتكبه، شخص قتل قبل أكثر من ثمانين عاماً قبل أن آتي إلى هذه الدنيا، وعلى أشياء لم أعرفها، ومطالب بأن يكون الطارف غريماً، تراني أخرج ليلاً لآخذ أغراضي أو أرسل شخصاً ما يساعدني لجلبها، أحياناً يتم إطلاق النار على منازلنا بالأسلحة المتوسطة، تصور أننا نُضرب بـ (آر بي جي أو دشكا)، بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة .. ماذا أعمل؟ تصور أحياناً أشاهد الإخوة من الطرف الآخر، الذين ضربونا بالأمس، وباستطاعتي قتلهم، فلا تستطيع نفسي قتل النفس التي حرم قتلها الباري سبحانه وتعالى، ليس خوفاً ولكن رحمة .. على ماذا أقتلهم؟ وأرمّل نساءهم وأيتّم أطفالهم.. إنه شعور يقتلني، يبدد النوم من عيني، يجعلني أعيش حالة نفسية عصيبة.. يكبر عمري سنين. أصبحت أعاني من العوز، من الخوف، من القلق النفسي .. كل هذا والدولة تتفرج وتشاهد وتسمع وترى، وعند السؤال : لماذا لا تضع الدولة حداً؟ يأتي الجواب وعلى لسان أي مسؤول في الدولة «ما بو إلا ثار».

أنا أريد النظام، أريد القانون، أريد أن تأتي الدولة قبل تنفيذ الجريمة، ولكن بعد الجريمة لماذا سيأتون؟ هذا إن أتوا.. ولكن معظم الأوقات لم يأتوا.. أتساءل ما دور السلطة في شبوة؟

تصور هناك قتال دائر هذه الأيام بين قبيلتي آل عبود وآل دغار تُستخدم فيه الأسلحة المتوسطة والخفيفة بمديرية نصاب، وهناك قتال دائر في منطقة هدى بين آل دابي وآل لبيض، وهناك عدد من الجرحى في القتالين وكأن السلطة في المحافظة لا يهمها هذا الصراع .

وضع متردٍّ .. يقولون نبني مدارس، وبالعكس عدد الخريجين في الثانوية الذين يواصلون الجامعات لا يتجاوز 5 % (أقولها خمسة بالمئة) .. إننا نحب العلم!

نريد أن نحلم مثلنا مثل غيرنا من البشر، نحلم بأن يصبح منا الدكتور والمهندس و...و.. ولكن حتى الحلم قُتل في نفوسنا .. ماذا نعمل؟ لا يشعر بهذا الواقع إلاّ من عايشه.

فقلت له: أنت محق، ولكن لا أستطيع إلا أن أقول لك كما قال الحجاج لخزيم الناعم: ما النعمة؟ قال: الأمن، فإني رأيت الخائف لا يتمتع بعيش. قال: زدني. قال: الغنى، فإني رأيت الفقير لا ينفع بعيش. قال له: زدني، قال: الشباب، فإني رأيت الشيخ لا ينتفع بعيش. قال له: زدني. قال: لا أجد مزيداً.

المنسق الإقليمي لمشروع التنمية الريفية في محافظتي لحج وأبين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى