ياريت ما كان اللي كان!

> أحمد محسن أحمد :

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
رجال الثورة اليمنية.. ذلك الرعيل الأول من الرجال الذين قارعوا الظروف السابقة التي كانت تعيشها اليمن قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر.. حملوا على أكتافهم مصيرهم المجهول وهم يقارعون التخلف بكل صوره.. نسوا حينها كل شيء.. حتى أنهم نسوا أنفسهم وأسرهم في سبيل المبدأ الصعب الذي اعتنقوه وناضلوا في سبيل تحقيقه!.. فمنهم من رحل ومنهم من لا يزال يعاني جراء تلك المواقف الشريفة والشجاعة.

تألمت كثيراً وأنا أرى بعض أولئك الرجال ممن ما زالوا على قيد الحياة وهم يسحبون خلفهم آثار الزمن، وضربات الظروف القاهرة التي اكتسبوها من جراء شجاعتهم النادرة، وتصميمهم على السير في طريق الموت والهلاك! رأيت فيما رأيت بعض هؤلاء قد عصفت بهم الأمراض والمشاكل.. وبدأت الأمراض الفتاكة تدفع بهم نحو الطريق الذي لا رجوع فيه .. طريق لقاء ربهم (العلي القدير) .. الذي لا شكوى إلا إله، ولا تظلم صادق إلا إليه. وممن رأيتهم الأخ المناضل شكيب عبدالله حسين حمزة، رجل العمل العسكري في ظل الكفاح المسلح وبعد نيل البلاد الاستقلال .. واصل الطريق الذي اختاره لنفسه وذاق الأمرّين مع تقلب الظروف والمنعطفات السياسية .. حالياً يدور من مرفق إلى آخر حاملاً تقرير قلبه المتعب الذي أصبح لا يقوى على تحمل ضربات الزمن الرديء .. وما زاد الطين بلة في محنة الأخ شكيب تنكر الجهات التي ارتبط بها .. فجافته حتى جعلت أمل الحصول على الرعاية والعلاج في عداد المستحيلات.. ولولا لفتة الأخ المناضل عبدربه منصور، نائب رئيس الجمهورية، وكذا الأخ المناضل محمد حيدرة مسدوس، اللذين أعطياه شيئا من الثقة والأمل في علاج قلبه الطيب والنقي والمتعب، لرحل الأخ شكيب مع الذين رحلوا وهم في غنى عن عطف من لا يعرف العطف.

والرجل الآخر هو الأستاذ القدير عبدالرحمن المجالي، الذي رأيته لا يرى الطريق الذي يسير فيه، وهو الذي أنار لنا أكثر من طريق في حياتنا السياسية والاجتماعية والرياضية!.. كان لي شرف دخول (بنجلة الشيطان) مع الأستاذ المجالي والأستاذ عثمان حسن مساوى (كمراني) كأول ثلاثة دخلوا هذه العمارة غريبة السيرة والأطوار بعد الاستقلال مباشرة و(بنجلة الشيطان) كانت تقع في مبنى المحافظ حاليا في مدينة المعلا بعدن.. وفي أول دخول لنا هذا المبنى رأينا أشياء مازالت محفورة في عقولنا وصدورنا.. بعضها يمكن البوح به وبعضها يصعب الحديث عنه في هذه الظروف!

قلت إن الأستاذ عبدالرحمن المجالي علم ورمز من رموز المعلا وعدن .. ومن المؤسف جداً أن تؤول به الظروف إلى الحد الذي يبحث عمن سيمد له يد المساعدة، وهو الذي كان صاحب اليد السخية!.. تساءلت ما جدوى وجود منظمة أسر مناضلي حرب التحرير؟! وما جدوى الجهات التي تشخص الأمراض العويصة وتوصي بالسفر إلى الخارج وعلى نفقتهم؟!.. ألا تستطيع منظمة مناضلي الثورة اليمنية والدفاع عن الوحدة، وهي المعنية بظروف هؤلاء لكونها تحمل صفتهم في هذه الحياة، أن تقدم الشيء الذي يعينهم في رحلة العلاج؟.. قال لي أحد الأخوة إن هناك قرارا من الحكومة اليمنية عندما كان على رأسها السيد الفاضل حيدر أبوبكر العطاس يقضي بعلاج ورعاية كل مناضلي الثورة اليمني.. أصحيح هذا؟! وأعرف أن هناك أكثر من مناضل أبى أن يكلف نفسه عناء ومشقة السؤال وطلب كسبه لصفة مناضل.. هؤلاء محسوبون في سجلات المنظمة وحتما لهم حقوق!

وعرفت منهم من يصر على موقفه بأن يعتبر ما قدمه في ذلك المسار شيئا يخصه وأقدم عليه بقناعته، ويرفض استلام أي مقابل لهذا الدور وهذا الواجب الوطني! ومنهم من الرعيل الأول الأستاذ عبده علي سعيد والنقابي المعروف محمد قاسم العزاني، طيب.. لماذا لا تحول حقوق هؤلاء وما يخزن في ميزانية هذه المنظمة لتكفل من يستحق!.. أما حكاية أن يصرفوا الإعانات الشهرية لمن لا يستحقها ولمن ليس له أي دور أو موقف وطني أو نضالي في الظروف السابقة، فإن هذا هو الخطأ بعينه .. ربما هي المحاباة والكتبة التي جعلت كل الشعب جبهة قومية وجبهة تحرير ورابطة..إلخ .. إنها مأساة ومشكلة حقيقية تتطلب الوقوف أمامها لوضع حد لهذه المعاناة التي يعاني منها البعض وهي في انتظار المزيد والمزيد ممن سيقفون في الطابور في انتظار نظرة العطف والإحسان!.. أم أن هناك من يريد لمن ما زالوا على قيد الحياة من أشرف وأنقى الرجال أن يقولوا: ياريت ما كان اللي كان ولا رأينا هذا الزمان.. الذي لا يجازي الإحسان بالإحسان!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى