يـوم من الأيــام...هجرة العقول في زمن الذهول

> إبراهيم الشاش :

>
إبراهيم الشاش
إبراهيم الشاش
كثيراً ما تساءلت مع غيري ماذا يحدث في وطننا اليمن، تلك الأرض التي أقيمت عليها ذات يوم حضارة ملأت سمعتها الدنيا وبلغت الآفاق لتمتد من الغرب وحتى الشرق فكانت بحق من أعظم الحضارات الإنسانية القديمة حتى أنزل فيها قوله سبحانه {بلدة طيبة ورب غفور}.

إن المتأمل في ماضي هذه البلدة الطيبة ليعجب من اللامبالاة الحاصلة اليوم تجاه ما يمس كنوزها من عبث طال معالم آثارها حتى صرنا نخاف يوماً يجيء علينا فلا نجد حجراً واحداً ليشهد لنا بشموخ تلك الحضارة إلا ما هو مدون في كراريس طلاب المدارس.

ويقيني أن تلك الحضارة ما كانت لتقوم لولا تلك العقول المستنيرة بالحكمة للأجداد الذين أطلقوا العنان للفكر واحترموا العقل الإنساني المبدع في شتى نواحي الحياة بل واستثمروا كل القدرات والملكات في مجتمعهم ولم تكن حياتهم قائمة على الارتجال والعشوائية وهذا ما كان محط إعجاب المستشرقين وكل مهتم بتاريخ الحضارة اليمنية، التي ترجمتها أعمالهم المرسومة في آثارهم.

واليوم نجد كثيراً من تلك العقول والقدرات والملكات في شتى مجالات حياتنا العصرية هذه معطلة يقبع أصحابها في سبات المنسيين رغم أنهم أحياء يرزقون بيننا.. تلك العقول التي يمكن أن تسهم بعصارة فكرها في حياتنا اليومية.. وهم معروفون يشار إليهم بالبنان إلا أنهم يعانون اليوم من جراء هذا النسيان والجفاء.. والأدهى من ذلك أن أجهزة الدولة الإدارية والاقتصادية والثقافية والتربوية يعرفونهم ويعون جيداً قدراتهم.

وأستحضر هنا مقولة للقائد الإنجليزي الشهير «تشرشل» عندما سئل يوماً عن إنجازاته فرد قائلاً: «إن انجلترا يمكن لها أن تفرط في إنجازات تشرشل ولكنها لن تفرط أبداً بتراث وليم شكسبير». هكذا قال تشرشل ليتبين مدى تقدير واحترام العقل المفكر المبدع وهذا على سبيل المثال لا الحصر .. فهل يعي القائمون على شؤون هذه الأمة حجم المسؤولية تجاه الذين بات شعارهم ولسان حالهم «خليك في البيت»، وهم يمارسون سياسة غض النظر عن تلك القدرات المعطلة واستثمارها لما يخدم مصلحة هذا البلد، الذي هو بأمس الحاجة اليوم لاحتواء مثل هذا الكم من تلك العقول؟ أم أن البعض ممن يملكون القرار استمرأوا اللامبالاة تجاه هؤلاء الذين فقدوا الأمل وقد ثُلمت معاولهم من نحت ذلك الجبل الجليدي الذي أقيم كسياجٍ حولهم .. فهل من إعادة نظر لحل مشكلة كهذه.. وهل من قرار شجاع يذيب ذلك الجبل الجليدي ليجري نهر رقراق في كل سهول وأودية وبساتين هذا الوطن.. أم يبقى حال الهجرة كما هو عليه لتلك العقول كي يستفيد منها الأخرون؟! (ويا مفرق المرق أهل بيتك أحق) .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى