وتــلـك الأيــام...كابوس (ابن سينا)

> محمد عمر باجنيد:

> من المفترض أن المستشفيات أماكن فيها من النظافة والصفاء والسكون قدر ما فيها من الخدمة والمتابعة واليقظة، لكن إذا لم يوجد واحد من تلك الأمور فماذا يمكن أن نطلق على المستشفى؟!

هل يتساءل المرء لماذا يذهب المرضى إلى المستشفيات إذا لم يكن فيها من تلك الصفات شيء! أما لماذا يقبل المرضى الذهاب إلى المستشفى وهو (فقير جداً) في المواصفات الدنيا للمستشفيات، فإن ذلك راجع إلى أنه ليس للمضطر إلاّ قبول ما ليس منه بد.

للأسف الشديد إن واقع مستشفيات مدينة المكلا يجعل من السكون والخدمة الطيبة حلماً صعب التحقيق، ولعل مستشفى (ابن سينا) ذا الصيت الذائع واحد من تلك المستشفيات التي تفتقر للحد الأدنى من الخدمات الطبية. إن الانطباع الأول للعيادات أو المختبرات أو أقسام الترقيد هو أن ما يحدث في المستشفى لا يمت إلى المفهوم الصحي، وهو المفهوم الذي من صفاته الأولية الإحساس بالطمأنينة.

المعاناة في مستشفى (ابن سينا) ليست في الفحص الطبي، إذ لا يمكن أن تبرز علامة استفهام على أداء الطبيب، لكن المشكلة في كل شيء.. على سبيل المثال يطلب الأطباء من المريض أو من يرافقه إحضار الأدوات الخاصة بعينات التحليل ومن ثم متابعة نتائج التحاليل في المختبرات .. نعم متابعتها، والحسرة والندامة لمن لم يكن معه قريب، بل إن الأمر السيئ يتجاوز ذلك وهو ما يحدث في غرفة العناية المركزة، إذ تطلب إدارة المستشفى من المريض ذي الحالة الخطرة أن يكون معه (مرافق) طيلة فترة نومه في غرفة العناية المركزة، ويتمثل دوره بإحضار الأدوية المطلوبة للمريض ويقوم بدور (الممرض) في إيصال عينات التحليل للمختبر وإحضارها من المختبر، والمعروف عالمياً أن الخدمة في غرف العناية المركزة من اختصاص المستشفى، ولذا سميت (مركزة)، وأيضاً تسمى غرفة (الملاحظة الفائقة).

وإذا بدا أن مثل تلك الأمور تحدث في مستشفى كبير وعريق، والمقصود بالعراقة (القدم)، وأنها أشياء لا يمكن تصديقها أو حتى التفكير في حدوثها، فإنها بالفعل تحدث ومقبولة إلى حد بعيد مقارنة بالمكان الذي ينتظر فيه مرافق المريض!

إن مرافقي المرضى يتجمعون أمام باب غرفة العناية المركزة في (دهليز) طويل، يفترشون الأرض أو ملابسهم ضمن إطار من الحزن يثير شفقة من يراهم، حتى أن من يشاهدهم وهم في حالة التأهب والاستنفار استعداداً لطلب مفاجئ من الفريق الطبي، لا يملك في قرارة نفسه إلاّ أن يحسد (القطط) التي تتجول بحرية مطلقة داخل (دهاليز) المستشفى.

مرة أخرى فإن الجهاز الطبي وكذلك فريق التمريض في مستشفى ابن سينا على قدر عال من الكفاءة المهنية، لكن القصور الفاضح هو في الكفاءة الإدارية.

إن السفر للدول المجاورة وغير المجاورة للعلاج أمر مكلف جداً سواء للدولة أو للمواطن، لكن بقليل من الإصلاحات يمكن تجنب السفر.

لذلك فإن المطلوب دعم المستشفى بفريق متكامل من الإداريين المتخصصين في إدارة المستشفيات، وكذلك بالممرضين والممرضات لإنشاء نظام إداري حديث يحفظ للمريض الهدوء والطمأنينة ويزيل عن أقارب المريض (كابوس) المرافق وما تنتظرهم من معاناة، ويساعد أيضاً الجهاز الطبي على القيام بواجباته بشكل مثالي.

مدير فرع بنك اليمن البحرين الشامل بالمكلا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى