كلّه رمادي يا إكسلانس

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
والله يا إكسلانس يبان إنه لا نفعت تحذيرات الغرفة التجارية وتنبيهاتها الى خطورة الوضع الاقتصادي وزيادة التبعات على أكتاف المواطنين والتجار ورجال الأعمال وأصحاب الأشغال على حد سواء فموج «التسونامي» لا يفرق بين طفران وشبعان وغني وفقير.. ومع صوت الغرفة التجارية ترتفع أصوات التحذير من كافة الصحف والأقلام المسئولة وأصوات سائر المنظمات التي يهمها الخير والاستقرار لهذا الوطن المغلوب على أمره.

لكن الحكومة والسلطة بشكل عام بكل مؤسساتها ومجالسها ومواقفها مطيّزة للدنيا ومنطقها في ذلك هو أنه مادام حقها لا يمس ويكفيها ويزيد فإنشاء الله يأكل الشعب وإلاّ عنه ما أكل..وقد قال لي الأخ سالم المنذري صاحب مطعم ريم ونحن على باب مطعمه نتجاذب أطراف الحديث: «هيا كيف.. وإلى متى وإلى فين باتوصل الأسعار.. نحنا مانشتيشي نزيد الأسعار على المواطنين لكن الجماعة ما عاد خلوا لنا شيء أي فرصة فكيف بانسوي؟ معقول بانبيع بخسارة؟ طبعاً لا.. طيب معقول نرفع السعر لحد أن المواطن صاحب الدخل المحدود ما يقدرشي عاد يأكل؟ والله هذا حرام .. كيف تشوف؟» قلت للأخ المنذري: «والله يا إكسلانس أنا أشوف غشاش» قال المنذري متسائلاً: «يا أيه يا أيه؟ ..قلت يا إكس أيه؟» قلت: «يا إكسلانس هذي كلمة تستخدم زمان للتعبير عن الاحترام بين المتحاورين أيام الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان لنا وانجلترا إن أمكن.. وباتلاحظ انها تتكرر كثير في أفلام زمان أولاني ايام سينما الأبيض والأسود وإلاّ انت ماتتفرجش على اسماعيل ياسين ونجمة إبراهيم وفاطمة رشدي؟»

قال الأخ المنذري وقد التقط الكلمة بخفة: «إلاّ إلاّ اتفرج عليها يا إكسلانس .. لكن شوفك سهيتني وخرجت بنا من الموضوع!» قلت :«بالعكس أنا في صميم صماصيم الموضوع يعني زمان كانت الأفلام يا أسود يا أبيض وزي الأفلام كان كل شيء واضح كل الوضوح: يا أسود يا أبيض.. أما ذلحين أمان ربي أمان كله رمادي مش يعرف فين أبيض وفين أسود كله كله رمادي.. أوه.. أمان ربي أمان..» قال الأخ الاكسلانس:« أنا معك طيب إنه كل شيء رمادي في هذا الزمان لكن يعني كل شيء لازم يكون في الطريق الصحيح!» قلت :« ما يستويش يا إكسلانس.. كيف يكون كل شيء في الطريق الصحيح والدنيا كلها رمادي؟!» سأل المنذري:« يعني كيف يعني ماعاد بالعرفشي الأسود من الأبيض؟» قلت :«بالضبط يا إكسلانس كله بايكون رمادي.. وقد قال الفنان المسرحي الكبير هاشم السيد كلمته الخالدة من على خشبة المسرح من بدري قال: واجي علينا ليل ياشباب ! وأجينا على كلامه! والآن يا إكسلانس المسألة كلها رمادي في رمادي».. قال الأخ المنذري وهو مشتت الفكر ومبلبل البال:« خلاص قده هو ذا الكلام؟» قلت له وأنا اقترب منه: لا في كلام ثاني بس كلام سر.. خليهه بيني وبينك وهذا الكلام يتلخص في انه بلادنا تواجه هجمة امبريالية رجعية شيوعية كومبرادورية برجوازية وتنتصب أمام ابناء الشعب الأخيار التصدي لكل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في هذا البلد الآمن المستأمن وإلاّ بالله عليكم كيف نفسر حصار الباغة لنا من كل مكان وفي كل سوق وحافة؟ إن هذه الألاعيب الاستعمارية الرخيصة لن تنال من صمود شعبنا وقد جربناها وتجاوزناها وباستطاعتنا كشفها وهزيمتها بكل بسالة.. الآن الباغة يا إخواني موجودة في كل مكان.. ماذا يعني هذا الكلام؟ يريدون أن يوهموا شعبنا الباسل الأبي انه ليس أمامه إلاّ الباغة وإما البحر؟ هل تناسوا اننا نملك من الموارد ما هو أكثر من الباغة؟ وأين ذهبت وتذهب ثروتنا من اللوبستر الذي هو الشروخ والجمبري الذي هو الزنجا أو الجنجا بتعطيش الجيم والبنجيز نستخرج منه المداد والديرك الذي نستخرج منه العملة الصعبة والثمد والسخلة الذي نستخرج منهما العملة السهلة.. أنسيتم ياعملاء الباغة والبادنجان اننا نصدر كل يوم مليون ونصف مليون برميل من البترول.. ها؟ هذا ناهيك عن الثروة الحيوانية الثورية والبقرية والغنمية وطبعاً قبلها السمكية وكذلك نصدر كمية لا بأس بها من المساويك التي تدر أرباحاً مش خيالية.. لا.. إن شعبنا لن ينثني ولن يلين وإنه لنضال حتى النصر وألا لانامت أعين الجبناء.. كيف تشوف هذا الكلام القوي المصرنج صرناج يامنذري؟.. خير الله باسط وكل مؤامرة بانفشلها بالنار والحديد والفحم والتمباك.. انته قل بسم الله وبيع ولا تخلي اسمك يضيع وما أحد يقول أف من إبطه.. لأن الوضع زيما فهمتك أول يا إكسلانس .. لا هو أبيض ولا هو أسود.. الوضع رمادي!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى