حمى ضنك .. ومعيشة ضنك !

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
فيما يبدو لنا أكيداً ووثيقاً .. وحقيقة مؤلمة أن الحكومة في بلادنا غير معنية ولا مكترثة - لا من قريب ولا من بعيد -بمحافظة شبوة، ولا بمختلف شؤونها الخدماتية والإنمائية والأمنية، تتجلى لنا أيضاً في هذه الأىام بالذات، حقيقة أخرى اكثر إيلاماً وأكثر مدعاة للاستغراب واستفزازا للعقل، وهي تلك المتمثلة في حالة عدم الاكتراث واللا مبالاة بما يمكن أن يهدد حتى حياة البشر في تلك المحافظة من أمراض وأوبئة استوطنت واستقرت هناك! ذلك أن مرض (حمى الضنك) الخبيث الذي يتربع مطمئناً في هذه المنطقة وينتقل بكل راحة وطمأنينة من مديرية إلى أخرى ومن منزل إلى آخر ومن إنسان الى آخر، يجسد بخطورته هذا التجاهل الرسمي لهذه الكارثة الإنسانية التي حلت وافترست أهلنا في شبوة، ويحكي بمدى انتشاره، وبعدد ضحاياه من الأطفال والنساء والشيوخ، القيمة الحقيقية للنفس البشرية في نظر المسؤولين في هذا الوطن.

ففي الوقت الذي يعلن فيه أمين عام المجلس المحلي في المحافظة أن لديه حالات مشتبها فيها تقارب الألفي حالة، تقول وزارة الصحة إن لديها ما يقل عن 423 حالة في ثلاث محافظات هي شبوة وأبين ولحج مجتمعة!

وفي الوقت الذي تعلن فيه الوزارة أيضاً بكل هدوء، أن عدد الوفيات لم يتجاوز ثلاث حالات فقط .. أعلن شخصياً أنه قد بلغني نبأ وفاة أربعة أشخاص أعرفهم .. أي أنني قد تلقيت العزاء في وفاة أربعة أفراد من معارفي فقط! فأين يمكن أن نضع هذا الرقم الوزاري المعلن من الناحية التصنيفية له كخبر؟

ثم إننا نتمنى جميعاً أن يخبرنا أحد في وزارة الصحة، أن وزيره قد توجه فوراً إلى تلك المحافظة المنكوبة على رأس وفد صحي كبير .. كما أننا لم نسمع أيضاً أن أعضاء مجلس النواب المنتخبين من ضحايا هذا الوباء قد كلفوا (خاطرهم) وطالبوا باستدعاء وزير الصحة للاستفسار عن هذا المرض، وعن التدابير التي تقول الوزارة إنها قد اتخذتها لمجابهة هذا الوباء، في حين أن كافة فروع الوزارة وكافة مكاتب السلطة المحلية وما يسمى بغرفة العمليات في عاصمة المحافظة قد (أجمعت) على قصور واضح وكبير في دور وزارة الصحة إزاء هذه الكارثة المستوطنة حالياً في شبوة.

فها هو رئيس غرفة العمليات في المحافظة يقول لصحيفة «الأيام» في عدد يوم الإثنين الماضي: «إننا في السلطة المحلية في المحافظة قمنا برفع مذكرة لوزير الصحة والسكان، وتم إحاطتهم بالأوضاع الصحية في مديريات المحافظة، ولكننا نشعر أن دور وزارة الصحة والسكان كان سلبياً حيث تمثل في عدم الاهتمام واللا مبالاة وعدم التحرك السريع، وفي محاولة فرض تعتيم إعلامي والتوجيه بعدم النشر عن الحمى، ولكنهم بدأوا مؤخراً يعترفون بانتشار الحمى ولكنهم يحاولون إخفاء الأرقام الحقيقية المصابة بحمى الضنك في المحافظة».

ألفت نظر الإخوة نواب محافظة شبوة إلى الأمانة التي ارتضوا أن يتحملوا وزرها أمام خالقهم عز وجل قبل ناخبيهم الواقعين تحت رعب حمى الضنك وطغيانها، والذين أقسموا لهم وفي وقت الحاجة لأصواتهم، بأن يقوموا بتمثيلهم أفضل تمثيل .. فهل أبروا بقسمهم ووعودهم الانتخابية لممثليهم؟ .. لا أعتقد.

ختاماً .. ونيابة عن مرضى حمى الضنك في شبوة، يطيب لي أن أتوجه بخالص التحية والتقدير لمجلس الأمة الكويتي، الذي أجبر وزير الصحة د. محمد الجار الله، على تقديم استقالته بعد جلسة مساءلة في المجلس استمرت ما يقارب 11 ساعة تركزت حول ما سمي حينها بقضايا الفساد في المستشفيات الكويتية، وليس بسبب تجاهل الوزير ووزارته لمرض خطير فتك بأرواح البشر في دولته، لأنني على يقين تام لو أن الجار الله واجه مثل ما نواجهه في محافظة شبوة وفشلت وزارته كما فشلت وزارتنا لأقدم هو (طوعياً) على تقديم استقالته من دون الحاجة للمساءلة من أحد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى