«الأيام» تنقل الصورة الحقيقية لوضع نزلاء المصحة النفسية بتعز وتدعو أهل الخير لمد يد العون:{ 2 - 2 } الإمكانيات غير متوفرة والنظام الإداري غير مرتب

> تعز «الأيام» عبد الهادي ناجي علي:

>
المرضى المتهمون بالقتل وهم ينظرون إلى الكاميرا والهدوء يسيطر عليهم بسبب العلاج المعطى لهم
المرضى المتهمون بالقتل وهم ينظرون إلى الكاميرا والهدوء يسيطر عليهم بسبب العلاج المعطى لهم
في تعز وبالتحديد قرب مدينة النور على طريق بيرباشا توجد منشأة تتكون من أجزاء من المباني الحديثة والقديمة يقال لها (مصحة نفسية) وأخيراً أطلق عليها مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بناء على قرار السلطة المحلية بتعز .. هذه المنشأة تجمع بين جنباتها قرابة 65 شخصاً يعانون من أمراض نفسية وعقلية منهم من تم عزله في جزء يضم القتلة والمصابين بمرض عقلي كبير .. بينما هناك جزء من المرضى يتواجدون في المكان الآخر الذي يضم الفئة الأقل خطراً والأكثر هدوءً ا تبعاً للمرض الذي تعاني منه، رأينا أحدهم يجلس وهو يتلو القرآن من مصحف ، وآخر قال إنه موجود في المكان الذي هو فيه بسبب اهله الذين أدخلوه من أجل حرمانه من حقوق له .. «الأيام» زارت المصحة والتقت ببعض العاملين فيها والعاملات بدون راتب، فوجدنا وضعاً يتطلب النجدة من كل صاحب ذرة كرم، ومن كل صاحب مروءة من أجل أولئك الذين يقبعون خلف أسوار المصحة أو ممن يزورها بين فينة وأخرى بهدف العلاج .. الطعام قليل وهم مهددون بتوقفه .. المياه شحيحة مما يساعد على انتشار الأمراض والأوبئة بين المرضى .. وكنا في الجزء الاول قد تركنا مدير المصحة يتحدث، وفي هذا الجزء سيكون الحديث قليلاً ولكن مع الصور التى ستكون ناطقة أكثر من الكلام ..

نعتمد على إيرادات المعاينة
الأخ أحمد سعيد الشيباني مدير الشئون المالية متعاقد مع الجمعية، راتبه 20000 من الجمعية، وخمسة من نفس المرفق .. يقول: نحن محتاجون أن يكون لدينا شئون مالية حتى تبقي الأمور تحت السيطرة.. وأهم المشاكل أن الإمكانيات غير متوفرة والنظام الإداري غير مرتب، أسوة بالمؤسسات الأخرى، ونحن نحاول قدر الإمكان تنظيم العمل .. ونعمل على تأسيس النظام بحيث لا يحدث تسيب في المخازن وفي التغذية، والمتاعب مستمرة وشحة الإمكانات من الدولة .. ولا يوجد إمكانيات لتغذية العدد الموجود في المصحة كله .. لكن وجدنا واحداً من أصحاب الخير شرحنا له الوضع فأحضر لهم كيس رز وفاصوليا وقال أي محتاجات ثانية أنا مستعد لتوفيرها، لأن الغذاء حقهم من الجمعيات تكفي 20 شخصاً والموجودون من الشوارع 40 شخصاً .. ونحن نعتمد على إيرادات المعاينة وهي بسيطة لمشتريات أصول .. وصاحب شركة التغذية يقول إنه إلى الآن لم يصرف شيك التغذية من المجلس المحلي .. أهم شيء وجود النظام وإذا وجدت الإمكانيات بدون نظام تضيع الإمكانيات .

مطبخ المصحة بإمكاناته المتواضعة
مطبخ المصحة بإمكاناته المتواضعة
مطبخ المصحة
وفي مطبخ المصحة المتواضع الذي يعاني من غياب الإمكانيات الخاصة به، وجدنا الطباخ التابع للشركة الذي قال: كل المواد تصرف لنا وفق جدول وتوزع على المرضى وفق الجدول المتابع من المشرفين، ففي وجبة الإفطار يعطى المريض فاصوليا مع حبة بيض مع 3 أقراص روتي وشاياً، والغداء 150 جرام أرز و(طبيخ) وسلطة وفاكهة، وبالأسبوع يومان (سمك) ويومان (لحمة) وثلاث أيام نصف دجاجة والعشاء نفس الإفطار.

أكثر المرضى من إب
ياسر مارش الحميري، رئيس قسم التمريض قال عن الخدمات: والله نعمل الذي نقدر عليه، فالإمكانيات لا تتوفر لدينا أدناها، وليس لدينا أدوات متوفرة فنحن نأخذها من مستشفى الثورة سلفة ومساعدة .. وكادر التمريض لا تصرف له أي حوافز، والممرضة الواحدة المتعاقدة راتبها 3000 ريال تعمل صباحاً .. لدينا قسم واحد يستلمه ممرض واحد ليل نهار .. والمطلوب من إدارة المصحة توفير الإمكانيات والعلاجات للحالات النفسية، وهي متوفرة لدينا .. إنما بالنسبة للأدوات الجراحية والمحاليل الجراحية فتتوفر نادراً وبصعوبة .. والآن الماء انقطع عنا منذ ثلاثة أيام.

وقال: الجرب ممكن ينتشر في حالة الأوساخ والحبوب والتحسس .. حالات كثيرة .. والماء للشرب غير متوفر، والمرضى يشربون من الخزانات غير النظيفة لأن الماء ينقطع عنها أحيانا لأكثر من شهر.

وفي الطرف الآخر رأينا وسمعنا ممرضة قالت إن راتبها 3000 ريال - وسيزيد راتبها (ألف) من الشهر القدم - وتقول: في بعض الأحايين تصلنا حالات نخاف أننا نتعامل معها. وهناك مشاكل تحدث كهروب مريض وآخر يدفع بنتاً ويهرب .. وأكثر المرضى من إب.

وأكدت بعض الممرضات أن التعاقد بدون عقد على الورق بل بالكلام ...وأن الفرّاشة والممرضة تستلمان نفس الراتب .. وأضفن أنهن يتعرضن لمضايقات وعدم احترام من المسؤولين، حيث لا يُعتبرن ممرضات وإنما كشغالات.

وعاملتان بدون مرتب تعملان حتى نهاية الدوام، رغم عدم وجود الماء الذي ينقطع لمدة شهر، وهما تنظفان الحمامات وتنقلان الماء عندما يكون غير متوفر حتى يتم شراؤه.

أُكد لنا أن هناك مبالغ وردت لحساب الحكومة بسبب عدم المتابعة تقدر بمليونين تعطى نصف سنوياً على أساس عشرة آلاف لكل موظف شهرياً.

الصيدلية المتواضعة وجهاز الصدمات الكهربائية
الصيدلية المتواضعة وجهاز الصدمات الكهربائية
وفي قسم الصيدلية المتواضع عرض علينا جهاز بسيط في صندوق قالوا إنه جهاز الصدمات الكهربائية .. ومن المشاكل - رغم توفر الأدوية - أن بعض العلاجات يعطونها لأناس مخصصين ،يعني بالوساطة الإنسان الفقير يشتري من خارج المصحة والإنسان المرتاح المبسوط يأخذ من هنا.

الممرضون والممرضات طالبونا بأن نوصل صوتهم إلى المسؤولين علهم يلتفتون لحال المصحة ويعملون على توفير متطلباتها.

لا ندري من أبونا؟!
أحد القائمين على المصحة قال: إن المجلس المحلي عندما أحضر المجانين من الشوارع وعد بكفالتهم، ثم لما طلعوا لهم فاتورة التغذية بأكثر من مليون قالوا «واغارة الله» .. رجعوهم إلى الشوارع، ونخرج المريض أول مرة ويرجع وقد كسر زجاج سيارة أو لوحة إعلانية.

أحد الأطباء في المصحة قال: من الصعوبات أننا ولد غير شرعي لا نعلم لنا أبا أو أماً، مستشفى بلا ميزانية ، ولا اعتماد لدينا ولا هيكل إداري تنظيمي .. كنا تبع قسم مستشفى الثورة، (جابونا) إلى هنا ونحن لا ندري من أبونا؟ من يصرف علينا؟ وطالما أنهم عملوا مستشفى فيجب أن يكونوا على قدر الخطوة التي أقدموا عليها، فيخصصوا ميزانية، ويوفروا أطباء، وسيلة مواصلات، واعتماداً، وكل ما يحتاجه المستشفى .. ونحن اليوم بلا ماء .. نحن مثل الذي يقول اقطعوا المعاش وادعوا لي شيخ .. وقال: هناك أشياء متوفرة وأخرى (يشحتوها) من هذا التاجر أو ذاك .. ونحن لا ندري لمن نقول يابه .. كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته .. ولم يقدم لنا مكتب الصحة شيئاً .. فالعلاجات تصرف عن طريق صندوق الدواء، وعادهم زعلوا لماذا نعطيه المرضى مجاناً ويطلبوا قيمته، لان العلاجات التي تصرف لنا يأخذون قيمتها، ونحن حلفنا يمينا أننا سنقنع المريض بأخذ العلاج فكيف سنقول له هات قيمته .. وقال: طالما والجمعية هي المشرفة اقترح أن يكون هناك عضو فاعل في محل العمل ، وليس فلان رئيس الجمعية وفلان نائبه ونحن لما نريد شيئا نظل نجري .. وهؤلاء الممرضات بدون رواتب، ومديرنا عضو معهم في الجمعية لكنه يلاقي مشاكل في بعض الأمور ، ولا توجد استقلالية .. وممثل الجمعية يجب أن يكون موجودا في المصحة معنا. موظف آخر قال: إن الجمعية الخيرية لدعم المرضى النفسيين جمعت التبرعات واشترت بمليون ريال علاجات.

المسجد الذي يشيد جوار المصحة
المسجد الذي يشيد جوار المصحة
مبالغ موردة علينا
وفي قسم الحالات النفسية المعقدة (المتهمين بالقتل) التقينا الأخ فؤاد رزاز، اختصاصي نفسي فقال إن عددهم 50 - 65 ويصعد الرقم إلى 100، ويأخذونهم من الشارع ويضعونهم هنا بدون وجبات، لأن المخصص لهم وجبات هم 22 من السجن المركزي، وهذه الوجبات تقسم بين 60- 80، وهنا أناس قتلة، ومتخلفون عقلياً .. الأكل أردأ شيء والماء مقطوع لأكثر من شهر، والعداد تم فصله على المصحة .. وهم بحاجة إلى الاغتسال باستمرار .. وهناك 350 ألف شهرياً لا تصل ، وهناك مبالغ ضاعت على المصحة الأولى (2 مليون)، ومائة ألف تم توريدها. وقال: الآن معنا حق ستة أشهر (2 مليون) وستلحق الأولى.

وقال أحد العاملين إن هناك 350 ألف مكافآت صرفت أثناء زيارة الرئيس لتعز، وإنها دخلت حساب الجمعية ولا ندري أين ذهبت؟ فإن كانت صرفت على المرضى فالحمد لله .

هناك مسجد في بوابة المصحة يتم العمل فيه ليكون إحدى الطرق المساعدة على العلاج النفسي، وكانت هناك محاولات من البعض لمنع بنائه تحت مبرر أنه سيتم بناء نافورة ماء .. ولا ندري من أين سيأتي بالماء أصحاب هذا المشروع. ويذكرنا ذلك بنوافير المدينة التي كانت في يوم ما مأوى للمجانين المنتشرين فيها .. فأيهما أفضل يا ترى وجود مسجد أم نافورة؟ أكيد لكلّ منا رأيه .. ولكن نتفق أن المشروعين في النهاية يحتاجان إلى ماء، وحتى لا ندخل في جدل سفسطائي ندعو أهل الخير لحفر بئر خاصة بالمصحة لتؤمن استمرار المياه فيها.

ختاماً .. ونحن نختم زيارتنا إلى هذا المرفق الصحي نجد أنفسنا مجبرين على أن نقول «الحمد لله الذي عافنا مما ابتلى به نزلاء المصحة النفسية والعقلية »، وإذا كان هذا هو حال المصحة بذلك العدد القليل مقارنة بما هو موجود في الشوارع العامة، تخيلوا لو أن كل المجانين في الشوارع والأرصفة نقلوا إليها فكيف سيكون الحال وهي بتلك الإمكانات الشحيحة وكيف سيكون الوضع العام؟ أكيد سيصدّرون المرض إلى أنحاء المحافظة بدون وسائط .. ولذلك نكرر الدعوة إلى كل من في قلبه ذرة خير ومن يجد نفسه قادراً على أن يكون عوناً لهم ومساعداً لنزلاء المصحة على الشفاء، أن يبادر إلى زيارتها وأن يتبرع بما يقدر عليه من إمكانياته المادية لكي تتحول المصحة إلى مصدر شفاء حقيقي للنزلاء فيها .. والمصحة بحاجة إلى حدائق للمساعدة على العلاج النفسي، فهل نسمع قريباً عن مبادرات إنسانية لرجال الخير تجاه المصحة ونزلائها؟ نتمنى ذلك حتى نكون ممن دل على الخير لنشترك في الأجر والثواب معاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى