انجليزي يعيش في واحد من افقر احياء ريو دي جانيرو منذ 25 عاما

> ريو دي جانيرو «الأيام» رويترز :

> في واحد من أفقر أحياء العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو وفي شارع ضيق لا يتسع لمرور سيارة تنتشر على جانبيه مساكن قبيحة مبنية بالطوب الاحمر.. يقف مبنى من ثلاث طوابق يحمل لافتة كبيرة كتب عليها باللغة الانجليزية بخط كبير "ميز" اي المتاهة.

يعيش الرسام الانجليزي بوب نادكارني الذي استقر في ريو قبل نحو 25 عاما في هذا المبنى في حي تافيراس باستوس الفقير على احد التلال المطلة على المدينة.

ونجح نادكارني في تحدي وجهة النظر التقليدية بان اي اجنبي لا يستطيع البقاء اكثر من خمس دقائق في الاحياء العشوائية الفقيرة المعروفة باسم "فافيلا" في البرازيل والتي تنتشر فيها الجريمة التي حولت ريو الى واحدة من اكثر المدن عنفا في العالم.

وقال نادكارني البالغ من العمر 62 عاما في مرح في شرفة منزله التي يطل منها على منظر رائع لخليج جوانابارا وجبل شوجر لوف "عندما جئت الى هنا في
البداية كان اصدقائي يقولون (فافيلا.. خطر). لكن ها أنذا."

والمنزل الذي سماه نادكارني المتاهة بسبب ردهاته الطويلة مناسب بطرازه المعماري الفريد وجدرانه المليئة باللوحات الفنية لسكن فنان. ولا تشوه اسطح المنازل المتواضعة الاقل ارتفاعا التي تنتشر عليها هوائيات التلفزيون المشهد الرائع البادي من نافذة منزل نادكارني بل تضيف اليه بعدا واقعيا.

وكان هذا المنظر الساحر هو ما دفع نادكارني الى الانتقال للاقامة في الحي الفقير قبل سنوات عندما كان لا يزال يعمل مراسلا في البرازيل لاحدى شبكات التلفزيون البريطانية. وكان يقيم في بداية الامر في احد احياء المدينة اسفل التل لكنه صعد الى تافيراس باستوس ذات يوم لزيارة خادمته عندما مرضت.

وقال نادكارني "اعطيتها كوبا من الماء ثم اطللت من النافذة وفكرت..كيف يستطيع احد بهذا الفقر ان يستمتع بمنظر مماثل. توجد احياء فقيرة في هونج كونج ايضا لكن يجب ان تكون ثريا حقا ليطل منزلك على مثل هذا المنظر."

ولا يستطيع كثيرون من كبار رجال الاعمال والمسؤولين في الشركات في مقار عملهم في الابراج الشاهقة في ريو الاستمتاع بمثل هذا المنظر الرائع الذي يطل عليه منزل نادكارني الرحب. ويقول نادكارني وسط لوحاته الفنية ذات الاسلوب التعبيري "هنا قررت العودة الى الرسم".

ولم يشأ نادكارني ان يذكر المبلغ الذي دفعه مقابل المنزل لكن صديقا امريكيا له قال ذات مرة ان "اعادة تجديد مطبخ يتكلف مبلغا اكبر" في اي مكان آخر.

وانشئ مركز لتدريب الشرطة نحو عام 2000 أعلى تافيراس باستوس مباشرة فاصبح الحي من اكثر المناطق امنا في ريو.

لكن الامر لم يكن دائما بهذه الصورة. كانت تجارة المخدرات تنتشر على نطاق بسيط في الحي حتى عام 1998 عندما غزت عصابة لتجارة المخدرات منطقة تافيراس باستوس.

وقال نادكارني "كنا نرى مراهقين في الخامسة عشرة من العمر يحملون اسلحة آلية يسيرون ويجلسون في الشارع ويفتشون السيارات القادمة. كانت اصوات اطلاق النار تسمع ليلا وقتل عدد من شبان المنطقة."

وفتحت عدة متاجر ابوابها خلال العام الماضي في الشارع الذي يقيم فيه نادكارني منها متجر لتأجير شرائط الفيديو وصالون للتجميل. لكن الاكواخ المتهالكة المنتشرة في الشارع ومشهد رجل يترنح من السكر في وسط الشارع الرئيسي تؤكد أن تافيراس باستوس ما زال حيا فقيرا.

لم يكن الاستقرار في تافيراس باستوس سهلا على نادكارني الذي واجه مشكلات في بداية الامر مع بعض المشاغبين في الحي وعدد من ضباط الشرطة الفاسدين ورئيس سابق لاتحاد السكان. لكنه قال ان عمله الجاد وامانته اكسباه احترام سكان المنطقة مع مرور الوقت.

الجميع في الحي يعرفون اين يقيم "بوبي الكبير" وهي الكنية التي اشتهر بها نادكارني. ويتطوع رواد الحانات بارشاد من يسال عن منزله فيما يعمل كثيرون من سكان الحي في بناء مركز ثقافي جديد يتولى الفنان الانجليزي ادارته.

عندما قرر نادكارني الانتقال الى تافيراس باستوس قدم له اتحاد سكان الحي مساحة من الارض ليبني عليها مركزا اجتماعيا وسمحوا له بالسكن في شقة اعلى المركز. لكنه عندما اضطر للسفر وغاب ثلاثة اشهر عاد ليجد أن رئيس الاتحاد باع المبنى ليشتري لنفسه منزلا ريفيا.

وقال نادكارني "استغرقني الامر سبع سنوات لاعيد شراء المكان من ثلاثة اشخاص. الان اصبح كله ملكي."

وفيما يجري العمل في بناء المركز الثقافي الجديد ينظم نادكارني دروسا تمهيدية لتلاميذ الحي في معرض لوحاته الفنية.

ويحصل اتحاد سكان الحي على تبرعات من عدة فنانين يصورون افلاما في الحي الفقير الذي اصبح يسوده الهدوء منهم نجما موسيقى الراب الامريكيان سنوب دوجي دوج وفاريل.

ويفخر نادكارني بصفة خاصة بنجاحه في الزج بخمسة من ضباط الشرطة الفاسدين في السجن بعد ان كانوا يحصلون منه على اتاوات ويسرقونه وهي جرائم منتشرة بين افراد الشرطة الذي يحصلون على رواتب بسيطة في البرازيل,ويقول نادكارني "لكن يجب ان اقول اني اعرف بعض رجال الشرطة الشرفاء الذين لا يتقاضون رشا."

ويقول نادكارني الذي يعمل ايضا في الانتاج التلفزيوني ان تافيراس باستوس يمكن مع مرور الزمن ان تصبح مثل حي همامبستد في لندن بعد ان اختفت منه المنازل التي ترجع الى القرن التاسع عشر لتحل محلها مساكن فاخرة تطل على منظر جميل في العاصمة البريطانية.

وفي انتظار ذلك يستعد نادكارني وزوجته البرازيلية الشابة لافتتاح نزل صغير على التل يضم اربع غرف للسائحين الذين يريدون الاستمتاع بمنظر جميل لمدينة ريو.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى