إذا عطس الرئيس اليمني أصيب باقي الزعامات العربية بالزكام

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
ربما تكون عبارة (إذا عطست مصر أصيب الوطن العربي بالزكام) صحيحة إلى حد ما خاصة فيما يتعلق بالشؤون السياسة، على اعتبار أن مصر العروبة كانت المحرك والداعم الرئيس لمعظم حركات التحرر في الوطن العربي خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وأعتقد أن هذه العبارة بمعانيها ودلالاتها لازالت مرشحة لاحتلال المكانة نفسها في ظل تفرد الساحة السياسية المصرية في وقتنا الراهن بحركة معارضة قوية غير مسبوقة عربياً، تقودها مجموعة من القوى في مصر سواء أكانت أحزابا أو جماعات ضغط أو مؤسسات مجتمع مدني، تطالب وتدعو للإصلاح السياسي الشامل وتناهض التوريث وتقف ضده.

غير أن خطاب الأخ رئيس الجمهورية في ذكرى مرور 27 عاما على توليه مقاليد الحكم في اليمن، الذي أعلن فيه بشكل مفاجئ للجميع قراره الشخصي عدم الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية القادمة، قلب تلك العبارة بشكل شامل وأصبح من الممكن أن نقول مجازاً أنه (إذا عطس الرئيس اليمني أصيبت باقي الزعامات العربية بالزكام) بسبب أن خطاب الرئيس من وجهة نظري الشخصية كان بمثابة مد سياسي قوي من نوع (تسونامي) ضرب بعنف جميع السواحل العربية الهادئة جداً على مستوى الحراك السياسي الرسمي، والذي بدت على شواطئه الكثير من الزعامات العربية وكأنما هي مصرة وراضية بحالة الجمود والركود التي تعيق الكثير من استحقاقات المرحلة الراهنة، من الناحية الإصلاحية تحديداً، فلجأت إلى الكلام وما يمكن أن يضمن لها تحقيق البقاء لأطول فترة ممكنة في مناصبها ومراكزها.

استطاع الأخ الرئيس بخطابه السياسي المهم وقراره الشجاع أن يضع أغلبية الزعامات العربية أمام (لحظة الحقيقة التاريخية) التي تتحدث بشكل صريح وواضح عن حقيقة مفادها أن زمن التغيير قد دلف، وأن الجماهير العربية قد نفد صبرها، وأن الوضع العربي بشكل عام على المستوى الداخلي بكل ميادينه المتعددة لم يعد يحتمل المماطلة ولا التسويف من أحد، أياً كانت مكانته ومرتبته، كما أنه لم يعد يحتمل ثقافة وفكرة الزعامات التاريخية (الضرورة) ولا حتى سيناريوهات التوريث الممكنة مهما كان إعدادها جيداً ودقيقاً. وفي ظني أن المواطن العربي لن يقبل بعد اليوم العيش إلا فوق تراب جمهوريات ذات توجه ديمقراطي حقيقي لا ممالك جمهورية، ذات توجهات ديمقراطية شكلية مزيفة.

أعتقد أن رئيس الدولة بقراره المثير للجدل، قد خطا واحدة من أهم خطوات حياته السياسية على المستوى الشخصي، وربما أن قراره يعتبر من أثمن القرارات السياسية في تاريخ الدولة اليمنية الحديثة، الأمر الذي يؤهله لأن يكون بمثابة (الأب الروحي) لليمن الحديث، فيما لو مضى قدماً في تنفيذ هذا القرار، بما يتطلبه من الناحية الجدية، وبما يجعله قراراً حقيقياً ممكن التنفيذ، ومعززاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة قولاً وفعلاً. وأتمنى غاية المنى وغاية الرجاء، ألا يفرغ هذا القرار من مضمونه ومحتواه عن طريق الالتفاف عليه بطريقة أو بأخرى، لأنني أعتقد أنه قرار لا يستحق أن يتم التعامل معه، إلا بما يستحق من عمل ينتهي بتتويجه بانتخابات حرة وديمقراطية حقيقية ونزيهة، تثبت للجميع أنه كان (إنجازاً يمنياً عظيماً) وليس مناورةً سياسية هزيلة.

أنصح الاخ رئيس الدولة، التمسك بهذا القرار جملة وتفصيلاً والعمل على إنجاحه من خلال تهيئة الأجواء السليمة، التي يمكن أن تخرجه إلى أرض الواقع كمنجز سياسي يمني يفتخر به المواطن اليمني العادي، كما يفتخر ويفاخر به رئيس البلاد، أتمنى على الأخ رئيس الجمهورية أن يحذر من الطابور الطويل الذي سوف يصطف أمام مكتبه وقصوره الرئاسية كل يوم في محاولة (لثنيه) عن هذا القرار، وعن هذا الشرف العظيم.

وعلى الذين انتحبوا وشارفوا على البكاء، في قاعة الخطاب الشهير أن يدعوا صاحب الشرف ينال شرف قراره، وأن يثقوا في شعبهم اليمني بملايينه من الشرفاء، الذي هو قادر بكل تأكيد على إنجاب من يستطيع إكمال مسيرة البناء والتقدم.

مرة أخرى.. احذر (أولئك) يا فخامة الرئيس، ولا تدعهم يمنعون عنكم شرفاً لم يسبقك إليه أحد من العرب من قبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى