من حق هذا..ومن حق ذاك

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
من حق الحكومة أن تحاكم وتقوم بمعاقبة كل من قام بالعبث بالمال العام أو الخاص في المظاهرات الأخيرة التي أعقبت الجرعة الاقتصادية (قاصمة الظهر)، على اعتبار أن تدمير وتخريب المال العام أو الخاص، يعتبر جريمة ينبغي محاسبة مرتكبيها دون تردد أو تسامح، ولكن من حق المواطن على الحكومة أن يجد معه في المحاكمة نفسها وربما السجن نفسه إن أمكن (مفسد من العيار الثقيل) من الذين تعرفهم الحكومة جيداً ولا تحتاج إلى صور فوتوغرافية للتعرف على شخصياتهم، لأن هؤلاء كانوا أيضاً يعبثون ويدمرون المال العام، إما بالنهب والسلب وإما بالاحتيال من على مكاتبهم الفارهة، وإن لم تفعل الحكومة ذلك، وتكتفي بتعقب ومحاكمة المساكين فقط، فإنها ستكون قد أقرت رسمياً مبدأ (المعيار المزدوج) الذي نقول نحن العرب للغرب كل يوم إنه معيار ظالم وغير منصف.

من حق أي زائر أجنبي لبلادنا أمكنه التعرف على حالة المواطنين المعيشية، وأمكنه تلمس حجم معاناتهم أكثر من أي وزير أو مسؤول يمني يدعي أنه خرج من بين الشعب وطبقاته الفقيرة .. من حقه أن يتساءل، فيما إذا كانت الحكومة بكافة وزرائها وطواقمها الإدارية ومستشاريها الأفذاذ، تدير شؤونها من فوق الأراضي اليمنية أم أنها تعقد اجتماعاتها وتتخذ قراراتها وجرعها الظالمة من فوق أراضي جزر الفوكلاند مثلاً، أو لربما تعيش فوق كوكب آخر غير كوكبنا الأزرق هذا.

من حق المواطن بعد أن ضمنت الحكومة تمرير هذه الجرعة المميتة، أن يلجأ إلى استخدام الوسائل البدائية التي كان يستخدمها الأجداد ولم يستخدمها الآباء، كالحطب للوقود و(الفوانيس) للإضاءة، والحمير لنقل الاحتياجات، وهو ما أخبرني به الكثير من المواطنين الذين التقيتهم وجهاً لوجه إثر هذه الجرعة الهدية، وحينها من حق حكومتنا أن تفاخر حكومات باقي الدنيا، أنها قد استطاعت أن تحافظ على التراث والعادات والتقاليد والوسائل البدائية، كما كانت سابقاً منذ عقود، وبأبسط إجراء ممكن وهو إقرار جرعة اقتصادية قوية، كجرعتنا اليمنية هذه، ودونما الحاجة إلى أية برامج معقدة أو إنفاقات مالية كبيرة، يمكن أن تتكبدها وزارات الثقافة، ولتكن اليمن محطة سياحية لكل من أراد التعرف على الحياة البدائية كيف كانت للإنسان في جزيرة العرب.

من حق الحكومة أن تقول في وسائل إعلامها المتعددة أن هناك آثاراً (إيجابية) للجرعة سوف تنعكس على حياة المواطن، ولكن من حقنا أن نسأل الحكومة أين يمكن للإيجابية أن تجد لها مكاناً في هكذا وضع؟ إلا إن كنتم تتحدثون عن بلد آخر وشعب آخر وشيء آخر .. فعلاً أنا لم أفهم ما هو المقصود بالإيجابية هنا تحديداً!! كما لم أفهم سابقاً حينما قيل لي إنه ذات يوم قد خرج إلى الشارع في هذه البلاد من أرغموه على أن ينادي بشعار (تخفيض الرواتب واجب).

من حق الحكومة الموقرة أن تهدد المواطنين بأنها سوف تتعاقد مع شركات أجنبية أو محلية، في حال امتناع أصحاب وسائل النقل المحلية عن العمل، ورفضهم للتعرفة الجديدة المفروضة عليهم بفعل قوانين وقرارات الجرعة الجديدة، ولكن من حقنا أن نخبرهم في المقابل أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يساهم أيضاً في (التخفيف) من حدة البطالة في بلادنا، على اعتبار أن آلاف المواطنين من أصحاب وسائل النقل سوف يلجأون مرغمين إلى رصيف البطالة المزدحم أصلاً، لينخفض لدينا معدل البطالة تبعاً لهذا الإجراء، كما أنه من حقنا على الحكومة أن نذكرهم بأنه بفعل أصوات هؤلاء فقط، من الذين تهددونهم بالإحالة إلى أرصفة البطالة، قد وصلتم إلى مناصبكم الوزارية والإدارية المختلفة.

من حقنا أيضاً أن نحذر الحكومة بأجهزتها كافة، بأن رقعة الفقر سوف تتضاعف في هذه البلاد، وأن نسبة تفشي الأمراض تبعاً لذلك سوف تتسع أيضاً، وأن نسبة الجريمة والسرقات سوف تتزايد لا محالة، وجميع هذه المظاهر السيئة - للتذكير فقط- سوف تحتاج من الحكومة إلى مصاريف هائلة لمكافحتها في حينها، أما عدد الذين سيلجأون إلى مهنة الشحاذة فهؤلاء سيتولى أمرهم من خلقهم، وليس أنتم بطبيعة الحال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى