شيخ العزيبة سيف بن محمد فضل في لقاء ضاف يتناول مستجدات الأحداث والقضايا الوطنية...مبادرة فخامة الرئيس تضاف إلى رصيده الوطني وتضعه في مكانة مرموقة...وقبل الإقدام على أي إجراءات يتطلب أن تقرأ الحكومة الحالة الاجتماعية للمواطنين

> «الايام» د. هشام محسن السقاف:

> توطئة: تمثل آراء الشيخ سيف بن محمد فضل العزيبي، رئيس مجلس قبيلة العزيبة - أهم التجمعات القبلية في مديرية تبن محافظة لحج - بعداً هاماً على صعيد ما يعتمل اجتماعياً وسياسياً في الوطن بالاعتماد على نشاط الشيخ سيف وتفاعله مع القضايا المختلفة، وحضوره الملموس بين الأوساط الأهلية والثقافية والسياسية في منطقته، وتجميع الجهد العام على صعيد أبناء قبيلته وكل أبناء لحج بشكل يخدم الخيارات الوطنية الصالحة وذات المردود النفعي للجميع. فالرجل يحمل على كاهله خبرات وتجارب عقود من الزمان، كواحد من أبرز المشاركين في العمل الوطني التحرري منذ الستينات من القرن الماضي، ولكنه لا يتوقف عند أطلال الماضي بقدر ما يستشرف آفاق المستقبل الموعود بهمة ونشاط وتفان يحسده عليه شبان اليوم. كان لـ «الأىام» هذا اللقاء الضافي معه في قضايا وطنية تستحق التوقف والمراجعة.

شهدت بلادنا تطورات هامة على صعيد الوضع الداخلي من أبرزها مبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية يوم 17 يوليو الماضي، التي أعلن من خلالها قناعته عدم الترشح للدورة الانتخابية القادمة لرئاسة الجمهورية.. كيف تنظرون شيخ سيف إلى هذه المبادرة التاريخية لرئيس الجمهورية وأثرها ديمقراطياً وسياسياً في بلادنا؟

- مما لا شك فيه أن لفخامة الأخ الرئيس محطات تاريخية هامة في فترة حكمه لبلادنا - الشطر الشمالي من الوطن من 1978م-1990م والجمهورية اليمية ابتداءً من 1990م - لعل أهم هذه المحطات على الإطلاق هي إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني سلمياً، في وقت كانت كثير من الدول تتفتت وتتجزأ، وهذا المنجز الوطني يحسب لفخامة الأخ الرئيس، علاوة على أن الديمقراطية بما هي تعددية حزبية وحريات عامة أصبحت رديفاً قانونياً منصوصاً عليه في الدستور للوحدة، وها هي مبادرة الأخ الرئيس الأخيرة التي هزت الداخل اليمني والخارج وأصبحت محط اهتمام العالم أجمع، كونها التجربة الأولى على مستوى الساحة العربية التي يرتضي رئيس دولة التخلي عن منصبه ويجعل التداول السملي للسلطة مبدأ من مبادئ الحكم. وهذه بلا شك مرحلة جديدة من المراحل التاريخية التي ستدخلها اليمن لصالح الديمقراطية وتأصيلها في حيتاتنا العامة، بالرغم من الأوضاع الاجتماعية المعروفة للجميع، ولكن يجب التمسك بالديمقراطية ومعالجة مشاكلنا بمزيد من الديمقراطية، كما يقول دائماً الأخ الرئيس.

وحول هذه المبادرة الرئاسية التي تقدم بها فخامته، فإنها تضاف لرصيده الوطني وتضع الأخ الرئيس في مكانة مرموقة على المستوى العالمي، ويدخل من خلالها أنصع صفحات التاريخ اليمني، ولكن ينبغي إنجاز جملة من المهام والأعمال الوطنية التي تمهد لانتقال سلس وسلمي وبشكل ديمقراطي للسلطة، من أهمها فصل السلطات عن بعضها البعض وخاصة السلطة القضائية مع إعطائها صلاحيات قانونية أوسع لتكون حكماً عادلاً بين مختلف الأطراف، مع تحلي الأحزاب والقوى السياسية المختلفة بالمسؤولية الوطنية والارتقاء بالعمل والخطاب السياسي إلى المستوى الرفيع الذي يلتقي مع الآخر على أسس وطنية ومبدئية .. وتحييد المؤسسات العسكرية والأمنية وإبعادها عن التنافس الحزبي وجعلها مؤسسة وطنية تحافظ على النظام والقانون وترسخ مبادئ الديمقراطية في حياة المواطنين. ويستطيع فخامة الأخ الرئيس بخبرته وحكمته أن يثبت هذه الأسس في بنيان النظام السياسي في الفترة القادمة، وأن يرعى هذه التجربة حتى النهاية.

ولا نعتقد أنه بمقدور أحد حسب الظروف الحالية أن يحقق المطالب الشعبية والوطنية ومنها الإصلاح المالي والإداري ومحاسبة المخلين بالنظام والقانون سوى فخامة الأخ الرئيس وإنجاز كل هذه المهام بقيادته والتفاف المواطنين من حوله، قبل التفكير في أي خطوة لاحقة.

< من الأحداث المهمة التي عصفت ببلادنا المظاهرات والمسيرات الغاضبة التي شهدتها بعض محافظات الجمهورية يومي 20 و21 يوليو الماضي بسبب رفع دعم الدولة عن النفط ومشتقاته وما رافق هذه المظاهرات من أعمال عنف وتخريب .. باعتباركم رئيساً لمجلس قبيلة العزيبة (وهي من أكبر التجمعات القبلية في محافظة لحج) كيف تقيمون الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة؟ وما هو موقف المواطنين في منطقة تبن والحوطة؟

- أولاً نحن ندين كل أعمال التخريب والنهب التي تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة من بعض ضعاف النفوس أثناء أحداث يومي 20 و21 يوليو الماضي في المظاهرات التي تفجرت في عدد من المدن اليمنية بسبب ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته، هذه الأعمال لا يقرها أحد في بلادنا، ونحن ندينها سواء باسم مجلس قبليتنا أو باعتبارنا مواطنين في هذا الوطن، فهذه الأعمال التخريبية تضر بمصالح المواطنين لأن هذه الممتلكات سواء الحكومية أو الخاصة هي في الأخير ملك للمواطنين ويستفيد منها الجميع.

ونحمد الله أن مديرية تبن ومناطقنا وقرانا ومدننا لم تشهد أي مضاعفات أو اختلالات أو فوضى أو تخريب، مما يعكس وعي المواطنين وتمسكهم بالقانون بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يحياها كثير من المواطنين.

وقد أسعدنا كثيراً المعالجات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بتوجيهات من فخامة الأخ الرئيس، لأن الحكومة معنية قبل الإقدام على مثل هذه الإجراءات أن تقرأ الحالة الاجتماعية للمواطنين قراءة صحيحة، فأوضاع كثيرمن شرائح وطبقات المجتمع سيئة جداً وبحاجة لمساعدات ودعم لكي تستطيع مواجهة أعباء الحياة، وكنا نتمنى على حكومتنا الموقرة أن تقدم على جملة من الإجراءات الإصلاحية لمحاربة الفساد والتهريب والعبث بالمال العام قبل أن تقدم على رفع الدعم عن النفط ومشتقاته لكي تكسب ثقة المواطنين. وبعض الإجراءات التقشفية التي أعلنتها الحكومة مؤخراً مثل التقليل من الإنفاق على المؤتمرات والندوات وشراء الآثاث والسيارات ...إلخ، كان ينبغي أن تقر في فترات سابقة ولكن لا بأس الآن شريطة أن تنفذ تنفيذاً صحيحاً ويلمس المواطن نتائجها، علاوة على مزيد من اهتمام الدولة بالفئات المهمشة والفقيرة وردم الهوة بين الفقراء والأغنياء حتى لا يحدث نوع من الاحتقان والبغضاء بين الناس. إن إصلاح الأوضاع الاقتصادية إدارياً ومالياً بشكل حقيقي سوف يكون مدخلا لحياة هادئة مستقرة ينشدها الجميع، متمنين من الله أن يجنب بلادنا أي مكروه.

تاريخياً أنتم مرتبطون بالحركة الوطنية اليمنية، وهو ما يجعل رصدكم للتطورات التي تشهدها بعض الأحزاب وخاصة الحزب الاشتراكي اليمني، الذي أنهى مؤتمره الخامس مؤخراً، ينبع من خلفيات تدركونها جيداً. ما هو تقييمكم لمؤتمر الاشتراكي الأخير، وكيف تنظرون إلى مستقبل العمل السياسي والحزبي في بلادنا في ضوء التطورات الأخيرة؟

- نبارك من أعماق قلوبنا للإخوة في الحزب الاشتراكي اليمني نجاح أعمال مؤتمره العام الخامس، كما نهنئ الأخ العزيز ياسين سعيد نعمان بانتخابه أميناً عاماً للحزب الاشتراكي اليمني خلفاً للأخ العزيز علي صالح عباد مقبل، الذي قاد الحزب في الفترة الماضية، ونتمنى أن يبدأ الحزب الاشتراكي عهداً من العمل الوطني لصالح آمال وتطلعات المواطنين في أي مكان من بلادنا بغض النظر عن انتمائهم من عدمه في الحزب الاشتراكي. فما أحوج الجميع لحياة سياسية تتشارك فيها كل القوى السياسية من أحزاب وتنظيمات سياسية ومنظمات المجتمع المدنية على أسس سليمة بعيداً عن كل المكايدات والمماحكات وتوتير الأجواء، والاتجاه إلى الحوار الديمقراطي البناء، وقد قرأت تصريح الأخ ياسين سعيد نعمان على صدر الصفحة الأولى من «الأىام» الغراء الداعي إلى حوار مع الجميع وخاصة مع المؤتمر الشعبي العام الذي كان والحزب الاشتراكي ومن وراءهما الشعب اليمني صانعاً للوحدة اليمنية المباركة. وأعتقد أن الحفاظ على الحزب الاشتراكي في العملية السياسية في البلاد مهم لإكمال مسيرة العمل التعددي الديمقراطي، فالمعارضة القوية والواعية ترفد الحكم برؤية واضحة للأوضاع وتتكامل مع السلطة لصالح المواطنين، فليس التضاد والتقاطع وتعكير الأجواء من صالح العملية السياسية وبالتالي الوطن. ولمعرفتنا بالأخ ياسين سعيد نعمان فإننا متفائلون بالدورالذي سيقوم به الحزب في المستقبل بالاتجاه إلى ترشيد الخطاب الإعلامي ليعكس التوجهات العامة وطنياً وعكس هموم المواطنين بعيداً عن الاستهداف الشخصي الذي لا تخفى على أحد مراميه وأهدافه. ومع أنني لا أعتقد من الناحية العلمية أن التاريخ يعيد نفسه فإنني أرى أن انتخاب الأخ ياسين سعيد نعمان عودة إلى ذات المنطقة التي أنجبت قيادات تاريخية للجبهة القومية أبرزها قحطان محمد الشعبي وفيصل عبداللطيف رحمهما الله. فالأخ ياسين من قرية القبع الأعلى بوادي شعب ووالده سعيد نعمان أحمد، كان شيخ مشايخ الشجيفة التي هي الآن بمديرية طورالباحة.

كيف تمضي قيادتكم لمجلس قبيلة العزيبة وإلى أي مدى تحقق جهودكم النجاح في مسألة رأب الصدع بين بعض الأطراف وتحديداً قضايا الثأر التي تؤرق الجميع؟

- قبل أن أبدأ إجابتي على هذا السؤال، أحب أن أوجه الشكر والتقدير لصحيفة «الأىام» والقائمين عليها على اهتمامها بقظايا المواطنين في الوطن بشكل عام ومن ضمنهم أبناء العزيبة سواء في لحج أو عدن. وبالنسبة لمجلس قبيلة العزيبة الذي أتشرف برئاسته فإنه يمارس أنشطته الاجتماعية بين أفراد القبيلة بشكل إيجابي ويجمع الجميع لصالح الخير المنشود، ويقوم بحل الإشكالات والقضايا التي تبرز بين الحين والآخر بآلية جماعية. كما تربطنا علاقات طيبة مع السلطة المحلية بمحافظة لحج وبجميع الإخوة في التجمعات الأهلية والقبلية والاجتماعية والمنتديات الثقافية والأدبية.

وعلى صعيد الثأر الذي تشهده بعض المناطق في المحافظة، ساهمنا بحكم معرفتنا بالمواطنين هناك ومعرفة طبيعة المنطقة بالحلول التي بحاجة لتكاتف جميع الخيرين معنا لحلها وخاصة الجهات الرسمية المعنية بتبني القضايا المطلبية واحتياجات المواطنين، والتي تكون سبباً من أسباب الثأر. وقد شاركنا في الندوة التي عقدت قبل عامين في كلية التربية ردفان لمعالجة ظاهرة الثأر ولدينا دراسة عن الظاهرة وأسبابها، وطرق المعالجة، قدمناها للجهات المختصة في المحافظة وصنعاء ونتمنى الاستفادة منها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى