التفجيرات تضع على المحك فكرة ان قوة لندن تكمن في تنوعها

> لندن «الأيام» رويترز :

> تختبيء لوحة برونزية صغيرة وسط منصات عرض الفاكهة وفوضى الالوان في سوق بريكستون في لندن لتكون بمثابة تذكرة على ان تفجيرات الشهر الماضي لم تكن الأولى التي تشهدها العاصمة البريطانية.

وكتب عليها "احياء لذكرى ضحايا القنبلة التي انفجرت في هذا الموقع يوم السبت 17 ابريل عام 1999" في تذكرة باصابة 39 شخصا في انفجار قنبلة معبأة بالمسامير زرعها شخص اعترف بأنه معاد للمثليين في هذه المنطقة التي تقطنها أغلبية من السود.

وكتب على اللوحة كذلك "المجتمع الذي تعرض للهجوم لن يقسم. معا سنكون اقوياء."

وعبارات التحدي هذه ترددت اصداؤها عدة مرات منذ يوم السابع من يوليو تموز الماضي بعد ان قتل 52 شخصا عندما فجر اربعة مهاجمين انفسهم في شبكة مواصلات لندن.

وكان سكان لندن يتباهون بأن قوة مدينتهم تكمن في تنوعها وان غناها بالاعراق والطوائف المختلفة سيساعدها في مكافحة الارهاب.

لكن البعض يتشكك في مدى وحدة لندن الفعلية ودرجة التكامل في المجتمع بين السود والبيض والمسيحيين واليهود والمسلمين في مناطق مثل بريكستون التي افزعها في أوائل الثمانينات بعض من أسوأ أعمال الشغب العرقية في تاريخ بريطانيا.

وقال نيرس جاكوبس (22 عاما) الذي خرج لشراء نظارة شمس من سوق بريكستون "أنا أسود وأصدقائي سود وجيراني سود... ليست عنصرية بل مجرد أسلوب حياة هنا,المسألة تتعلق بمن الذين نشأت معهم وذهبت إلى المدرسة معهم."

وفي خطاب ألقاه بعد هجمات السابع من يوليو قال تريفور فيليبس الناشط المدافع عن المساواة بين الأعراق إن لندن أصبحت أكثر انقساما عرقيا.

ورسم فيليبس الذي يرأس لجنة المساواة العرقية صورة لمدينة تعيش فيها مئات من الأعراق المختلفة جنبا إلى جنب في سلام بدرجة كبيرة لكن نتيجة للخوف والافتقار للثقة وسوء التفاهم نادرا ما تتداخل هذه الاعراق.

وأضاف "الذين يعيشون في لندن يميلون لافتراض أن الجماعات العرقية المختلفة تتقارب على مر السنين وتخرج من أسر مجتمعاتها الأصلية."

وتابع "إنه أمل جميل لكنه خاطيء. في الواقع إننا على مر الأجيال نزداد تباعدا."

ومضى فيليبس يقون إنه في 40 عاما منذ أن أدخلت بريطانيا أول قوانين العلاقات بين الاعراق المختلفة اصبح البريطانيون "يفتقرون بدرجة أكبر للمساواة بين الأعراق وأقل ميلا للتعامل مع من يختلفون عنا."

ومن يقوم بجولة في ضواحي لندن المختلفة يجد ان هذه الملاحظات ليست عارية من الصحة.

في لامبث التي تضم حي بريكستون وفي هاكني في شمال شرق لندن نحو ربع السكان من السود,وفي تاور هاملتس في الشرق نحو ثلث السكان من المسلمين.

وإذا قطعت المسافة الصغيرة عبر نهر التيمز من لامبث إلى كينسنجتون وتشيلسي تجد الفروق واضحة. في هذه الأماكن أغلب الوجوه السوداء والداكنة هي وجوه عمال النظافة والعاملين في المنازل وليس السكان.

وأظهر استطلاع اجرته لجنة المساواة العرقية العام الماضي أن أغلب البريطانيين البيض ليس لديهم شخص واحد غير أبيض بين ألصق 20 صديق.

وفي لندن هناك أقل من واحد من كل ستة لديه صديق غير ابيض رغم أنه احصائيا لو كانت المساواة سائدة لكان لكل شخص من سكان لندن ما بين سبعة وثمانية أصدقاء غير بيض.

وربما يكون الأكثر إزعاجا نظرا لأن ثلاثة من المفجيرين الأربعة في هجمات السابع من يوليو كانوا من أصول باكستانية ومن شمال انجلترا ان استطلاع اللجنة أظهر أن السود واصحاب الأصول الاسيوية أكثر انعزالا.

واضافت اللجنة ان الشباب البريطاني من الأقليات العرقية أكثر ميلا من ابائه للاختلاط بافراد من جماعاتهم العرقية.

ولا أحد يقول أن لندن اصبحت تعاني من انعزال عرقي بنفس قدر بعض المدن الأمريكية أو حتى بعض العواصم الأوروبية الأخرى. فقد قال فيليبس في خطابه إن العاصمة البريطانية أكثر تكاملا وتسامحا من باريس وبرلين وامستردام وروترودام وانتويرب.

وقالت ماري كلود جيرفيس مديرة مؤسسة اثنوس وهي مؤسسة استشارية مقرها لندن مختصة بالابحاث في شؤون الأقليات العرقية إنها تشعر ان لندن "متقدمة أميالا "عن مدن أوروبية اخرى فيما يتعلق بمدى التفاعل بين مجتمعاتها.

وأضافت "إذا ذهبت إلى باريس على سبيل المثال تجد ان كل عامل نظافة في الشارع أسود الوجه أو من أصول مغاربية... وفي بعض المدن الأوروبية تبدو هذه الجاليات مهمشة تماما."

وقال هاري جولبورن استاذ علم الاجتماع في جامعة ساوث بانك في لندن إن العديد مما يبدو انه انقسامات عرقية ودينية في لندن يتعلق بدرجة أكبر بالثروة والحراك الاجتماعي والنظام الطبقي الراسخ في بريطانيا.

وهذا واضح في التعليم حيث تنتقل اعداد متزايدة من البريطانيين البيض من افراد الطبقة المتوسطة لمناطق بها مدارس مرموقة مما يدفع الإيجارات في هذه المناطق للارتفاع.

والدوافع قد لا يكون لها علاقة تذكر بالأعراق او الدين لكن النتيجة واحدة.. فهذا لا يترك لأطفال السود وأصحاب الأصول الاسيوية سوى المدارس المتواضعة مما يزيد من تعمق الانقسام العرقي والفجوة بين المؤهلين وغير المؤهلين.

وفروق الدخل تغذي هذه الدائرة المفرغة. في ايسلنجتون حيث تبلغ نسبة البيض 74.4 بالمئة من سكانها كان متوسط الأجر في الأسبوع العام الماضي يبلغ 820 جنيها استرلينيا (1480 دولارا),لكن في نيوهام في الشرق حيث تبلغ نسبة البيض 34.8 بالمئة من السكان بلغ متوسط الأجور 524 جنيها.

ولا احد يشكك في تنوع لندن فنحو ربع سكانها البالغ عددهم نحو سبعة ملايين ولدوا في الخارج وتضم نحو 200 عرقية ويتحدث افرادها أكثر من 300 لغة. لكن في سوق بريكستون المزدحم او في المناطق السكنية الراقية في كينسنجتون لا يظهر هذا التنوع,وقال فيليبس "نحن نسير في الاتجاه المعاكس."

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى